الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعيدة برحيلك (كاظم إسماعيل الكَاطع)

رغد عبد الزهرة

2012 / 6 / 29
الادب والفن


أنت تعلم, وقصائدك تعلم كم يعني لي وجودك, كم يعني لي , وكم أنا ممتنة لوجودك في الحياة, لكن اليوم أنا ممتنة لرحيلك أيها النورس الحزين.
التقيتك على الورق منذ كنت لا أزال في العاشرة, أسرق ديوانك (العيد أبو اهلالين), الذي يخفيه والدي بحرص. كي لا يودي بحياته هذا الديوان الممنوع.
لم أكن أفهم قصائدك...كانت الكلمات صعبة والصور صعبة على فهمي الصغير, وأن كنت أتفاعل بشدة واحياناً أبكي دون وعي عندما امر ببعض المقاطع:
شفك حزني؟ شذب يا ثوب؟....وبكلبي لكط لون القميص وصرت كلي أسود!
مثل عاشور, جني أعلام عشر بيوت!
أو:
لو تبجي مكاتيبج أنا اقرى حروفها بعيني...لجنها بكلبي منسية.
يل ذبج قطار الظيم , كلبي مو محطة يشيل عبرية!!
قصديتك الموجهة إلى نوح مثلاً...لم أفهمها لكني كنت أتباهى بحفظها أمام أبي؛ المفتون بك.
كم مرة كنت قريباً, لكني لم أتوجه لزيارتك. وكم مرة حدثني أصدقائي الشعراء عن روعة الحصول على شهادة من شاعر بحجمك, لكني لم أفكر بعرض شيء عليك. كنت فقط أراقب من بعيد..وكلي أمل أن تحلق أيها النورس.
وجودك على قيد الحياة, أو على قيد الألم, كان ألماً لا يطاق بالنسبة إلي. أكره كل حملات التبرع لعلاجك, أكره كل من يستعرض صورك وانت على فراش المرض ويتباهى أنه كان بجانبك. كانت الشماتة تفيض حتى من تلك الوجوه المتقنعة بالحب.
أنت أكبر من هذا؛ أنت رب الشعر الشعبي, أنت المجنون الشكسبيري الذي ترجم قصائد شكسبير إلى العامية...
أنت كاظم إسماعيل الكاطع؛ الفتى المدهش , كاتب (انتهينا) ثم (رسالة أم), هذه القصيدة التي حفظها أحد الاصدقاء ممن جايلك رغم أنه لم يسمعها الا مرة واحدة. كان يقرأ لي تلك القصيدة ويقول لي: رغد, ليتكِ كنتِ معنا...هذا اليوم الذي ولدت لأجله!
حينما جاء خبر وفاتك؛ اتصلت بي اخواتي و بعض صديقاتي لتعزيتي بك, أو ليسخرن مني! فقد أعتادن أن أنصب عزاءا عدة أيام كلما توفي شاعر أو كاتب ممن أحبهم.
لكنهم تفاجاؤا أني لم افعل هذه المرة, بل ابتسمت وانا اتذكر قول لجبران خليل جبران في عزاء أحد أصدقائه:
" لا تقرعوا الصدور حزناً عليه, فهو بين أجنحة الموت أكثر حرية من المقيدن بسلاسل الحياة".
أذاً كاظم إسماعيل الكَاطع....التقيك في حياة أخرى , مبتسما, بكامل عافيتك, يحيط بكَ كل من فقدتهم, وساسمع منك آخر قصائدك وسأعرض عليك قصائدي ....واستمع إلى ملاحظاتك بحب.
وداعاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشد على يديك
قاسم محمد حنون ( 2012 / 6 / 29 - 13:53 )
عاشت ايدك ايتها الانسانة وانت تترجمي انسانية وشعر الكاطع الذي لم يرحمه من شدة الضغوطات حتى رفاقه


2 - قاسم محمد حنون
رغد عبد الزهرة ( 2012 / 6 / 29 - 16:42 )
سيدي الكريم؛
شكراً لإصغائك...لم أكن قطعاً قادرة على كتابة رثاء له..على عمق تأثري به.
وانزعجت من كثرة المتزلفين الذي لم يذكروا الكاطع ألا بعد وفاته.
محاولة بسيطة...أتمنى أن تفي ولو بقليل من حقه (رحمه الله)...
مودتي.


3 - وداعاً كاظم اسماعيل
فاهم إيدام ( 2012 / 6 / 30 - 16:21 )
هذه ليست مجرّد محاوله... إنه الرثاء بعينه. أنا احد محبي شعر الفقيد واشكركِ على ما قرأته توّاً.

سيده رغد ممكن تنشري من اشعارك هنا في الحوار لنقرأ..؟؟


4 - فاهم إيدام
رغد عبد الزهرة ( 2012 / 7 / 1 - 19:39 )
شاكرة مرورك الجميل...
أن شاء الشعر ...ستجد خطوات قصائدي الطريق الى قلوبكم على درب هذا الحوار المتمدن.
تحيتي

اخر الافلام

.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان


.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو




.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف


.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول




.. إخلاء سبيل الفنان المصري عباس أبو الحسن بكفالة مالية بعد دهس