الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة المغربية -رشيدة الشانك-: حين تمتد القصيدة إلى الخطى

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2012 / 7 / 1
الادب والفن


لم تكن لتهمل التفاصيل العريضة أو الدقيقة و هي تمشي على خطى عشتار من زمن إلى زمن، لم تثقل كاهلها الأبجدية على أهبة البوح و هي تعيد صياغة الأحاجي و تقسم الأدوار من جديد دون أن تغير من ملامح الضحية، لم تلغِ مواعيد الشروق و الغروب لتنتصر للمرأة في شرود الرجل الكاسر، كانت تمضي إلى عالم أفضل، بوصلتها النقطة البيضاء في الإنسان، مشبعةً بالنظرات الخفيفة لمن سقطوا أبرياء في مهب التاريخ تنطلق الشاعرة المغربية "رشيدة الشانك" لتسطر بصدق تجربة شعرية بعدة أبعاد جمالية، تتقاطع فيها ذواتٌ من الأسطورة و أحداثٌ كوشم في خاصرة التاريخ. و بتفانٍ شديد و أسلوب سلس تصل قصيدتها عاطفة المتلقي و تتفاعل معه دون حاجة إلى أدوات أو وسيط يخلق صلة حسية بينهما، لذلك فهي شاعرة ذات صوت شعري خاص، وجب التوقفُ عندها في خشوع و استخلاصُ العبر من الإشارات التي تنيرها بين الصورة و الصورة و الحرف و الحرف:
تولد الكلمة
من رحم اللحظة
ننشدها رمزا
نكتبها قسرا
و نرسلها لتستكين في علب الصمت

قصائد "رشيدة الشانك" في مجملها تحمل نكهة التاريخ و تنهل من حكاياته الأسطورية و أحداثه الموثقة، فهي أستاذة التاريخ العاشقة و المسحورة بأدق الرؤى و الوقائع، و هي الروح الأنثوية المتعاقبة و المتجددة، و هي الجسد الحاضر الذي تتفاعل فيه هذه المكونات في قالب ذاتي بلونيه الأبيض و الأسود:
رقصة أندلسية ترسم بكبرياء
امرأة مهووسة بالموج

و معززةً بكل أحلام اليقظة و رسائل القلق الوجودي و أزهار الطفولة تكتبُ عواطفها بحبر غامق و بعض أمل تلملمه من عيونٍ صغيرةٍ و ابتسامات ممزقة بين خطوتين ضوئيتين، تحاول العودة إلى الأصل، أن تدل النجمة إلى وجهتها و الغيمة إلى موطنها و القلب إلى حقيقته:
هو عالم أمضي إليه
بخشوع

"رشيدة الشانك" تستمد الجمال من أبهى الصور في مسلسل الإنسانية المروع، تلك التي ترادف مسيرنا و تكمن في مكان ما بين الدمعة و قطرة الدم، تلك الملامح الحية و الرقيقة للإنسانية رغم الجراح، يستفزها في ذلك الأمل و تدفعها الشاعرية إلى اقتراف المجاز و البوح في اللغة. قد نتوقف (مثلا) في بعض النصوص عند انكسارات الوطن و خيباته و آماله و ندرك فيها الهوية التي تسكننا و تلازمنا بكل تشوهاتها، و قد نفهم حب الوطن و التضحيات التي تخط تاريخه طواعية و دون تفكير:
فوق ترابنا..
نكتب قصيدة
على وزن الوجع

كما تتجلى الأم في قصائد "رشيدة الشانك" كعنصر أساسي يرتد من العناوين و التجليات التي تكشفها، و في خطابها الشعري حضور واضح للأم/الشاعرة، و قد يتحسس المتلقي نبرة الحنان و يتلمس العاطفة تتجه إليه و تهتز اعترافا بصدق الخطى الجمالية التي تخطوها الشاعرة لترتبط به و يتشكل فيها، لتكتمل رابطة شعورية بينها و بين القارئ و يتأسس بذلك أثر القصيدة في عاطفة المتلقي:
أنت البعيد القريب
مسافر
زادك بوصلة من وجعي

و من دون شك، فقد عانقت الشاعرة المغربية "رشيدة الشانك" بشاعريتها فصولا متعددة من ملحمة يعيشها الإنسان و اقتحمت الخيمة و الجرة و القبلة إلى أن وصلت إلى الأنوثة الطافية على المعنى. كانت تمضي (كما دوما) و حواسها متفتحة على ما هو حسي، تستشرف الرؤيا و تنحث العبارة عند كل عبور، و قبل أن تدرك المجاز سقطت عن نجمة كي تتطلع إلى الحقيقة و تعي وحدها أن سقوطها كان أصدق من الموت، لأن القصيدة امتدت ببساطة إلى الخطى:
ماذا جنيت؟
قرأت كتاب الموت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عطر ياسمين
عصام المظفر ( 2012 / 7 / 27 - 23:42 )
عندما يفوح العطر الطيب للكلمه الراقيه .. أجدها قصيده كتبت بأنامل رشيدة الشانك

اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب