الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم افترشت الثقافة الأرض في شارع المتنبي

علي عبد الكريم حسون

2012 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


نعيم الشطري مات واقفا

إعتادت شعوب العالم أن تقتني الكتاب من رفوف المكتبات شراء أو إستعارة , فكان هناك من تخصص ببيع الكتب وتأسيس مكتبات أهلية لبيعها # . صحيح أنها تجارة وباب للرزق , لكن أغلب أصحابها كانت علاقتهم بالكتاب , محبة وهوى وإستغراقا بالمطالعة لابل بفهرستها .
ومع التطور العلمي ودخول التكنولوجيا , عالم الكتب وتأسيس دور النشر كمؤسسات , وتطور صناعة الكتاب طباعة وتنضيدا , وتعدد معارض الكتاب , وإنفتاح أهل العراق بعد 2003 على عالم الأنترنيت . كان المتوقع تراجع أهمية الكتاب قراءة وإقتناءا . ولمحال الكتاب أن تقضي وبحكم الواقع أيضا على ثقافة ( كتاب الرصيف ) الذي إفترش الأرض في التسعينات من القرن الماضي , في شارع حمل إسم المتنبي . لكننا شاهدنا العكس , فهاهي أيام ( الجمع ) بساعاتها الست الصباحية لاتزال تزهو بروادها , وبقي الرصيف يحتضن الكتب على شكل ( بسطات ) ليكون بمتناول أهل بغداد .
زمن المقبور , كان لمثقفي وأدباء وفناني وكتّاب بغداد , مأوى وحيدا في شارع حمل إسم ( الكمكخانة ) ## قديما والمتنبي حديثا , والممتد بزاوية قائمة مع سوق السراي , رديفه الحديث القديم , وبمدخليه المطلين على شارع الرشيد من جهة والقشلة من الجانب الآخر .
إحتارت أجهزة أمن النظام الفاشي في إيجاد طريقة للمنع أو الحد من هذا التواجد الكثيف للمثقفين في ( جمع المتنبي ) . إعتقلت بعض رواده وحققت مع أصحاب البسطات ### وإستدعت آخرين منهم إلى غرف الأمن , ولفقت للبعض تهما أخرى ... وأرادت إحتواء الشارع بضخ بعض مطبّليها فيه , وخصصت ضباط أمن للأشراف على حركته ومراقبة الداخلين والخارجين منه نعم أصابت الصدمة هذه الأجهزة , عندما إكتشفت أن المستنسخ لايقتصر على الكتب الأدبية والفنية , بل تعداه إلى الكتب الممنوعة لكتاب تقدميين وعلمانيين وديمقراطيين وليبراليين . فهاهي كتب : سيد القمني ونصر حامد أبوزيد وخليل عبد الكريم ونجم محمود ( صاحب كتاب المقايضة ) ومجلات وجهات نظر والثقافة الجديدة ورسالة العراق وبيانات وبلاغات الشيوعيين في الخارج وكردستان . تصل وتستنسخ وتباع وتوزع سرا وبشكل شبه علني.
(الأشجار تموت واقفة ) :
----------------------------
نعم فالموت وقوفا يليق بقامة شامخة كأبي ربيع إبن الغراف والشطرة , النافي نفسه لبغداد , بعيدا عن مدينته منذ الستينيات ولغاية موته ومغادرته لنا جسدا , قبل إسبوع من الآن ... عاش الشطري نعيم في شارع المتنبي ولم يغادره أبدا , بل غادر عش الزوجية , وبقي لصيقا بمحله الذي هو عبارة عن شق أرضي على شكل مسطرة , وغرفة (حقيرة ) على حد تعبيره يلتجأ إليها ليلا .... وصوت جهوري يعلن عبره عن مزاد كتبه , فيقدم للكتاب الذي يبيعه بأحسن مما كتب له من مقدمة .
عاش نعيم الشطري , بكبرياء وشموخ , لم تنل منه مضايقات أمن صدام , ولا شظف العيش الذي يعانيه . فبقيت كرامته خطا حمر , لايسمح بتجاوزه , فلم يقبل من أيّ منا , نحن أصدقائه المقربين , منة أو معونة مادية . كان لنا مأوى وهو بلا مأوى .
اليوم الجمعة التاسع والعشرين من حزيران 2012 , كان التأبين في الشارع وأمام محله ( محل الكتبي نعيم الشطري ) من محبيه وأصدقائه والمارين صدفة أو تقصدا . كان هناك شعرا يتلى وقصائد تلقى , وكلمات فيها من العهد على مواصلة درب الكتاب والثقافة الشيء الكثير .
-------------------------------------------------------------------------------------

# لازلنا نحن طلبة الجامعات في حقبة الستينيات نحّن لأيام تجوالنا بحثا عن مصدر علمي لبحوثنا فيتلقفنا المرحوم حسن الفلفلي موجها إيانا نحو الزاد الثقافي بمحل كتبه المتواضع في سوق السراي .
## كلمة تركية أطلقت على الشارع زمن الأحتلال العثماني لوقوع المخبز العسكري فيه .
### وأشهر ( البسطات ) بسطة الأستاذ صباح محمد علي / أبوسوران مدرس التأريخ والتارك وظيفته زمن تبعيث التعليم مفضلا بيع الثقافة ككتب ومعرفة . ويوما ما إضطر لبيع ربع كتب مكتبته ليشتري بثمنها بيتا بائسا في محلة الصدرية بشارع الكفاح ليأوي به زوجة محترمة وولدين . وكذلك بسطة إبن مدينة الثورة علي خنجر / أبو أمير والذي واصل تعليمه لبتخرج محاميا . وبسطة الدكتور عبد الهادي سعيد وأخيه , وبسطة كريم حنش الذي حوّلها بعد ذلك إلى مكتبة عامرة , كذلك بسطة الرائع الذي زودّنا بالكتب الممنوعة سعدون هليل / أبو محمد , وبسطة مازن لطيف الشاب المتواصل مع الثقافة والكاتب في موقع الحوار المتمدن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فاكهة الحسون
علي فهد ياسين ( 2012 / 6 / 30 - 13:48 )
ايها الجميل
أطعمنا من فاكهتك الفكرية العصية على تجار الدجل والانتهازية
واستمر بضخ ماينفع منها تباعاً لتكون شاهداً أميناً على عقود من القمع
متبوعةً بعقد من التجهيل لغاية تكريم الشرفاء والوطنيين الحقيقيين
لتبقى أسمائهم قناديل مضيئة في ذاكرة شعبهم الذي أحبوه وناضلوا
من أجل حياة كريمة لأبنائه
دمت فاضلاً وكريماً


2 - هل أتاك حديث صلاح عبد الرزاق / محافظ بغداد
علي عبد الكريم حسون ( 2012 / 7 / 2 - 08:42 )
العزيز علي فهد / طيب المنى ولطف التحايا لك ولكل الطيبين
في الطريق لشلرع المتنبي يوم الجمعة 29 - 6 لحضور تأبين الكتبي بن الغراف الشطري نعيم شاهدنا العجب العجاب فالطريق مغلق من ساحة حافظ القاضي حتى ساحة الميدان ومثله من ساحة الوثية وأرتال من السيارات رباعية الدفع والمظللة والهمرات من شرطة اتحادية وجيش ودراجات شرطة المرور لاتعد ولا تحصى . عندما دخلنا المتنبي فوجئنا بأن المحافظ صلاح قد أعد وليمة فيها مالذ وطاب للوفود التي جاءت للأحتفال بعيد الصحافة وكانت المطربتين مادلين مطر وشيرين على رأس المدعوين . مع ذلك فلقد أبنا الراحل الشطري على باب محلة بقصائد وكلمات . وحضرنا ندوة المدى في دارهم في نهاية الشارع
المخلص لك
سميك / علي عبد الكريم
2 - تموز


3 - لاعجب ولاعجاب
علي فهد ياسين ( 2012 / 7 / 2 - 09:25 )
الفاضل علي الحسون
تحية واحترام
ماحدث لاعجب ولاعجاب بل هو تجسيد دقيق للمشهد العراقي منذ عقود
فهؤلاء نحن نؤبن الفقيد نعيم الشطري ومن على نهجه ووطنيته وكفاحه من أجل غد أفضل للشعب واولئك هم يحتفلون على طريقتهم ويختارون ضيوفهم ممن لايهمهم ماجرى ويجري للعراقيين
هم مدججون بالاسلحة ومحاطون بالحديد والحرس والهمرات ونحن محملين بالوفاء والامتنان للفقيد المغادر فشتان بين الفريقين
قد تكون المفارقة هي ان الشطري مالئ الشارع وشاغل الناس أبى الأ ان يكون مكان وزمان تأبينه جامعاً لكل الأطراف حتى لو كان ذلك بهذه السريالية المحزنة
الذكر الطيب للعم نعيم
والشكر والعرفان لكل محبيه
ودمت كريما


4 - العليين الورود
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 7 / 4 - 07:36 )
همزين تالي ابن خالي قره للغالي علي عبد الكريم حسون
كَلت ما اكَله الى ان يلكفهه هو واليوم همزين
بس على الورد علي فهد ان يعود الى كل ما نشره العزيز علي ليكتب على كل موضوع تعليق لان هذه هم عقوبه وهم تعليق علي فهد مهم حته يقراه رعد سعدون الورد ولو ما ادري استاذ علي وصل سلامنه اللاستاذ كتاب والصديق رعد
اكرر التحيه


5 - ذهبت من أول يوم
علي عبد الكريم حسون ( 2012 / 7 / 4 - 17:36 )
الأخ العزيز عبد الرضا حمد جاسم
طيب التحايا وأرق المنى لك ولسمييّ علي فهد ولكل الطيبين
نعم ذهبت منذ أول رسالة منك لي . فكيف لاأذهب لأنقل تحايا من بعيد قريب . والآن قبل ساعة ذهبت من جديد وفي كلتا الحالتين لم أجد أبا أرسلان . فأم أرسلان قد خرجت قبل أيام قليلة من المستشفى سالمة معافاة .
أما الأخ رعد فقد عاد من الهند قبل شهرين وتكللت عملية فتح الشرايين له بالنجاح هناك .
سأعاود الأتصال بالأخ كتاب ثانية .
دمت لأخيك أبو حسين وتحياتي لعائلة المرحوم فريد قاسم .
علي عبد الكريم حسون

اخر الافلام

.. نبض فرنسا: هل يتجه المشهد السياسي نحو قطبية ثنائية على حساب


.. مقتل أكثر من 100 جندي من بوركينا فاسو في منطقة قرب الحدود مع




.. شخصيات فنية رياضية تدعو إلى منع فوز اليمين المتشدد في التشري


.. إسماعيل هنية في كلمة لأهل غزة: تضحياتكم تصنع النصر




.. البرهان يؤكد ثقته بالنصر ودقلو يتهمه بالانسحاب من المفاوضات