الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار والمشروع الثقافي

حميد المصباحي

2012 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الفكر الإشتراكي في عالمنا العربي,ظهر تاريخيا بشكل مفارق,فلم يكن وليد صراعات طبقية حادة بين الطبقة العاملة وخصومها الإقتصاديين,الذين تنحاز لهم الدولة,بل كان نتيجة انبهار النخبة العربية بفكرة العدالة,التي اعتبرتها مطلبا يمكن أن يتجمع حوله العاطلون والفقراء,والفلاحون والمتضررون من اختيارات الدول التي ظهرت بعد استقلال الدول العربية,والتي لم تحقق ما طمح له رجالات المقاومة,سياسيا الإستقلال عن القوى الإستعمارية,اقتصاديا تحقيق ما يضمن تنمية الوطن وخصوصا المناطق المهمشة,والتي كانت بفعل بعدها عن المراكز الحضرية,بؤرة لبداية المقاومة المسلحة,والتي أرغمت على التخلص من أسلحتها والإنخراط في النضال المدني,الذي تزعمه رجالات المدن,وتجارها,فاعتبر بمثابة التحرير والإستقلال,من هنا كانت حركات اليسار التاريخية,تحمل في طياتها بوادر الصراعات والتقاطبات بين المراكز المدنية,والضواحي المهمشة في المحيط البعيد عن القرارات السياسية كما أن رهانات الثورة لديها,ظلت
حبيسة اختيارين,الأول عنيف,حصر نفسه في الممارسة السرية,وربما اعتمد السلاح لتغيير الأنظمة العربية بالعنف,مع العمل في الواجهات المدنية,استعدادا وتهييئا لشروط الثورات,باستحضار النموذجين,الروسي أو حتى الصيني والفتنامي
وأيضا الكوبي,بما يقتضيه ذلك من انخراط مع العمال والفلاحين وكل الفئات المتضررة,من الرأسمالية وحلفائها من كبار الإقطاعيين وتجار الريع,والذين يشكلون القاعدة الأساسية للأنظمة السياسية العربية الطبقية.أما التوجه الثاني,فقد اختار التغيير من خلال الفعل الشرعي السياسي,بلعب دور المعارضة,التي شكلت هي الأخرى,اتجاهين,أحدها فضل المشاركة في الإنتخابات,لنيل أغلبية نيابية,يتأهل بها للتعريف بمشروعه السياسي,وآخر فضل مقاطعة الإنتخابات,والدعوة إلى مقاطعتها,والإصطدام بالحكام وقواهم الأمنية بدون الدعوة إلى العنف.
يبدو أن اختلافات اليسار العربي الإيديولوجية,لم تكن إلا مبررات لتناقض تاكتيكات الصراع السياسي,وأن هذه التاكتيكات لم تكن إلا انعكاسا لتقييم الخسارات المحتملة,ومدى قدرة التنظيمات على تحملها,أو هي أشكال متفاوتة بالتهديد بالثورات عند العجز عن تحقيق شروطها,بذلك كانت اختلافات اليساريين العرب,تنضح بالكثير من التنافسية اللفظية,أو البطولية العنيفة والشبه عسكرية والتي لاأحد ينكر التضحيات الجسام التي قدمتها,دليل صدق والرغبة العارمة في التفاني,والتي افتقدت في الفكر اليساري العربي,باستثناء اليسار الفلسطيني,بحكم ظروف وجوده ونشأته التاريخية,وإلى حد ما اليسار اللبناني.إن اليسار العربي مطالب حاليا,بإعادة قراءة تجاربه,وفحص منطلقاته النظرية والسياسية,وحتى تاكتيكات صراعاته وتحالفاته,وكل هذه لم تعرف تغييرات منذ القرن التاسع عشر الميلادي,فعلى اليسار العربي,إعادة تعريف ذاته,بدون مركبات نقص,أو تعال عن واقعه الراهن,الذي يعج بالكثير من التناقضات,التي تنخر جسمه,وتعوقه عن الإنخراط الفعلي في معترك المواجهة بآليات جديدة,والتي لايمكن على ما أعتقد أن تكون إلا ثقافية,لتأهيل المتضررين من اختيارات الدول العربية,فالثقافة لاتفترض بالضرورة الإعتقاد في الفكر الإشتراكي,بل هي القابلية على الأقل لمساءلة الواقع,والسعي لعقلنة المشاكل بفهمها وليس التهرب الجماعي منها في انتظار سيطرة السياسة الثورية أو الأخزاب الإشتراكية ووصولها إلى الحكم,والمشاكل لايمكنها أن تظل معلقة,لأنها تتطور,وحلول اليوم لها لايمكن أن تكون حلا لها غدا,فضعف الأحزاب الإشتراكية في العالم العربي,يتمثل في غياب مشروع ثقافي,أو عدم تجديده,مما خنق التجربة في معترك الصراعات السياسية,وحولها إلى حرفة أو وسيلة للرقي الإجتماعي واكتساب رمزيات التفاوت بدل العدالة,فكيف يدافع الباحثون عن الحظوة على المساواة,وهم أنفسهم يتفننون في لعبة التعالي عن كل أفراد المجتمع؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليسار العربي
مجدي محروس عبدالله ( 2012 / 7 / 4 - 05:13 )
لديه مشاكل كثيرة بخلاف -الحاجة الى تعريف نفسه-فانعزاله الواضح
عن الطبقات الدنية و تصدر المشهد السياسي نخبةتروج لنفسها انها
اليسار وتنحدر الى مستوى ديماجوجية الاسلاميين ولا فكر السلفيين
كل هذا ادى الى انحدار اليسار المفجع ولا ادرى هل هذا له علاقة بأزمة او اطروحة -اعادة تعريف اليسار العربي- ام لا
تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. انتخابات إيران الرئاسية: خامنئي يحث الناخبين على التصويت في


.. الحكومة الجديدة في مصر تؤدي اليمين الدستورية • فرانس 24




.. الانتخابات النيابية الفرنسية: نتائج الجولة الأولى في ميزان ا


.. مقتل قيادي بارز في حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته ب




.. #مصر.. إغلاق مبكر للمحال التجارية عند العاشرة مساء #سوشال_سك