الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نتائج الإنتخابات المصرية

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2012 / 6 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أسفرت الإنتخابات المصرية الأخيرة عن فوز الدكتور محمد مرسي بنسبة 51.73% من أصوات المقترعين البالغة قرابة 26 مليون ناخب من أصل ما يقارب ال60 مليون ناخب حيث بلغت نسبة الإقتراع 42.2%، فهل يشكل فوز مرسي بالرئاسة المصرية تتويجا لأهداف الثورة التي نادت بتغير النظام؟ وهل تغير النظام بمصر؟
ما تم و يتم في مصر إستبدال طبقي داخل البنية الطبقية الواحدة (البرجوازية)، لقد عملت البرجوازية المتوسطة على الإنتفاض نتاج تهميش دورها في سوق العمل بعد حالة الإنكماش الإقتصادي الذي تمر به مصر وما رافقه من بطالة عالية في أوساط الخريجين خلق إشكاليات إجتماعية عمقت الأزمة العامة في مصر الأمر الذي سهل تأطير الحراك الشبابي المثقف تحت شعارات إصلاحية في البداية مثل محاربة الفساد، إلغاء حالة الطوارئ، رفض التوريث. تطورت تدريجيا نتاج تأخر النظام ثلاثة عقود عن حركة الواقع المصري وإحتياجاته، لم يعد بالإمكان حكم الشعب العربي في مصر بذات الأدوات المستنده إلى القمع بعد أن خرج الملايين إلى الشوارع رافضين الإنصياع لمنطق التخويف القمعي الذي ساد العقود الماضية. لم يعد الشعب يقبل حكم النظام ولم يعد بإمكان النظام بشكله القائم حكم الشعب، بدأت إرهاصات الثورة بالتبلور وكان من الممكن تطويرها إلى ثورة، إلا أن غياب البرنامج السياسي نتاج غياب الحزب القائد للحراك أدى إلى الإرتجال في تحديد إحتياجات اللحظة السياسية مما سهل عملية الإختراق ومن ثم التهجين والإحتواء للثورة من خلال أكثر قوة تنظيما(الجيش )، لقد أستثمر الجيش حالة الفراغ السياسي الناتج عن غياب القوى الجذرية القادرة على حمل المشروع لنهاياته، قدم ذاته كجيش للشعب يعمل على حماية تطلعاته في التغيير مما سهل عليه نشر القوات المسلحة بمراكز المدن والتجمعات السكنية في محاولة لأخذ شرعية الشارع في إتمام توجهاته بعد إسقاط شرعية رموز النظام السابق الذين أعطوا الشرعية السياسية للجيش وتحركاته.
في سياق إتمام مشروع إحتواء الحراك الثوري عمل الجيش على عقد تحالفات مع الإخوان المسلمين تضمن له إستيعاب الشارع وتحديد أفاق التغيير من خلال تقاسم الأدوار مع أكبرالقوى تأثيرا في الشارع المصري نتاج القاعدة الشعبية التي عملت على بنائها خلال العقود الماضية مستغلة عملية التهميش الممنهجة من قبل النظام السابق للقطاعات الشعبية وما رافقها من مصاعب إقتصادية وإجتماعية شكلت عنصر جذب للفقراء والمهمشين للإستفادة من الخدمات الإغاثية التي قدمتها جماعة الإخوان.
مع قبول الإخوان المسلمين التقاسم الوظيفي مع الجيش تم تحديد الأدوار على النحو التالي :-
يشارك الإخوان في الإنتخابات لمجلس الشعب ولا يتنافسوا على منصب الرئاسة، مما يسمح للجيش دعم مرشح من خارج الثورة يشكل عامل توازن في الوضع السياسي الداخلي، المحافظة على دور ومكانة الجيش في الإقتصاد المصري، بعد ظهور نتائج الإنتخابات لمجلس الشعب وإكتساح الإسلاميين لمقاعده تغيرت قواعد اللعبة، ورغب الإخوان بتعزيز مكانتهم بالدولة فعملوا على :-
• إقرار قانون العزل السياسي.
• فرز مرشح للإنتخابات الرئاسية.
شكلت توجهات الإخوان تغيير لقواعد اللعبة التي تم الإتفاق عليها مع الجيش الأمر الذي دفع الجيش إلى إتخاذ مجموعة من الخطوات الوقائية لتفادي سيطرة شاملة للإخوان على مؤسسات الدولة منها ما هو مباشر والغير مباشر عبر أدوات قضائية ومنها :-
• حل مجلس الشعب والشورى.
• إلغاء قانون العزل السياسي.
• إصدار إعلان دستوري مكمل .
• إعادة تشكيل المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة.
أخذ المشهد السياسي في مصر بالتعقد وبات الصدام بين الإخوان والجيش وشيك فعمل كل طرف على التجييش لموقفه شعبيا ،خرجت مظاهرات مؤيدة للجيش وخطواته "الوقائية " وتجمع الملايين في ميدان التحرير يطالبوا بالشرعية الثورية التي بات التعبير عنها عبر صناديق الإقتراع مطلباً ملحاً، إلتزم الجيش بحماية الإنتخابات الرئاسية ولم يلتزم بنزاهتها وشفافيتها خاصة في جولة الإعادة خوفاً من خروج الأمور عن سيطرته في حال أفرزت الإنتخابات مرشح الإخوان محمد مرسي.
جرت الإنتخابات بأجواء هادئة نسبيا وتأجل الإعلان عن نتائجها لثلاث أيام بهدف صياغة العلاقة من جديد مع الإخوان من خلال إستخدام سياسة العصا والجزرة، الجيش يمتلك إمكانية إنجاح شفيق في حال رفض الإخوان إجراء تسويات حول كامب ديفد، مكانة الجيش، بقايا النظام السابق، شكل الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية ( الدفاع، الداخلية )، بعد جولات عديدة بين قيادات الإخوان المرشد العام محمد بديع وخيرت الشاطر مع المشير طنطاوي والمجلس العسكري تم التوافق بين الطرفين على القبول بقواعد اللعب المشتركة بحيث يوافق الإخوان على مطالب الجيش ويدعم الجيش فوز مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي ويعيد النظر بالإعلان الدستوري المكمل ويتم إعادة النظر في حل مجلس الشعب.
تم التوافق بين الطرفين وتم الإعلان عن فوز محمد مرسي بالرئاسة، لتبدأ مرحلة جديدة في مصر تقوم على تحالف بين الجيش والدين السياسي في محاولة لإستنساخ النموذج التركي في الحكم وفي أسوء الأحوال النموذج الباكستاني مع إستبعاد تكرار التجربة الجزائرية إرتباطا بالدور الإقليمي والدولي للإخوان المسلمين بالمرحلة القادمة.
ما يمكن إستنتاجه من مجريات ونتائج الإنتخابات :-
1. تراجع إهتمام الشارع المصري بالعملية الإنتخابية وما يدلل على ذلك إنخفاض نسبة المقترعين والتي وصلت إلى 42% في إنتخابات الإعادة .
2. إنقسام الشارع المصري لتياران الأول يدعم الدولة المدنية والثاني يؤيد الدولة الدينية .
3. حالة الإستقطاب العالي الذي يشهده المجتمع المصري والذي وصل إلى التصويت لأخر رئيس وزراء من العهد السابق بنسبة 47%.
4. إستعدادية الإخوان للمساومة على أهداف الثورة في سعيهم للوصول إلى السلطة .
5. ضرورة العمل على بلورة تيار ثالث يحمل القضية الوطنية المصرية بأفاقها القومية حيث عمل الدين السياسي على التنازل عن طرح القضايا القومية وركز على العلاقات الدولية العامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن