الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة المواطنة

جمال الهنداوي

2012 / 6 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حين تعجز الثقافة أن تكون حاضنة للتنوع، فستكون أقرب لان تكون سببا لاستنبات بذور العنف والتطرف والشقاق. وهذا قد يكون تعبيرا ملائما لإشكالية التثقيف القومي المتقادم الذي ساد الحياة العربية كتعبير عن الدولة كفكرة وشعار للتفوق العرقي وكآلية للسلطة والسيطرة، وهي الثقافة التي أخفقت في التعبير عن الأمة كتنوع وإجماع سياسي.
من الواضح ان صراع الهويات الثقافي في الواقع العربي المعاش مليء بالتحديات الخطيرة,التي تصل الى تهديد الاستقرار والسلم الاهلي لكثير من دوله ومجتمعاته..ومرشحة لتطورات قد تطول الجميع وتدخل المنطقة في اتون نزاعات لا يمكن وصفها الا بالعبثية..تستنزف قوى المجتمع وتضعفه.. وتعمّق الهوة وتنأى بالمسافات ما بين جميع الأطراف والمكونات الاصيلة التي تشكل الفسيفساء الوطني ..ولن نكون مجانبين كثيرا للصواب لو احلنا جميع هذه المشاكل الى عامل غياب التثقيف الذي ينمى من علاقات المواطنة بين مكونات وفعاليات المجتمع الواحد واعلاء الهوية الوطنية الجامعة مقابل الهويات الفرعية المتبناة من قبل النظام ومحاولة اعمامها على المجتمع..
فحينما تتراجع قيم المواطنة في العلاقات بين مكونات المجتمع، تزداد فرص التوترات الداخلية..والى هذا يمكننا ان نعزو جل المآزق البنيوية الخطيرة المترتبة على فرض احادي فوقي قاهر للخيارات السياسية والثقافية للمجموع,وتجاهل اليات المشروع الوطني والذي يستهدف استيعاب أطياف المجتمع,مما يحتم ادخال البلد في تناقضات واسئلة تتعلق بالهوية والانتماء قد تهدد استقراره السياسي والامني..
كما إن نزعات الاقصاء والاستئصال والتهميش وفرض اعمام قسري لمتبنيات النظام السياسية والايديولوجية,لا تقدم اي حلول قد تفضي إلى معالجة التقاطعات والاختناقات المجتمعية, بل قد توفر لها المزيد من المبررات والمسوغات..
والعراق كبلد مكون من باقة من الاطياف والانتماءات الكريمة الضاربة في عمق التاريخ بحاجة الى جهد ثقافي خلاق ودؤوب لتثبيت المشتركات الكثيرة والمتناثرة على طول القرون التي تشكل عمر التعايش بين مكوناته ضمن ثقافة وطنية جامعة مهيمنة معلية للهوية العراقية اللامة والضامة والشاملة..
يمكننا ايضا ان نقول ان الانتفاضات الشعبية الاخيرة في المنطقة والحراك السياسي المصاحب لها قد وضع جميع دول المنطقة امام خيارات محددة بقسوة,وهي اما الدفع المعاند المكابر باتجاه المزيد من التداعي والتآكل من خلال تبني سياسات الامر الواقع المسند بتوجهات النظام ورؤاه,او اتباع اسلوب الاصلاح والتنمية عن طريق الحوار الوطني الجامع الشامل لجميع أطياف المجتمع ومكوناته والهادف الى دمجها في الحياة السياسية العامة, وانشاء الدولة الوطنية المنفتحة المتفاعلة المستوعبة للجميع،بحيث لا يشعر أحد بالاقصاء اوالاستبعاد,دولة العدل والمساواة لجميع المواطنين بصرف النظر عن الدين أو المذهب أو القومية ..الدولة التي تعلي من قيم المواطنة باعتبارها العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين جميع الأطراف..
فالمواطنة هي الهوية الجامعة,وهي الركن الذي يحتمي به الجميع,وهي التي تمنع ان تتغول فئة او طيف من المجتمع على الآخر,وهي التي تساوي الجميع من حيث الحقوق والواجبات,وهي الحل للكثير من التناقضات المجتمعية التي من الممكن ان تطرأ على العلاقة بين مكونات البلد الواحد..واخيرا. فدولة المواطنة هي بالتأكيد المنظومة الذي قد لا يرغب ابناؤها في الانفصال عنها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة