الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستيقاظ الروسي:عامل ذاتي أم بسبب الضعف الأميركي؟..

محمد سيد رصاص

2012 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تفصل خمسة أسابيع بين نشوب الحرب الروسية - الجيورجية وبدء الأزمة المالية- الاقتصادية في سوق نيويورك . كان يوم8آبأوغسطس2008بداية لاستيقاظ روسي أنهى سباتاً عاشته موسكو منذ هزيمتها في الحرب الباردة في عام1989،ولتشرع بعده في استعادة النفوذ في الجمهوريات السوفياتية السابقة:أوكرانية(2009)وقرغيزيا(2010)وفي موازنة نفوذ واشنطن في أذربيجان وتركمانستان.على الصعيد العالمي توَج الروس تقاربهم مع الصين،البادىء في 15حزيرانيونيو2001مع تأسيس (منظمة شنغهاي للتعاون)،بتحويل ثنائيتهما إلى تكتل عالمي جديد من خلال تكوين مجموعة (أمم البريكس)مع الهند والبرازيل أيضاً في 16حزيرانيونيو2009 التي دعت إلى"عالم متساوي،ومتعدد الأقطاب"،قبل أن تنضم إليها حنوب افريقية في العام التالي.
كان الحضور الروسي في الأعوام الأربعة الماضية ،في المدار الاقليمي الروسي وبالمجال العالمي، في صورة جديدة بعيداً عن السلبية التي كانت فيها موسكو أقرب للمتفرج،في محطات قام بها القطب الأوحد للعالم بشن حرب صربيا1999وغزوتي أفغانستان2001و العراق2003،ولكنه لم يكن هجومياً سوى في المدار الاقليمي الروسي،فيماظل في قضايا عالمية،مثل الملف النووي الايراني،في حالة من التردد بين التعاون مع واشنطن والسلبية تجاهها. في حرب صربيا وغزو أفغانستان و العراق كانت واشنطن في هجومية بدأتها منذ تحولها إلى قطب واحد للعالم مع انتهاء الثنائية القطبية بعام1989من خلال هزيمة موسكو بالحرب الباردة . تصرف الأميركان منفردين،ولم يقتصر قضم النفوذ على حدائق موسكو الخلفية في الففقاس وآسية الوسطى والبلطيق وفي دول حلف وارسو السابق،وإنما امتد هذا إلى مجالات النفوذ الفرنسي القديم في الجزائر ورواندا وبوروندي وزائير . ارتبطت(وتزامنت) هذه الهجومية الأميركية السياسية بتفوق عسكري- تكنولوجي وبنموذج اقتصادي ليبرالي وبنمط حياة أميركي، أعطت كلها صورة عن "نهاية التاريخ"هناك.
أتى الاستيقاظ الروسي بعام2008في مناخات تخبط واشنطن وفشلها في أفغانستان والعراق،وفي ظروف انقلاب الموازين الاقليمية في منطقة الشرق الأوسط لغير صالح واشنطن عقب نتائج حرب تموز2006 . أتاح هذا مناخاً مساعداً على الاستيقاظ الروسي،مادام تحول الموازين ضد واشنطن في المنطقة الممتدة بين كابول والساحل الشرقي للبحر المتوسط قد جعل مشروع واشنطن العالمي متعثراً بعد أن كان معظم جهد القطب الواحد للعالم متركزاً في مرحلة مابعد1989على السيطرة و"إعادة صياغة" الشرق الأوسط.
كان الضعف الأميركي أساسياً في حصول ذلك الاستيقاظ،بعد سبات وضعف روسيين حصلا بفعل الهزيمة أمام واشنطن،التي أعادت الروس إلى حدود جغرافية هي أضيق وأقل امتداداً مماكان في زمني السوفيات والقياصرة،وإلى عجز لم تستطع بسببه موسكو أن تفعل شيئاً أمام امتداد (الناتو) إلى جمهوريات البلطيق السوفياتية السابقة التي لاتبعد إلاقليلاً عن مدينة سانت بطرسبورغ(لينينغراد سابقاً).
عندما ترك بوتين الرئاسة لميدفيديف في يوم7أيارمايو2008كان ترتيب روسيا السادس من حيث القوة الاقتصادية العالمية(من خلال مقياس الناتج المحلي الاجمالي)بعيداً كثيراً عن أميركا الأولى والصين الثانية،ووراء اليابان والهند وألمانية.تعافت روسيا اقتصادياً في السنوات الرئاسية الثمان لبوتين،ولكن لم يكن هذا معتمداً على أكثر من فورة أسعار النفط،وعلى تحول روسيا إلى المصدر الرئيسي لحاجات الاتحاد الأوروبي من الغاز،وعلى عودة روسيا القوية إلى تجارة السلاح العالمية،في تعاكس مع الفورة الاقتصادية الهندية الشاملة لميداني الهاي- تكنيك والصناعة،أوتلك الصينية المعتمدة على تدفق الرساميل والتقنية إلى سوق نشطة بفعل مناخات ملائمة إدارياً ومن حيث الرأسمال البشري(اقتصاد المعرفة)ورخص اليد العاملة وعدم وجود تقييدات حماية البيئة.كان نمو القوة السوفياتية العالمية مربوطاً بالاقتصاد : في عام1970أصبح حجم الصناعة السوفياتية 75%بالقياس إلى الأميركية بعد أن كان12,5%في 1917. في آذارمارس1983كانت عدم قدرة الاقتصاد السوفياتي الضعيف على الدخول في سباق (حرب النجوم:"مبادرة الدفاع الاستراتيجية") التي طرحها الرئيس الأميركي رونالد ريغان،مثلما فعل ستالين وخروتشوف وبريجنيف في سباق الأسلحة الذرية- الهيدروجينية- الصواريخ الباليستية،مدخلاً إلى هزيمة 1989ثم تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية عام1991.
كان التحسن الاقتصادي الروسي،مع أزمة مالية- اقتصادية ضربت نيويورك وفشل أميركي في الشرق الأوسط،مؤدياً إلى مناخات أتاحت استيقاظ موسكو . لم يؤد هذا إلى عودة الكرملين لكي يكون قطباً دولياً في مواجهة البيت الأبيض،عندما كانا في أعوام الحرب الباردة(1947-1989)قطبا العالم،وإنما لكي تستعيد روسيا قوتها ونفوذها في محيطها الاقليمي(الجمهوريات السوفياتية السابقة،ماعدا جمهوريات البلطيق الثلاث وجيورجيا،التي ظلت عصيَة على موسكو رغم هزيمتها في حرب2008،فيماعجزت عن استعادة نفوذها السابق في دول حلف وارسو السابق،التي أصبحت كلها في الناتو أوفي الاتحاد الأوروبي) . كان نشوء(البريكس) بعام2009ارهاصاً بنشوء تكتل دولي جديد سيقارع واشنطن في الساحة العالمية.
لم يحصل هذا في ليبيا2011،وإنما في 4تشرين أولأوكتوبر2011بقاعة مجلس الأمن بنيويورك لماأعلن الفيتو المزدوج الروسي- الصيني في الموضوع السوري عن ولادة ثنائي موسكو- بكين في مواجهة واشنطن،ولتصبح الأزمة السورية(التي أصبحت في مرحلة التدويل منذ ذاك اليوم وهو ماحكم لاحقاً بالفشل على التعريب) من خلال هذا الفيتو أول ساحة مجابهة دولية تتواجه فيها قوى عالمية مع القطب الواحد للعالم في مرحلة مابعد عام1989نتيجة تعثر استراتيجية الأميركان في الموضوع السوري،ولتتحول موسكو خلال ثمانية أشهر أعقبت فيتو4أوكتوبر إلى حائط صد وممر اجباري لواشنطن من أجل الوصول إلى حل للأزمة السورية،وهو شيء لم يكن في بلغراد1999وكابول2001وبغداد2003.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون