الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنها روحي المبتورة .. وطني

كريم الهزاع

2012 / 7 / 1
حقوق الانسان


هنا في القلب يرقد وجع كبير وفي العقل ترقص أفكار كثيرة أحاول تسريبها بصبر وأناة ، قد تكشف عن شخصية إنسان يعاني من النفي كونه ينتمي إلى أقلية صغيرة تسمى بـ فئة غير محددي الجنسية أو عديمي الجنسية في مكان لم يغادروه لأكثر من نصف القرن ، وتستغل ورقتهم في اللعبة السياسية والاقتصادية ويتم التعتيم على قضيتهم من قبل السلطة السياسية للبلد قدر المستطاع والضغط عليهم لتشتيتهم قسراً في أمكنة لا يعرفون عنها شيئاً وتقليص عددهم .
تلك الأقلية أو الهامش والتي كانت تسميتها القديمة ( البدون ) لم يلتفت لها من قبل منظمات حقوق الإنسان ولم يكن لهم يوم مثل يوم العمال أو يوم المرأة أو يوم الرفق بالحيوان أو جمعية نفع عام في داخل البلاد – الكويت الديمقراطية – أو خارجها .
تلك الفئة التي تقتات المرّ والحصرم منذ منتصف القرن العشرين وحتى يومنا هذا ، زمن العولمة والقرية الكونية .. تلك الفئة التي تقابل قضيتها بصمت ولم يتساءل أحد من أدعياء الديمقراطية : إلى أين ستذهب تلك الفئة ؟ كيف تعيش ؟ كيف تتعلم ؟ كيف تتم رعايتها الصحية ؟ ما الذي يحصل لها عند حواجز التفتيش الأمنية ؟ وهل يعقل أن يحدث هذا في دولة نفطية ديمقراطية ؟ .
ربما لن أستطيع هنا أن أرسم بخطوط عامة غيرمؤكدة العالم الروحي الذي تعيشه تلك الفئة والتشويش الذهني الذي تعانيه والفوبيا أو الرهاب الذي يتسلل عبر اللاشعور إلى الذات ويدمرها ويحولها إلى مسخ ، بلا هدف أوغاية أوحلم سوى الأنتظار وربما لن يجيء غودو .
وسيعيش الفرد حالة كساح أوشلل نتيجة الكآبة والأحباط والأهمال وربما يتولد لديه العنف وتستغله منظمات أرهابية تحت صرخة : أكون أو لا أكون .
ربما مايشغلني في تلك القضية هي بعض المفردات مثل " الانعتاق " .. وماذا تعني لتلك الفئة هذه المفردة ، وكيف يحدث الأنعتاق ؟
قلت ربما يحدث " الانعتاق " عبر " الإرادة " .. إذا كيف تجعل الإنسان يريد ؟ وكيف يتم رفع الحجاب عن أعين الفرد لكي يرى ؟ كيف يتم تدريب الناس على الحياة وأنتشالهم من هذا الموت البطيء ؟ ومن منكم سيتجاسر معي على الدخول إلى تفاصيل أعمق ؟
الحزن يجتاحني وأنا أتذكر الكثير من المبدعين حملة الأقلام والفنانين من تلك الفئة وهم يرمون سلاحهم الأخير بحجة أن جمعيات النفع العام لا ترعاهم ومؤسسات البلاد تنبذهم ودور النشر لاتطبع إبداعهم ولايملكون النقود من أجل الطباعة فانسحبوا من الحياة إلى بؤس ووضعوا الحجاب على أعينهم ، وهل ينبغي أن أضيف هنا بأنني انتمي إلى لحم وعظام هؤلاء الذين يعيشون داخل الحجاب ؟ متعذراً في البحث عن " الإرادة " التي تحرك الوعي الجمعي .
وهل أبحث عن تلك " الإرادة " لدى فرويد في علم النفس أم لدى ماركس في الفكر السياسي ؟
وقبل الاسترسال في البحث هناك حقيقة يجب الالتفات لها وهي أن ثمة عددا كبير من المتحضرين على استعداد لأن يعيشوا مرتاحين حتى إذا كان ثمن ذلك هو فقر وبؤس أغلبية إخوانهم وجهلهم ومرضهم ، وأنه من أجل الحفاظ على هذا الامتياز شن الناس الحروب وأصيبوا بالانانية ولم يعد يلتفت إلى الأقليات المهمشة .
أن البعض يهرب من أي شيء أسمه مشكلة وأما بالنسبة لي السؤال الحقيقي هو : ما موقفك عندما تشعر بأنك مشكلة ؟ أو بأنك منبوذ ؟
تصّورأو تخيلّ معي حينما تحمل علم بلادك في يوم المناسبة الوطنية وتهتف له ويعترضك شرطي أنت وأسرتك وأولادك الصغار بحجة التقيّد بأنظمة السير المرورية ثم يسألك البطاقة ويكتشف بأنك من " فئة غير محددي الجنسية – البدون " فيضحك ملء شدقيه : يا عم أنت واحد " بدون " مالك ومال العيد الوطني ؟
أي ذهول سيصيبك ؟ أويصيب الأولاد الذين يتغنون بالوطن / الوهم ؟
قلت له : شيئان لايفرقان بين الكويتي والبدون هما الطلقة أيام الأحتلال والفرحة بيوم التحرير .
أو مصادرة فرحة طالب أو طالبة بالتفوق الدراسي في الثانوية العامة ، حيث يظل قابعاً في بيته دون أن يكمل تعليمه الجامعي ، أو يجد وظيفة تسند ذلك البيت الذي يأكله البؤس والهذيانات التي لاتنتهي . وها أنا أحدق في كفي ذات الست أصابع ، أين ذهبت إصبعي السادسة ؟ يا إلهي، أنها روحي المبتورة / وطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين


.. يوم حرية الصحافة العالمي: قتل في غزة، قيود في إيران وسجن في




.. طلاب جامعة مكسيكية يتظاهرون تضامنا مع فلسطين


.. طلاب في كندا يتظاهرون تضامنا مع غزة




.. اجتياح رفح قد يكون مذبحة وضربة هائلة لعملية الإغاثة في قطاع