الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة وتحديات في مواجهة الرئيس المصري المنتخب

عليان عليان

2012 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تنفست مصر الصعداء ، بعد إعلان لجنة الانتخابات الرئاسية فوز الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر بفارق يقترب من المليون صوت عن منافسه مرشح الفلول الفريق أحمد شفيق حيث جاء إعلان النتيجة وسط هدير الملايين - التي احتشدت في ميدان التحرير وبقية ميادين مصر رفضاً للإعلان الدستوري المكمل وللتزوير المحتمل – ذلك الهدير الذي دوخ أذن وأعصاب قضاة لجنة الانتخابات الرئاسية والمجلس العسكري.
ولم يعد خافياً على أحد أن البعض من القوى الثورية فرح وابتهج لسقوط شفيق لكنه في ذات الوقت لم ير في مرسي وبرنامجه ما يلبي الطموح ، في حين أن قوى ليبرالية أخرى مثل حركة (6 )إبريل صوتت لصالح مرسي ، انتصاراً للديمقراطية الوليدة رغم تباين برنامجها الذي قد يصل إلى حد التناقض مع برنامج مرسي .
في حين أن قوى قومية وعلمانية أخرى أبطلت أصواتها ولم تصوت لصالح أي من المرشحين ، اعتقاداً منها : أنه لا فرق بين الاثنين في ضوء موقف مرسي الداعم للخصخصة ، وموقفه الضبابي من معاهدة كامب ديفيد ، وفي ضوء حديثه مبكراً ، عن برنامج لمدة تزيد عن 20 سنة ما يشي بحكم شمولي ، وتأبيد السلطة لصالح الأخوان المسلمين.
ولم يعد سراً أن تأجيل لجنة الانتخابات الرئاسية موعد إعلان النتيجة لمدة أسبوع بتنسيق مع المجلس العسكري، لم يكن بريئاً رغم المبررات التي قدمها المستشار سلطان ، بشأن الطعون المتبادلة بعد أن كشفت التسريبات أن عدداً لا بأس به من أعضاء اللجنة كان بصدد القبول بطعون حملة شفيق الزائفة ، لإبطال مئات الآلاف من الأصوات الخاصة بمرسي، لصالح شفيق من أجل تفويزه .
لكن عوامل ثلاثة حسمت النتيجة – وهي حقيقية – لصالح التراجع عن التزوير في النتيجة النهائية هما:
أولاً: إدراك المجلس العسكري وأداته ( لجنة الانتخابات الرئاسية ) بأن الشارع المصري يموج بالثورة ، وأن إقدامه على تفويز شفيق بالتزوير سيخلق ثورة ثانية ، لن تتوقف حتى الإطاحة بالمجلس العسكري.
ثانياً : تنبؤ وتحذير الكثير من المحللين والمراقبين بأن تلاعب المجلس العسكري بالنتيجة ، قد يؤدي إلى سيناريو شبيه بالسيناريو الجزائري في مطلع تسعينات القرن الماضي.
وثالثاًً: أن هنالك ضغوطاً لقوى دولية حصلت في الساعات الأخيرة على المجلس العسكري بعدم التلاعب بالنتيجة ، لان تداعيات مثل هذا التلاعب سيصعب السيطرة عليها ، وتؤثر بالتأكيد على مصالح هذه القوى في المنطقة.
لقد جلس الرئيس المنتخب الآن في ذات المكتب الذي كان يجلس فيه الرئيس المخلوع مبارك ، والذي أصدر من داخله أوامر اعتقال مرسي وكل المناهضين لسياساته، وبات واضحاً أن مهاما معقدة وعقبات كثيرة تنتظر الرئيس الجديد.
وتكمن هذه العقبات في الإجراءات الخطيرة التي أقدم عليها المجلس العسكري التي تجرد الرئيس من صلاحياته ، عبر الإعلان الدستوري المكمل وعبر حل المجلس التشريعي من خلال قرار صادر عن المحكمة الدستورية ، بحيث بات المجلس العسكري يستحوذ على السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ناهيك أن المجلس المذكور أعاد العمل بأحكام الطوارئ من خلال قانون الضبطية العدلية- الذي أبطلته المحكمة الإدارية لاحقاً - الذي يتيح للمخابرات والشرطة العسكرية والشرطة ، اعتقال المدنيين وتقديمهم للمحاكم العسكرية.
كما تكمن هذه العقبات في بقاء جهاز الدولة العميقة بكل تفاصيله على حاله سواءً في الأمن أو الإعلام أو دوائر الخارجية وغيرها بيد الفلول وأركان النظام السابق ، ناهيك أن المجلس العسكري مصر على أن يتدخل في تشكيل الحكومة واضعاً نصب عينيه السيطرة على الوزارات السيادية وهي : الدفاع والخارجية والداخلية ، بعد أن شكل مجلس الدفاع المدني" الأمن القومي " بطريقة ضمن فيها أن يكون صاحب القرار في حالتي السلم والحرب.
وبالإضافة إلى هذه العقبات ، هناك تحديات تواجه الرئيس الجديد وأبرزها ما يلي :
أولاً: التحدي الاقتصادي: ويتمثل هذا التحدي في التراجع الخطير جداً في معدل النمو والاستثمارات ، وفي التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الإدارة البائسة للمرحلة الانتقالية ، من قبل المجلس العسكري منذ خلع مبارك في الحادي عشر من فبراير- شباط 2011 ، وفي ارتفاع نسبة البطالة إلى 12 في المائة وبلوغها نسبة 24 في المائة في أوساط الشباب ، وفي تراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير ولجوء البعض إلى معاقبة الثورة بهذا الخصوص.
ثانياً: تحدي السياسة الخارجية بمعنى كيف يدير الرئيس السياسة الخارجية بشكل مستقل ، بعيداً عن الارتهان لواشنطن في ضوء إصرار العسكر على ذات السياسة السابقة.
ثالثاً: تحدي التحالفات الداخلية: وهو التحدي الأهم الذي يمكنه من خوض معركته مع أعداء الثورة ، بمعنى هل سيقدم الرئيس على عقد مساومة داخلية مع بقية قوى الثورة ، حتى تتمكن من إفشال الإعلان الدستوري المكمل ، ومن إلغاء قرار حل البرلمان وتحجيم دور المجلس العسكري ، وإعادة هيكلة الدولة لإنهاء دور الفلول من أجل تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
والرئيس المنتخب يدرك جيداً أن العديد من القوى الثورية صوتت لصالحه في انتخابات الإعادة ، رغم تباينها مع برنامجه بحكم انشدادها للتناقض الرئيسي مع الفريق شفيق وبقية الفلول .
ويدرك أيضاً أن هدف الجماهير المعتصمة منذ أيام في ميدان التحرير وكافة ميادين مصر ، من قبل كافة القوى الثورية هو إفشال كافة الإجراءات التي أقدم عليها المجلس العسكري تمهيداً لتحجيمه وإسقاط دوره في الحياة السياسية ،لأن هذه الإجراءات لا تشكل خطراً على الرئيس ودوره فقط ، بل تشكل خطراً على مجمل العملية الديمقراطية وعلى كامل الأهداف التي قانت ثورة 25 يناير من أجلها.
وفي التقدير الموضوعي أن عقد مثل هذه التحالفات يقتضي تجاوز عقلية الإقصاء وإبداء قدر عالي من المرونة ، وتشكيل حكومة وفاق وطني من كافة ألوان الطيف الثوري وتعيين نواب للرئيس من القوى الوطنية الأخرى وبصلاحيات حقيقية.
ويرى العديد من المراقبين أنه على الرئيس وحزب العدالة والتنمية أن يقدما إجابات على الأسئلة والتقارير الصحفية التي تشيع أن الأخوان المسلمين عقدوا صفقة مع الأميركان والعسكر ، ضمنت لهم في اللحظة الأخيرة عدم تزوير النتائج لصالح شفيق ، مقابل أن يلتزم الرئيس بمعاهدة كامب ديفيد وأن لا يتصدى لسياسات الخصخصة ،خاصةً بعد أن أعلن الرئيس في خطابه التزامه بكافة المعاهدات الدولية ، رغم أن الإعلان قد يكون في سياق تكتيكي.
لقد قدم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي خطاباً تطمينياً وإيجابياً لمختلف فئات الشعب المصري الاجتماعية وطوائفه لقي استحساناً من العديد من قوى الثورة وأشاع مناخاً من الطمأنينة يمكن البناء عليه في مواجهة تحديات واستحقاقات المرحلة القادمة الكبيرة والخطيرة.
وأقدم على خطوة إيجابية ، عندما أعطى الأولوية في قسم اليمين أمام ميدان التحرير ، قبل أدائه أمام الهيئة العامة للمحكمة الدستورية وعندما تصرف في خطابه أمام جامعة القاهرة وكأن الإعلان الدستوري المكمل لم يكن ، عندما أكد ان الشعب وحده مصدر السلطات لكنه أخفق في عدم إشارته من قريب أو بعيد إلى معاهدة كامب ديفيد ، وإلى الحصار الصهيوني والعربي الرسمي على قطاع غزة ، ما ترك أسئلة الاستفهام بدون إجابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم