الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغربة السوداء - قصة قصيرة -

محمد فوزي العجيلي

2012 / 6 / 30
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


رتل طويل من السيارات متوجه نحو الشمال حيث الجبال الشاهقة والاشجار المتلاصقة مع بعضها... والبحيرات تتهادى بدلال على الطرقات تتمايل على صفحة مائها اشعة الشمس والكل يتطلع في هذا اليوم الحزيراني الجميل ليرى الشمس في افقها في منتصف الليل ويعلم انها لن تغيب اليوم وستبقى تدور في الافق حتى تبدأ بالصعود مرة اخرى بدون ان يلامس قرصها الافق والكل يتسابق للوصول الى مكان الاحتفال بعيد منتصف الصيف ليمتعوا بصرهم ويسجلوا في ذاكرتهم هذا الحدث الذي لا يتكرر الامرة كل عام ...لم يكن ذلك شيئا غريبا عليهم لانهم اعتادوا عليه كل عام ولكنه كان غريبا علينا نحن القادمين من الشرق لان شمسنا تتعب من مسيرتها النهارية لترتاح في غروب جميل .. والغربة فينا نحن اصحاب الشعر الاسود وخاصة عندما تكون حاضرا في بلاد الشمال كالسويد مثلا فهناك تدور اسئلة كثيرة في ذهنك ويبقى شعور الغربة طاغيا ويتنافس هذا الشعور حتى مع وجودنا لانه بحد ذاته يسجل حضورا تملؤه الغربة وتحيط بكل خلية من خلاياه ...ابعدني هذا الشعور بالغربة عن موكب السيارات الطويل وهو يمشي ببطء لكثرة الصاعدين الى الشمال وانا اتذكر مدينتي الهادئة وكيف تتكئ على دجلة وهو يمر ببطء بين وديانها وسهولها وتذكرت الاهل والاحبة وزقاقاتها المكتظة بالاطفال وهم يملؤون الجو مرحا وحركة وحياة وفجأة افقت من غيبوبتي الواعية وانا المح رجل البوليس يؤشر لي بالوقوف انتبهت بسرعة الى كل تعليمات ومستلزمات السياقة , الاضواء منارة , الحزام يلف جسدي والى و الى ...حيث كان كل شئ حسب النظام المروري المقرر من قبلهم ...خرجت جانبا عن الطريق بعد ان اعطيت الاشارة الضوئية اللازمة لذلك ووقفت في مكان مقرر للوقوف ... وجاءني رجل البوليس يسألني عن اجازة السوق وعن ملكية السيارة واعطيته كل ما يلزم وتقرب مني واخذ يتفحصني كانه يريد التهامي واقترب من وجهي محاولا شم فمي ليتأكد من رائحة الخمر ...وعندما لم يجد شيئا اطلق سبيلي واشار الي بالمضي مع الماضين ... وهنا بدأ الدم يفور في اوعيتي الدموية وشعرت بضيق نفسي وصدرى واخذت اتنفس الهواء بصعوبة وشعرت ان الدنيا قد ضاقت على وقلت له بهدوء قاتل بالرغم من حالتي النفسية المتمردة والثائرة داخليا هل وجدت شيئا او لاحظت خطأ في سياقتي او سيارتي لتوقفني اجاب بالنفي فقلت له بهدوء ايضا لماذا لم توقف ايا من السويديين ؟؟ ام ان لون شعري الاسود قد اثار انتباهك ؟؟؟ ونظر الي بازدراء وتركني مع اسئلتي بدون جواب وهو يدير ظهره على ...
تذكرت في تلك اللحظة بعض التصرفات غير الصحيحة التي واجهتها في هذا البلد من بعضهم وكيف ناداني احدهم مرة يا صاحب الشعر الاسود ... وكانه يريد ان يقول لي يا اجنبي ماذا تعمل في بلادنا ...ومرة اخرى كيف امرأة عجوز امسكتني من ملابسي وهي تهزني بقوة ووحشية وهي تقول لي انت ايها الشيطان يا صاحب الشعر الاسود ماذا تعمل في بلادنا .... وعن كلمات تنم عن ضجرها وحقدها من الاجانب وما زلت اذكر كيف طلبت الرقص من فتاة فنهضت ولكن عندما شاهدت شعري الاسود اعتذرت ...
قلت لنفسي وانا احادثها كيف لو انني جئت لهذا البلد لاجئا ؟؟او انني كنت استلم منه مساعدة مالية لاسباب انسانية ؟؟ حمدت ربي وشكرته كثيرا لانني لم اكن من هؤلاء وحمدت ربي لانني ما زال لي اباً يرعاني ويتكفل بامور حياتي شكرت ربي كثيرا على هذه النعمة الكبيرة ودعوت ربي بصدق وباخلاص ان يحفظ اهلي ....
ثم غيرت اتجاه سيارتي ورجعت وقلت لنفسي دع الاعياد لاصحابها فهذه لهم ونحن لنا اعيادنا ...ولنا ايامنا الجميلة ولنا الغد الذي تختبىء فيه أعياد لايحلم بها غدهم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور