الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضوية أنثى.....عشوائية صارخة

خلود العدولي

2012 / 7 / 3
الادب والفن



كان علي أن اقبع في السرير ساعات أدخن سجائر الحلم و أبحث لي عن رؤيا أحبل منها شعرا.وكان الضوء الطفيف العابر لفتحة نافذتي يداعب عيني الساكنتين :
يدغدغني,يلفحني,يسحقني و أنا امتلأ رعبا بنهايات شهوة عابرة في الرقص نائمة على السرير بلا حراك.
لم أكن أقوى مع ذلك الصقيع الصباحي أن أحرك جمود جسدي الظمآن للأنفاس الحارة.
من الجدير لي أن أسكب قهوتي ,تلك التي أعددتها من نار صبر الجدران على أحزاننا التي لا تنتهي .
جلست في زاوية المطبخ أرتب بعض الذكريات الساهدة ,أتأملها تنغرز في بطئ صباحي مترنح في باطن كفي.كانت المرارة تتسرب لحلقي:الشفة,فاللسان,فالحلق.
آه اللعنة!نسيت السكر..
تركت جمالية الزاوية و صمتها العسلي و اتجهت صوب الخزانة ,كانت تشكوا بصوت عال إهمالي ترتيبها.لم أعرها إهتماما,إلتقطت قطعتي سكر و عدت لشبق قهوتي و عسليتي ركني.
كم أنا شاذة!
أحب في لانهائية الأماكن تحديد الأركان الأربع حتى أقيس كيف يمتد جسدي على إنبساط الأرض الهادئة.
لا يمكن أن أخرج هذا الصباح,لا شيء يشجعني!الضوء ثاقب مزق شبكية عيني,الصقيع لم يلد ثلجا بعد.لازال المخاض لم يبدأ ,لعله يبدأ بعد ساعات.
الضجيج على أشده,يزلزل زوايا السكون المحيط بغرفتي ,يثقب صلابة الجدران ,يحرضني على التخلص تحت موجة هذا الأزيز الصاخب من ثياب نومي و السير عارية إلى حافة خزانة الملابس
.إنه الوقت المناسب للفوضى في لحظة عراء.
تبا لكم!!أنا لا أصدقكم!
أتحسبون أنكم قادرون على الغوص بكل أضلعكم في لهيب هذه اللحظة الأنثوية الثائرة؟؟
إنها إشراقة التمرد من جسد الصقيع الشتائي تحت صوت المزاريب و منبهات السيارات و مشجب ثوبي في آخر الخزانة يعوي جائعا حتى أختطفه....يلهث من عرائي يقدم لي الثوب بسرعة,يصرخ,يصيح,يغلق عينيه,يرتعش ليسقط الثوب,ليثب الثوب,ليتمزق الثوب لتحمر الخزانة
و تحاول الإنفجار.لكني أدير ظهري ,أدير عرائي ليظهر المستحيل.
ضجر ضجر من لعب الأثواب و الخزانة.أين الليل؟الأضواء؟
أحب الليل و موته في شهقة إرتفاع نهدي.أدق الساعة بزندي هيا دقي دقي أعلني منتصف الليل,لأتوشح بالأحمر الممنوع مراوغة و أبتز بياض ما حبل به الصقيع.
الثلج فتح لي جرحا من الذاكرة :كان الوحيد الذي يعبر منحدرات عنقي إلى صليب نهدي إلى عمق الهوة في سرتي و يذوب هناك رعبا من البقية و يلفظ السكرات الزفرات الأخيرة.
يجب أن أخرج الآن لتنبت المدينة في عمق إحتفائها بالثلج كزهر الأوركيد في مفترق ضلوعي.بدأت الولادة و نزلت كرات من القطن من ثوب غيمة راقصة.
آه!الأضواء
ترعبني تشتعل و تنطفئ دون إذن مني .من يتحكم بها؟من؟ المدينة صارت مدينة ملاهي و الرب يتأرجح معنا و يصرخ في قطار الرعب من هيكل عظمي أسود يخفي عنا كل سنتمترا من جسده حتى وجهه.الأزقة حافلة بمستنقعات الثلج الذائب على الأرصفة المتحجرة.
و أنا أتوه أكثر في زجاجة المطر التي أحتسيها و أنا أغني مقطعا من الأوبرا التشيكية
.آه!
لابد لغجر إسبانيا أن يطعنوا عذرية المدينة في هذا الليل الفحل برجة أقدامهم عند الرقص أو بآهات قيتارة ساخنة تحت يدي عازف مجنون.
لما الإرتباك فالحانة مغلقة تلفظ زائريها ليسكنوا أركان الليل و يتعلموا طيلة ساعاته الطويلة أن يلتحفوا الوداعة و الفضيلة صباحا مع الناس.
لما الإرتباك و أنا لازلت في فوضى المدينة أحتسي عمرانها:المحلات المبعثرة,المقاهي القاتلة,العمارات الشاهقة,المطاعم المحترقة,الحانات النتنة و المواخير النامية على مشارف الذكورة. لما الإرتباك و أنا لست وحيدة في نزيف الوطن المتفجر كشلال ثائر .أنا لست وحيدة ,أنا لست وحيدة!إنه يحاصرني كذراعي راقص يخاصر حبيبته.إنه يراقصني دون أن يرتطم بجسدي حتى يجعل حريقي جديرا بصقيع الليل
ألن ينتهي هذا الشغف الإسباني الذي أوقع به نهايات هذياني؟
و هذا الثلج الذي خيم على نهايات صلاواتي؟
المسرح الكبير صار خشبة أتمدد فيها ليغني العراء فوق صمتي القديم و صرت في هذا اللاتناهي أبتز زجاجات من المطر حتى أغتسل من عرق السماء و أتعمد من سحابة تسكن صدر الأرض.
المرور اليومي على الحجر الجارح,السؤال اليومي الذي يرهق تفكيري ألا يعي الرجال معنى أن تلهث امرأة عشقا و أن تتمرد هياما داخل زنزانة من القيود؟
هي رحلة الخلق التي هربت من كفي و رحلة نسجتها في خيالي الطفولي.أتمدد كالساهرين على نغمة أو لحن حلم لا مرئي يسكننا جميعا,ساعات من الصمت الطويل تغتالني و تأسرني كسجينة حرب لا نهاية لها و ترتسم حينها بسلاسة رعشة جهنمية تحبس الأنفاس فوق اشتعالي الموسمي و في الإنفجارات النيزكية التي تملأ العالم .
ليتني أحمل هذا الهم الثقيل إلى زبد ثائر فوق نهد البحر و ليتني أحفر على صخرة أنين فخذي من ألم الوقوف على صقيع الحياة.
هذه الأنثى التي تبرز خلف قمر أسود يشهد بشهقات الموت على قرمزية حلمتها تلك التي تعاشر جبلا و تنام على حافة القمة بعد منتصف اليل.
تلك الأنثى التي تهوى صوت الذئاب في عمق مستنقع بدائي لترسل الحب حضنا يحتوي كل أحلام المستحيل و بعضا من عرقها الشبقي على إسفلت المدينة .
فبين الفكرة و الفكرة تصبح الأنثى كل الغاية و تجمع خطايا المستحيل السبعة وشما على ظهرها المرمري العاري.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية حب وتقدير
حميد الحريزي ( 2012 / 7 / 3 - 05:10 )
خلود العولي القاصة الشاعرة المبهرة بوحا يلامس شغاف القلب ، ويوصل للمتلقي انفاسا حارة ، حية متجدة ، طامحة لامحة ، تعتصر الواقع المر المثلج بكلتا يديها ، تمرغه على تقاسيم جسدها المتربص للحياة للذة للمتعة لسعادة مفقودة ......
تحية حب وتقدير لبوحك الجميل الشهي العذب

حميد الحريزي
اديب وصحفي
العراق

[email protected]

اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل