الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب يريد بناء النظام

مجدي مهني أمين

2012 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا زالت بيننا وبين الرئيس المنتخب مسافات فاصلة، أولها يتمثل في كافة الإجراءات التي ساهمت في تزييف إرادة الناخبين، وثانيها أن هناك من انتخب الرئيس رفضا لمرشح النظام السابق وليس اقتناعا ببرنامج الرئيس أو بجماعته، وثالثها هذه الجماعة الواقفة وراء- وأمام ويمين ويسار - الرئيس هي حاجز يفصل الرئيس عن الشعب.

ولكن الرئيس قد استطاع أن يخترق العديد من هذه الحواجز بعفويته البادية، وهذه الروح البسيطة التي يحبها المصريون، هذه الروح التي نستشعر فيها ببذور التقوى وهي تغلب على نوازع السياسة؛ فنرتاح قليلا، ثم نقلق كثيرا ونحن نتساءل:

- طيب، وهي الجماعة ها تترك الرئيس يجمع الشمل، أم ستغلّب مشروعها الجماعوى على المشروع الوطني لمؤسسة الرئاسة؟

نقلق ونحن نرى، يوم الجمعة 29 يونيو، أناس كالدكتور صفوت حجازي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وهو يتعدى بالضرب على مصورتين صحفيتين، قبل دقائق من وصول الرئيس لميدان التحرير، لرغبتهما في الوقوف في مكان يتيح لهما التصوير من زاية جيدة (أنظر الرابط الأول)، ثم نراه بعد برهة وهو يقبل يد الرئيس عند وصوله للمنصة كي يلقي كلمته (أنظر الرابط الثاني).

- فترى أية مكانة لمثل هؤلاء المشجعين - أكثر من اللازم- في الحكومة الجديدة؟ وكيف ستكون هذه المكانة على حساب انفتاح الرئيس على كافة أطياف الأمة؟

نسترد بعض الأمل، عندما يتحدث الرئيس بعفويته، يدركنا الأمل لأن الناس الطيبين عادة ما تحركهم الفطرة، ونظرا لأنهم خيرين بالطبيعة، فالفطرة غالبا ما تقودهم في الاتجاه الصحيح، وتخرجهم من دائرة التحالفات، أو التعليمات التي يمكن أن تأتي من الجماعة في عكس اتجاه الصالح العام.

- فهل تنقذ الطيبة وسلامه الفطرة، تنقذ الرئيس من الاستحواذ عليه من الجماعة؟
- كيف يمكن للرئيس أن يزيح الحواجز ويحقق التآلف بين كافة أطياف الأمة دون تمييز؟

وكأننا نقول :
- الحمدلله، فلو كان لنا نصيب في رئاسة من جماعة الإخوان، فقد منحنا الله من الجماعة الحمائم ولم يرضَ لنا بالصقور!!
- ولكن هل تكفي مثل هذه التطمينات كي تزيل القلق من نفوس الناس؟

يتمنى الجميع أن تنتصر طيبة الرجل على حبائل السياسة، كي نبدأ – كما قال في كلمته في التحرير- دولة مدنية دستورية ديمقراطية حديثة، ولكن لا يزال القلق هو الشعور الغالب، وبين القلق والأمل تتطلع العيون للرئيس، والمجلس العسكري، واللجنة التأسيسية للدستور، والمحكمة الدستورية، وتتطلع لأي تغيرات تحدث في سيناء.

- أصبحنا خايفين على مصر، وعلى دستورها، وطريقة حكمها، ولن نستطيع أن نرفع عيوننا عن المشهد، تسبقنا قلوبنا ومشاعرنا وأرواحنا كي تحدد لنا أين يجب أن نقف في هذه المشهد المضطرب بأحداثه المتلاحقة.

ولكننا نرى على جانب المشهد أحزابا جديدة تتأسس مثل حزب الدستور، حزب المصريين، التي تسعى كي تنضم لسابقاتها من الأحزاب، وتتكون هذه الأحزاب دون صخب، ولا يلهب ميلادها مشاعر الجماهير، تتقارب هذه الصورة - لمن شاهد فيلم غاندي- مع الصورة التي وصل فيها غاندي الهند في نفس موعد وصول نائب الملك، وقد أَستقبل الأخير في احتفال مهيب، بينما أُستقبل غاندي في مكان منزوٍ بنفس الميناء من بعض الأصدقاء بطريقة أكثرتواضعا، وما هي إلا سنوات حتى كان غاندي متصدرا للمشهد السياسي وهو يقود الهند للاستقلال.

نفس الصورة نجدها ونحن نرى هذه الأحزاب وهي تنشأ اليوم دون أن تُسلط عليها الأضواء، كي تتصدى يوما للمشهد السياسي، وكي تلعب دورها في بناء النظام، فما تم بناؤه حتى الآن لم يكن بمساهمة كافة الجهود، فقد قام اليوم بالبناء من تمكنوا من ملء المشهد السياسي بأموالهم وتنظيماتهم وتحالفاتهم، بينما غاب – أو تراجع دور- باقي قوى المجتمع المصري، ولعل هذا هو السبب فيما أصاب الناس من مشاعر القلق.. قلق من انفراد فصيل واحد ببناء النظام.

إن عودة الثوار وكافة القوى المدنية، من خلال هذه الأحزاب الوليدة، سيعطي الجميع الشعور بالاطمئنان، وسيقلل المخاوف، ويكرس الجهود- كافة الجهود- لعملية البناء، فالشعب يريد بناء النظام، الشعب يعني كل الشعب وليس فصيل واحد فقط نشط ومقتدر، لأننا لو تركنا فصيل واحد، كالأخوان المسلمين، كي يبنى النظام، فلن يكون البناء قويا، بل سيكون بناء هشا ولن يعبر إلا عن إرادة هذه الجماعة، ولن يعبر عن إرادة الشعب.

نشكر الله أنه منحنا رجلا يرغب في جمع الشمل، لكن عصر الرئيس الأمل قد انتهي كي يبدأ عصر الشعب الأمل.. الشعب متمثلا في كافة أحزابه وقواه السياسية هو الأمل، وإن كنا لا نستطيع الآن أن ننصرف بأنظارنا عن المشهد الراهن، فعلينا على الأقل أن نضيف للمشهد اهتمامنا بهذه الأحزاب الناشئة كي ندعمها؛ لأن الشعب يريد بناء النظام، الشعب وليس مجرد فصيل أو جماعة؛ الشعب يريد بناء النظام.

الروابط:
- الرابط الأول: صفوت حجازي يتعدي على مصورة كندية على منصة مرسي: http://almogaz.com/politics/news/2012/06/29/318559
- الرابط الثاني: حجازي يقبل يد الرئيس: http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2012/june/29/5143526.aspx








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا


.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق




.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد مستمر وتحذيرات من حرب مفتوحة| #غرف


.. أهالي جباليا في غزة يصلون العيد بين الركام




.. البيان الختامي لمؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا يدعو الجميع لإح