الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايتان متشابهتان:الأولى ببادية﴿ ج ﴾بالمغرب وأخرى بالقاهرة

محمد حدوي

2012 / 6 / 30
الادب والفن


في قرانا وبوادينا المنسية ،رجال حكماء بالفطرة، جلهم لم تطأ أرجلهم المدرسة قط، فتعثر حظهم، وظلوا الطريق في الأودية والشعاب الملتوية المؤدية الى قمة النبوغ والشهرة،عكس رجال أتتهم الشروط والظروف، وأتيحت لهم الفرص، وصقلت مواهبهم في المدارس والمعاهد والجامعات في المدن ،وصارت اسماؤهم تذكر على كل لسان مع نجوم قبة السماء الثابثة..و هذا ما سنراه من خلال عرضنا لقصتين، واحدة من بادية نسميها من الآن بادية ﴿ ج ﴾بالمغرب، واخرى من القاهرة بمصر- أم الدنيا-..هذه القصص حدتثا قبل بروز ما نعرفه اليوم من ثورة معلوماتية وما رافقها من صخب ظهور صحافة جهوية ومواقع اليكترونية متنوعة،حدتثا في ذلك الزمن الذي كان يسمع فيه الناس بما يسمى بالصحافة الوطنية التي ذهب بريقها اليوم لصالح ما يسمى الصحافة الجهوية.وكانت الصحافة الوطنية أنذاك في ذلك العهد البائد تسكن في عواصم الدول مثل القاهرة، أو الرباط،أو طرابلس، أو لندن ..وحتى نفهم القصتين جيدا ينبغي، أولا ،ان نوضح أن الصحافة النخبوية أنذاك لاتنشر في الجرائد الورقية إلا أسماء علية القوم ، أما أسماءوأحداث شخصيات عالم الهوامش فلاتستحق في نظرهم النشر ولاالذكرولا الظهور ..
آآآلوووو.. هنا بادية ﴿ ج ﴾بالمغرب في الهامش المنسي:
فلاح ميسور الحال إسمه ﴿ي﴾من بادية إسمها ﴿ ج ﴾ ،لايعرف هذا الفلاح كيف يكتب إسمه، لكنه ظل يرزح تحت وطأة طنين رغبة جامحة وجنونية في أن يصبح اسمه منشورا يظهر بجريدة من الجرائد الوطنية المعروفة في ذلك الزمن.. ولوضع حد لمعاناته، قصدصديقا له من الثقاة يدعى ﴿أ﴾ ليلتمس منه النصح والإرشاد لعله يدله على الطريق السوي لتحقيق حلمه العنيد الذي بات يؤرقه طنينه كل يوم ويسبب له في التعاسة والحزن ما لايطاق..
- ﴿ي﴾:ماالسبيل يا ﴿أ ﴾ لأنشر إسمي بجريد من الجرائد الوطنية المعروفة؟
-﴿أ ﴾،يسأل﴿ي﴾:
هل انت وزير؟
-﴿ي﴾:لا.
-﴿أ﴾: هل انت برلماني؟
-﴿ي﴾:لا.
-﴿ أ﴾:هل انت مقاول مشهور؟
-﴿ي﴾:لا.
-﴿أ﴾:ما عليك، ياصديقي العزيز ، إلا أن تلقي بنفسك في بئر سحيق من آبار بلدتك وسنستدعي حينها رجال الإنقاذ والسلطات المحلية، وسيأتي معهم من ينشر إسمك في ركن الإنتحارات والحوادث، وسيصبح إسمك وحكايتك على ذكركل لسان بالمنطقة؟؟؟!!!!

نعم آلوووو..هنا القاهرة بمصر أم الدنيا..
قبل أن أشرع في عرض قصة مشابهة لما جرى ببادية ﴿ ج ﴾ وهذه المرة في القاهرة بمصر لدي أعزائي الكرام سؤال أولا :
رغم أنني لا أفهم لماذا سميت مصر بأم الدنيا سأغامربطرح سؤال بليد ، هل سميت مصربأم الدنيا لأنها تملك أثداء؟؟؟!!!! ، وإذا كانت مصر تلقب بأم الدنيا ولما لانلقب نحن بلدنا بأب الدنيا؟
عودة الى الموضوع:
على غرار ما حدث ل ﴿ي﴾و ﴿أ﴾ ببادية ﴿ ج ﴾ ، نجد نفس الحالة هذه المرةمع كاتب مصري بارز يدعى عبد العزيز البشري.وبالنسبة لمن لايعرف هذا الكاتب المصري الراحل، فهو كاتب وشخص ساخر مثل ﴿ي﴾و﴿أ﴾ ببادية﴿ ج ﴾ ..الفرق بينهما أن الأول عاش في مصر وتعلم وهو ابن مدينة القاهرة ،والآخران في منطقة منسية لم يعرفا من المدرسة الا الإسم ، كما أن الأول طبقت شهرته كافة أرجاء بلد مصر وتعداد سكان مصر تفوق 80مليون نسمة كما تعلمون ولقب بشيخ الساخرين، والآخران لايعرفهما إلا أبناء منطقتهما الذين نقلت عنهم هذه الحكاية وحكايات اخرى ساخرة..أما قصة كاتبنا المصري الساخر فهي كما يلي:
شوهد عبد العزيز البشري ذات مرة حزينا فسأله الكاتب والشاعر المصري المرموق حافظ إبراهيم عن سبب حزنه فروى البشري القصة قائلا:
جاءني اليوم رجل من بلدة نائية يرغب ويلح في نشر إسمه بالجريدة، وسألته، هل أنت عمدة؟، فأجاب بالنفي..
..؟ هل كنت ضمن زوار رئيس الوزراء
قال:
لا.
هل مات قريب لك فننشر إسمك في صفحة الوفيات فنكتب مثلا، توفي فلان بن فلان قريب فلان؟
أجاب: لا .
فقلت له: اسمع ياعزيزي اذهب فارم بنفسك تحت الترام وعندئذ ننشر
إسمك؟؟؟!!!!
زبدة القول ياجماعة الخير:
هذه القصة على بساطتها تعكس حالة من حالات الإعلام النخبوي الإقصائي السائد في فترة ما قبل الثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الإجتماعي..ففي ذلك العهد الغابرمن أراد أن ينشر إسمه بجريدة ما عليه إلا ان يكون إما من زواردواوين الوزراء أومن علية القوم ومن يدور في فلكهم، أويرمي بنفسه في بئر سحيق إن كان في البادية، أو تحت الترام أو القطار إن كان من ابناء المدينة ليذكر إسمه ضمن قائمة الأموات والحوادث والإنتحارات . هذا هو حال الصحافة والإعلام النخبوي البورجوازي الإقصائي في بلداننا المتخلفة في ذلك الزمن .ونفس الحالة البئيسة التي يعاني منها إعلامنا المغلوط يعاني منها حتى التاريخ المزورالذي هو تاريخ النخب الإنتهازية، أما الشعوب المسحوقة فلتذهب أعمالهم وانتاجاتهم التي هي في الغالب شفوية الى الجحيم .واليوم، بعد انتشار وسائل الإعلام والأنترنيت ووسائل التواصال المختلفة التي قلبت الأوضاع رأسا على عقب ليس في مصرفحسب ، بل في العالم برمته، فأي دور يتبقى لما يسمى بالصحافة االوطنية النخبوية ياترى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل