الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر حول حزب ليبرالي انتخابي

وليد مبيض

2005 / 2 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مشهد الساحة السياسية السورية يضم حالياً قوى سياسية مختلفة من إسلامية وقومية ويسارية، سواء في جبهة النظام، أم في المعارضة، إلى جانب عدد كبير من المثقفين الديمقراطيين المستقلين، دون أن يكون مسموحاً تشكيل أحزاب ليبرالية، ورغم هذا الحظر الذي يبدو وكأنه لدى النظام فيتو على قيامها، فقد شهد القرن الجديد مشروعين لقيام حزب ليبرالي، لكن التجربتين قمعتا، فانتهتا سريعاً وفور الإعلان عنهما.
لذلك أظن أن الهامش السياسي الموجود في سورية راهناً يسمح بالحوار فقط، لأن شروط نشوء وتطور الحزب الليبرالي ليست متوفرة والتي يمكن تلخيصها بما يلي:
ـ الشرعية القانونية، التي تتيح لأي حزب حماية القانون، ليستطيع تحت مظلتها التواصل مع الناس، ونشر برامجه، والتعريف بمرشحيه.
ـ العلنية، فالعمل الديمقراطي الحزبي يحتاج للشفافية، ليتعرف الناس على قيادته وأعضائه، وعلى برامجه، وأعماله، كما أن تجارب العمل السري الحزبي التي مرت بها كثير من الأحزاب السورية قد أدت إلى فشل تلك التجارب، لأن أجهزة الأمن أقوى من أي تنظيم سياسي، ولأن السرية تمنع الحزب من الاختلاط الفعال بالناس، فيبقى محدود الشعبية والفعالية.
ـ السلم، فالحزب الليبرالي واتباعاً لمبادئه لا يستطيع تبني أسلوب العنف، وليس له من سبيل سوى العمل السلمي، وهذا يتطلب جواً اجتماعياً ينبذ الإرهاب والعنف.
هذه الشروط تتدعم بتبني أسلوب عمل جديد يمكن أن نطلق عليه صفة الحزب الانتخابي، الذي يختلف جوهرياً عن صيغة الحزب اللينيني التي اعتمدتها غالبية الأحزاب السورية، وأصبحت أيقونة لا يجوز المس بها، ورست مع الأيام على مظاهر عديدة:
أمين عام، لجنة مركزية، هرمية، انضباط والتزام بأوامر القيادة، واجبات تفوق الحقوق، اجتماعات دورية، اشتراك مالي شهري، عقوبات، لجنة تفتيش أو محكمة حزبية...
أظن أن الحاجة أصبحت ماسة لحزب من نمط جديد، حزب جربت أشكاله الجديدة في الدول المتقدمة، لا يملك أياً من صفات الحزب اللينيني، ونشاطه الرئيسي يكون حول سياسات وبرنامج عملي مرتبط زمنياً بالدورة الانتخابية، وعملياً بالقضايا القديمة أو الجديدة التي تواجه المجتمع.
ـ هذا الحزب لا يفرض من واجبات على العضو سوى المشاركة في الانتخابات العامة، والمساهمة في نشر خطط الحزب والدعاية لها، أما حقوقه فتمتد من الحق في نشر الرأي المخالف في إعلام الحزب أو في أي إعلام آخر، وفي تجميع المناصرين لرأيه للوصول إلى أغلبية تسمح بتغيير في خطط الحزب أو قياداته، وطبعاً لا ننسى حقه في الترشيح والانتخاب لقيادة الحزب السياسية أو الإدارية.


ـ لا اجتماعات دورية، ولا فرق أو حلقات أو خلايا، إنما أعضاء متساوون يعقدون مؤتمرات أو اجتماعات تتحدد حسب الضرورة، وبطلب من غالبية الأعضاء.
ـ لا اشتراك مالي، وإنما تغطى نفقات الحزب بتبرعات الأعضاء وغيرهم، دون إلزام بحد معين مالي أو زمني.
ـ لا يتعرض أي عضو في الحزب لعقوبات حزبية، وليس في الحزب هيئة تفتيشية أو محكمة، وإنما يدعي الحزب أمام القضاء العادي، على أي مسيء، وكمثال إذا ارتكب عضو جرماً مالياً كاختلاس أموال الحزب...
ـ رئيس الحزب هو مرشح الحزب لأعلى سلطة تنفيذية، وقيادته السياسية جماعية تضم إضافة للرئيس مرشحي الحزب للبرلمان وللحكومة، ولنفس الفترة الانتخابية العامة فقط.
ـ يتألف الحزب من ثلاث مستويات تنظيمية فقط:
المنتسبون، المؤتمر العام، القيادة السياسية والإدارية.
يبدأ مثل هذا الحزب بطرح وثيقة ديمقراطية عامة، ثم تنظم لجنة مؤسسة جدول الأعضاء، الذين لا تشترط لعضويتهم سوى المواطنة، والتوجه الديمقراطي، ويعقد كل هؤلاء الأعضاء مؤتمراً تأسيسياً، يمكن لكل مواطن حضوره حتى ولو لم يكن مسجلاً في قوائم العضوية، ولكن لا يحق له التصويت إلا إذا تقدم بطلب انتساب أثناء عقد المؤتمر، وقبل التصويت على القضايا والأشخاص.
يناقش المؤتمر التأسيسي خطته وبرامجه لأول عملية انتخابية، ثم ينتخب مرشحيه للبرلمان وللحكومة الذين يشكلون قيادته السياسية، وينتخب إدارة للحزب لا تكون لها أي مهمة سياسية، وتنحصر مهامها في القضايا الإدارية: كتنظيم عقد المؤتمرات، ونشر أدبيات الحزب، والمالية...
فيما بعد المؤتمر التأسيسي، يصبح الحزب قائماً ولديه برنامج وقيادة، حينها تبدأ حياته الفعلية، فيصبح عقد المؤتمر العام قبل كل دورة انتخابية أمراً محتوماً، تنظم القيادة الإدارية طريقة انتخاب المندوبين، ومكانه وزمانه، وكل الأمور الفنية لإنجاحه.
كما تسبق عقد المؤتمر العام، عقد مؤتمرات تداولية تخصصية: كمؤتمر حول الزراعة أو الصناعة أو الاقتصاد أو السياسة الخارجية، ومؤتمرات مناطقية لتحديد المشاكل الخاصة بكل منطقة، وطرح برامج ومرشحي الحزب لكل هذه الأمور.
أظن أن المسافة الفاصلة بين قيام مثل هكذا أحزاب، وبين الوضع الراهن، لا يمكن قياسها زمنياً بشكل مسبق، ولكن الممكن الراهن هو الحوار حولها، إلى أن يتوسع الهامش الديمقراطي، حينها لكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر