الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية الفلسطينية والتكيف مع - حكومتي- فتح وحماس

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2012 / 7 / 1
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها


إنّ القوى الرأسمالية بكل شرائحها هي محل منافسة بين حكومتي رام الله وحماس غير الشرعيتين ، حيث تسعى كل منهما إلى استشارة المتنفذين فيها من كبار الرأسماليين في الضفة والقطاع، وإرضائهم عبر تأكيد حرص كل من الحكومتين على مصالحهما، وهو أمر غير مستغرب انطلاقاً من التزام الحكومتين بقواعد وأسس النظام الرأسمالي والسوق الحر، وعند هذه النقطة يمكن تفسير صراعهما على السلطة والمصالح دون ايلاء الأهمية المطلوبة في معالجة الظواهر الاجتماعية الداخلية المتفاقمة، التي تتجسد في اتساع الفجوة –بصورة غير مسبوقة- بين 5% من الشرائح الاجتماعية الرأسمالية العليا، وبين 95% من الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة في الضفة وقطاع غزة ومخيمات اللجوء والمنافي، بسبب الحصار والانقسام، بل واستمرار ذلك الصراع بينهما عبر تغذية داخلية وخارجية، حيث نلاحظ تغير شكل وترتيب أنساق القيم المجتمعية، بحيث باتت قيم الثروة والثراء والأنانية والانتهازية وثقافة الاستهلاك تحتل قمة هرم القيم، في حين تأتي قيم النضال السياسي والديمقراطي والشعبي والكفاحي والنقابي ، وقيم الحق والخير والتكافل والدافعية الوطنية في أسفل سلم القيم.
إننا إذن ، أمام حركة متسارعة من تراكم رأس المال الطفيلي القائم على الربح السريع والعمولات والتهريب وغسل الأموال والصفقات ومظاهر البذخ الكمالي التفاخري –الداخلية والخارجية- البعيدة - إلى حد كبير- عن إطار تطور اقتصاد الصمود عبر التخطيط والتنمية والتقشف بعدا شاسعا .
وبالتالي فان التشابك والتداخل العضوي في المصالح بين كافة الشرائح العليا الطفيلية، الكومبرادورية التجارية والصناعية والزراعية والعقارية والمصرفية… الخ، هو تداخل في المصالح الاجتماعية الاقتصادية والسياسية في الضفة وقطاع غزة ذات المنطلق والمصالح الجوهرية المشتركة ،التي يمكن أن تسهم بدورها في تقريب المسافات بين القطبين المتصارعين، سواء عبر أصحاب رؤوس الأموال وطموحاتهم السياسية الجديدة أو عبر ما يسمى بالمستقلين الجدد من أبناء الشرائح "البرجوازية" بكل أنواعها، الطامحين إلى دور سياسي توفيقي أو "معتدل" بصورة انتهازية في ظروف وفرت لهم هذه الإمكانية رغم ان أي منهم لا يملك أي تجربة أو لحظة تاريخية في صفوف الحركة الوطنية، مع ملاحظة الدور الذي يحاول أن يلعبه عدد غير قليل ممن تخلوا عن أحزابهم - اليسارية خصوصاً- لحساب البرنامج السياسي الهابط للسلطة أو عبر منظمات NGO sفي مقابل تأمين مصالحهم الانتهازية الخاصة.
إذن نحن في مواجهة خارطة سياسية جديدة، محكومة في مساحة كبيرة منها، بالمصالح الفئوية، إلى جانب الصراع والمنافسة غير المبدئية بين القطبين، وهي كلها عوامل ستسهم في المدى المنظور في زيادة الفجوة على الصعيد الاجتماعي بين المصالح الطبقية للشرائح العليا – في الحكومتين- ، وبين الشرائح الشعبية الفقيرة من العمال والفلاحين والبورجوازية الصغيرة، مع بقاء الحصار والعدوان ومظاهر الدمار والخراب في قطاع غزة ، إلى جانب تفتيت الضفة الغربية عبر الجدار والمستوطنات والحواجز والاعتقالات، واستمرار التفاوض العبثي ومضامينه السياسية الهابطة، كل ذلك أدى إلى تراجع القاعدة الجماهيرية لكل من حركتي فتح وحماس بنسب متفاوتة، بحيث لم تعد هذه القاعدة قائمة على أساس الاقتناع والالتزام الفعلي والموضوعي بالشعارات أو البرامج المطروحة من الفريقين (رغم التباين بينهما) بسبب مظاهر القلق والإحباط واليأس التي تزايدت تراكماتها منذ ما بعد الانقسام ، حيث أن هذه القاعدة الجماهيرية باتت –في الظروف الراهنة- محكومة إلى حد كبير للاحتياجات والمتطلبات الحياتية وسبل العيش المرتبطة بكلا الحكومتين في رام الله وغزة، ما يعني تراجع الولاء للوطن والنضال الوطني التحرري، ومن ثم تراجع الأفكار والأهداف الوطنية التوحيدية في الذهنية الشعبية في أوساط فقراء شعبنا لحساب لقمة العيش، في حين تراجعت هذه الأفكار والأهداف الوطنية في أوساط الطبقات "البرجوازية" والشرائح البيروقراطية العليا لحساب الهبوط بتلك الأهداف وفق متطلبات وشروط التحالف الإمبريالي الصهيوني والنظام العربي بما يضمن مصالحهم الطبقية الأنانية، على حساب مصالح فقراء شعبهم، عبر المزيد من مظاهر الجشع والاستغلال والاحتكارات البشعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ غازي شكرا
جواد الخضري ( 2012 / 7 / 1 - 11:16 )
لا ننكر أن هناك رجال يغارون على فلسطين وشعبها ويفضحون الممارسات التي يقوم عليها المسيطرين على مقاليد الحكم الموهوم والمسير من اسرائيل وهدفهم تحقيق النكاسب الشخصية على حساب هذا الشعب الجبار والذي يدرك كل المؤامرات التي تحاك ضده من أدعياء الوطنية والتي تعني لهم كم سيحققون من مكاسب بينما الفلسطيني تعني له الوطنية فلسطين الارض والانسان ولن يتخلى عن ذلك رغم الظروف والمعاناة التي يلاقيهما الفلسطيني سواء في الداخل أو الشتات ولكن هؤلاء الذين نسوا وتناسوا أن هذا الشعب لن يستكين أو يضعف سينفجر فيهم وسيلقي بهم الى مزابل التاريخ وأن غدا لناظره قريب

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة