الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الغربيين من الثورات في الدول العربية-الإسلامية

الحايل عبد الفتاح

2012 / 6 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


موقف الغربيين من الثورات الحالية بالدول العربية-الإسلامية
موقف الغربيين من الثورات بالدول العربية-الإسلامية غريب ومدعاة لطرح العديد من التساؤلات، بل فيه نوع من الاستصغار والاحتقار اتجاه هذه الثورات، إلى درجة أنهم لا يعتبرون هذه الثورات ثورات كما طرا عندهم منذ قرون، بل تظاهرات أو انتفاضات اجتماعية عابرة فقط…
والدليل على هذا الموقف البارد المستخلص من محتوى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، الرسمية وغير الرسمية، ومدى علم المواطنين الغربيين بما حدث ويحدث لدى الشعوب العربية الإسلامية من تحول يقلب موازين القوى في اتجاه غير معلوم ولا مفهوم للغربيين...
فالغربيون الواعون ومن ضمنهم النخبة المثقفة تتساءل (بوعي أو بدونه) لماذا تأتي عندنا هذه الأعداد الهائلة من العرب ما دامت لهم دولة وأنظمة تابعين لها ؟
بالفعل، فالغرب لا يعرف الدول العربية إلا بواسطة أقلية قليلة من اليد العاملة البسيطة المهاجرة أو بواسطة كليشيات فلكلورية "كسكسية" أو "طاجينية"...
فهو برأيه هذا لا يرى التحول الفكري الذي طرأ على العقل البشري بالدول العربية...لأن وسائل الإعلام لديه مستلبة بالمصلحة الذاتية الفردانية ( خاصة السياسية) فضلا عن أن المواطن الغربي أصبح لا يرى في نفسه وصرته إلا الإنسان الراقي المتحضر بالمقارنة مع المهاجرين المعتبرين كسدج أو مستغلين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا...
فهو ، بعد الحرب العالمية الثانية، استقبل ملايين المهاجرين حين كان في حاجة إليهم للنهوض بالدولة...واستقطب ملايين المهاجرين الرسميين وغير الرسميين من الدول العربية وغير العربية...لكن منذ أواسط الثمانينات من القرن الماضي أصبح لا يتحكم في عدد المهاجرة لديه...بل اصبحت في نظره ( كالعديد من من السياسيين الغربيين) عائقا أمام التطور الاجتماعي والاقتصادي...فأصبحت الهجرة العربية مدمومة وموضوعا تلوكه التطاحنات على السلطة...وزاد من حدة هذا الشعور ما يعرف بالأزمة الاقتصادية الحالية.
على أي، فالغرب أصبح الآن في غنا عن هذه الهجرة الأجنبية...وصعدت أسهم ظاهرة العنصرية وتشديد شروط إقامة أو سياحة الأجانب، خاصة القادمين من الدول العربية. ومظاهر هذه العنصرية تجلت من خلال الحملات الحزبية بمناسبة الانتخابات الرئاسية و التشريعية بالعديد من الدول الغربية...
وهنا نقف لنقول أن الدول الغربية لها موقفان من العرب:
- موقف اتجاه الأنظمة العربية المستبدة
- وموقف اتجاه المهاجرين القادمين من الدول العربية
وهذين الموقفين المستندين على أسباب نظرية وعملية يجعلان من الغرب أداة ووسيلة لا تميز بين مصلحة الأنظمة العربية ومصلحة الشعب العربي.
فموقف الغرب اتجاه الأنظمة العربية ضل واضحا، ويتمثل في تأيده ومساندته للأنظمة الدكتاتورية بالدول العربية...سواء قبل الثورات العربية أو خلالها أو بعدها. فالدول الغربية بقيت تمد هذه الدول العربية بوسائل الاستمرارية في قهر شعوبها وتفقيرهم وتهجيرهم.
وعذرها – الرسمي أوالمفترض- في اتخاذ هذا الموقف الأول هو ادعائها احترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي للأنظمة الإستبدادية العربية. فهي من هذا المنطلق لا ترى في علاقتها بهذه الأنظمة سوى علاقة طبيعية قائمة على المصلحة المتبادلة في الميدان التجاري أو السياسي أو الدبلماسي...
لكن الحقيقة هي أن هذا المقف الغربي ينعكس إيجابيا على الأنظمة الدكتاتورية، وسلبا على الشعب العربي. فهو من جهة يضفي بدون شك الصفة الشرعية على الأنظمة العربية المستبدة، ومن جهة أخرى فهو معاد لمصالح الشعب العربي المقهور، لأنه موقف يشجع الأنظمة العربية القائمة على التمادي في ظلم وتفقير وتخويف شعوبها.
أما موقف الغرب من الشعب العربي فهو واضح أيضا. فهو يحقره ويصنفه في خانة التخلف ويجعل منه سببا في أزمة صناديقها الاجتماعية وارتفاع نسبة الإجرام... ومن ثم فهو يرفض مهاجري الأنظمة الدكتاتورية البوليسية.
هذين الموقفين ( موقف اتجاه الأنظمة العربية وموقف اتجاه الشعب العربي ) المتناقضين يجعل الشعب العربي في موقع الضحية، بين المطرقة والسنداب. وهما موقفين متناقضين جدا في مجال السياسة الخارجية مع والسياسة الداخلية.
وهذه هي المآخذة التي يؤاخذها الشعب العربي الإسلامي وغير الإسلامي على الغربيين، ويؤجج غضب هذه الشعوب. فهذه الأخيرة ترى هي أيضا في الهجرة ظاهرة شرعية سواء كانت سرية أو غير سرية لأسباب ومواقف معينة...ومن ثم أيضا فالعديد من "المفكرين" والدارسين يرون أن سبب تخلف الشعوب بالدول العربية هو الغرب أولا قبل الأنظمة القائمة بالدول العربية...
وهكذا سمعت، شخصيا، أحد المهاجرين العرب بأوروبا يقول : " فما دام الغربيون يؤيدون ويساندون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة التي هجرتنا من بلداننا، ويستقطبون ويستوردون أدمغتنا العربية بكلفة بخسة، ويتسلطون على المجتمعات العربية بشركاتهم المستحودة على خيرات البلاد، فما عليهم إلا أن يتحملوا بصدر رحب مهاجري هذه الأنظمة الإستبدادية".
وفي خضم هذا الصراع الفكري، ثلاث أسئلة لم يجب عنها الغربيون بطريقة واضحة وحاسمة :
السؤال الأول : لو أن الدول الغربية كفت عن مساعدة الأنظمة الدكتاتوية والإستبدادية البوليسية هل كانت هذه الأعداد الهائلة من المهاجرين من الدول العربية لتختار الهجرة في اتجاه الغرب؟
السؤال الثاني : لو كانت خيرات البلدان العربية موزعة بشكل عادل على الشعوب الدول العربية، هل كان من الممكن أن تكون رغبة العديد من الشباب في الهجرة إلى أوروبا أو أمريكا؟
السؤال الثالث : لو كانت بالدول العربية ديمقراطية سياسية واقتصادية واجتماعية، تحفظ كرامة مواطنيها وتحترم حقوقهم كإنسان ثم كمواطنين، هل كان من الممكن أن يفكر أبناءها في الهجرة إلى أوروبا أو أمريكا؟
هذه الأسئلة محرجة للغربيين والأنظمة العربية المتبدة، ويتراوغ المسؤولون الغربيون والحكام العرب في افجابة عنها...
أما الحقيقة فهي ان الهجرة هي الوجه الآخر للعملة التي تتعامل بها الدول الغربية الأوروبية والأمريكية مع الأنظمة العربية المستبدة، هي الثمن الذي يدفعه الأوروبيون مقابل تأييدهم لهذه الأنظمة الدبوليسية...
الهجرة هي البديل الشرعي والممكن أمام الشعوب العربية المضطهدة من بلدانها.
فالغرب إن كان يرفض الهجرة ولا يريدها فما عليه إلا أن يكف عن مساعدة الأنظمة الدكتاتورية المستبدة.
فما هي السياسة المتناسقة والديمقراطية التي يمكن للدول الغربية أن تنهجها للحد من الإرهاب والتطرف السياسي والديني و الهجرة العربية (إن كانت فعلا مصلحته في الحد منهما ) ؟
الجواب على هذا السؤال يتطلب البحث في مواضيع آخري لصيقة بالقروض والإعانات الدولية التي تتوصل بها الأنظمة الرجعية، والاستثمارات بالدول العربية، ومراقب العمل التنموي من طرف المنظمات غير الحكومية، وتشجيع الديمقراطية كحل للخروج من الأنظمة الاستبدادية البوليسية...
مثلا :
- في موضوع القروض الدولية :
- القروض الدولية يجب ان يستفيد منها الشعب لا النظام القائم لأن الشعب هو الذي يؤدي القرض والفوائد...
- مراقبة تصريف القروض الممنوحة لنظام، لأن أغلبية هذه القروض تدخل لجيوب الأنظمة الحاكمة لا لجيوب الشعب...
- تحديد الهدف من القروض قبل منحها : كأن تخصص مثلا للتغطية الصحية لجميع المواطنين بدون استثناء، أو الرفع من الحد الأدنى للأجور، أو بناد عدد معين من من المستشفيات وتجهيزاتها، أو بناء عدد معين من المساكن...
أما أن تمنح قروض للنظمة المستبدة لشراء أسلحة واستحكام السيطرة الرجعية فهذا يعني بيع الشعب للأنظمة بالسلف...
في موضوع الإستثمارات :
- تحديد حد أدنى للأجر يتناسب مع التكلفة المعيشية الحقيقية لا المفترضة من قبل الأنظمة الرجعية وفرض التغطية الاجتماعية والصحية على من يريد ان يستثمر...ومراقبة ذلك من طرف هيئات حكوميو وغير حكومية...
- ربط مسؤولية الإتفاقات الدولية ومن ضمنها الإتفاقيات مع الشركات الأجنبية بسلطة البرلمان لا الحكومة أو الأنظمة الرجعية القائمة...
في موضوع الديمقراطية:
- مساعدة الدول العربية للوصول للديمقراطية الحقيقية لا الديمقراطية المزيفة...لأن استتباب الديمقراطية رهين بتفاعلات وطنية ودولية...
- تفعيل الديمقراطية الدولية لا الوطنية فقط...
في موضوع البرنامج الدولي للتنمية البشرية:
- تعزيز وسائل المراقبة الموضوعية من طرف منظمات دولية غير حكومية ...
- تفعيل حقوق الإنسان على الصعيد الدولي لا الإقليمي فقط...
في موضوع الخلاف الفلسطيني الإسرائلي:
إيجاد حل بعيد عن أطراف خارجة عن الخصومة...

بطبيعة الحال هذه بعض الحلول من بين العديد من الحلول الأخرى لاستتباب الأمن والنظام الدولي...
أما في موضوع الثورات بالدول العربية-الإسلامية المدخلة في الاستصغار والتحقير من طرف الغربيين، فيجب على الغرب أن يساهم بوسائله القوية في إنجاحها، لأنها ثورات حقيقية لا خيالية...وسيعلم مستقرها فيما بعد، وحقيقتها العملية فيما بعد، ومصلحته منها وفيها فيما بعد...
كما أن الغرب مطالب بمحاربة جرثومة الأنظمة البوليسية الدكتاتورية العربية ليتمكن هو أيضا من الحد من هجرة الشعوب العربية الإسلامية وليضمن استقراره و معاملاته الدولية العربية أو غير العربية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم