الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب الرئيس المنتخب

اسلام احمد

2012 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


وصل الدكتور محمد مرسي الى مؤسسة الرئاسة في ظل ظروف شديدة التعقيد فقد قامت المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب قبل الانتخابات بأيام نظرا لعدم دستورية القانون الذي انتخب على أساسه ومن جهة أخرى أصدر المجلس العسكري إعلانا دستوريا قبيل إعلان نتيجة الانتخابات بساعات انتزع فيه لنفسه بعض سلطات الرئيس وعلى رأسها السلطة التشريعية وهو ما أعتبره بعض المحللين انقلابا عسكريا ناعما ومن ثم ثار الشعب المصري ضد المجلس العسكري مطالبا بالغاء الإعلان الدستوري المكمل وتسليم السلطة بالكامل الى الرئيس المنتخب الأمر الذي وضع الرئيس في مأزق حقيقي إزاء حلف اليمين إذ لو أنه أدى قسم اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا سيبدو كأنه اعتراف من جانبه بالإعلان الدستوري المكمل الذي ثار الشعب ضده وبالتالي سيخسر قوته الثورية التي جاءت به الى الحكم ,أما لو قام بتأدية قسم اليمين أمام مجلس الشعب المنحل أو في ميدان التحرير كما يطالب البعض فان الأمر في هذه الحالة تشوبه شبهة عدم الدستورية حسبما يرى كثير من فقهاء القانون والدستور

غير أننا فوجئنا بالأمس بمؤسسة الرئاسة تعلن أن الرئيس مرسي في طريقه إلى ميدان التحرير لإلقاء كلمة الى المتظاهرين في جمعة تسليم السلطة , وهنا أدرك الجميع أن الرئيس سيؤدي اليمين أمام الجماهير في ميدان التحرير وهو في تقديري موقف في غاية الذكاء إذ حرص الرئيس مرسي من خلاله على التأكيد على انحيازه للشعب باعتباره مصدر السلطات

والواقع أن الخطاب كان تاريخيا بكل معنى الكلمة إذ لأول مرة منذ أيام جمال عبد الناصر ينزل الرئيس وسط الجماهير ويتفاعل معهم بهذا الشكل في مشهد مهيب ذكرني بالخطاب الأول للرئيس أوباما في ساحة جورج واشنطون حين تولى الرئاسة في 2009 , ومما زاد من روعة الخطاب فضلا عن الحشود الهائلة أن الرئيس المنتخب تعامل بتلقائية شديدة مخاطبا جميع فئات الشعب فجاء خطابه مزيجا من العامية والفصحى ولم يتقيد فيه بالنص المكتوب بل خرج عليه كثيرا وأخذ يهتف مع الجماهير ويغازل مشاعرهم خاصة حين فتح سترته قائلا لهم أنه لا يرتدي قميصا مضادا للرصاص في إشارة الى أنه لا يخاف من الناس كونه جاء باختيارهم

والحاصل أن الرئيس قد أتخذ حلا وسطا يرضي جميع الأطراف وهو أن يقسم اليمين في ميدان التحرير نزولا على الإرادة الشعبية ثم يقسم في اليوم التالي أمام المحكمة الدستورية العليا عملا بالقواعد الدستورية وهو ما قد يشكل مخرجا من الأزمة

أما بالنسبة لحل مجلس الشعب فهو حكم محكمة لا يجوز معارضته , صحيح أن توقيت الحكم كان سياسيا بامتياز ولكن في النهاية يتعين احترام القانون خاصة من جانب الرئيس المنتخب , وعلى أي حال ثمة طعن أمام محكمة القضاء الإداري لإعادة النظر في حكم المحكمة الدستورية العليا فعلينا الانتظار حتى يتم البت فيه

البعض أنتقد الاحتفاء المبالغ فيه بالرئيس المنتخب خوفا من صناعة فرعون جديد , غير أن الأمر يستحق في نظري إذ على مدار ثلاثين عاما لم ير جيلي رئيسا يمشي بشكل عادي وسط الناس مثل أيام جمال عبد الناصر , وهي الأيام التي لم يعيشها جيلي وإنما سمعنا عنها من آبائنا وأجدادنا , أما عن صناعة الفرعون فأعتقد أن زمن الفراعين قد ولى إلى غير رجعة

أهم ما جاء بخطاب الرئيس في اعتقادي أنه بعث برسالة قوية الى المجلس العسكري مفادها أنه يتعين تسليم السلطة بالكامل الى الرئيس المنتخب , وأتصور أنه بعد التأييد الأسطوري الذي حظى به مرسي في ميدان التحرير فقد تغيرت موازين القوى بشكل كبير وبالتالي يتعين على الرئيس أن يفاوض المجلس العسكري الذي بات في أضعف حالاته من منطلق قوة وصولا لاسترداد السلطة بالكامل ورحيل المجلس العسكري إلى ثكناته

ولا جدال في أن الرئيس محمد مرسي قد دخل التاريخ ليس فقط لأنه أول رئيس منتخب للجمهورية الثانية بل لأنه أول رئيس وربما يكون الأخير الذي يلقى قسم اليمين في ميدان التحرير , بقى أن يحقق مرسي ما وعد به من الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية فلو أنه نجح في ذلك فلا أستبعد أن يتم التمديد له لفترة رئاسة ثانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات