الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكر اليسار

حميد المصباحي

2012 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في القرن التاسع عشر,عرفت الإنسانية تحولات جوهرية انطلقت من اروبا لتمتد إلى كل الدول,لكن اختلافات النخب,وطرق تفكيرها,كان لها دور حاسم,في القبول أو الرفض للقيم,التي عرفت فيما بعد بالحداثة,والعلمية,فكان اليسار الأروبي,وليد الحداثة,التي اعتبرت غاية لايمكن تحقيقها من خلال فكر الإقطاع وكل المتحالفين معه,من الساسة حكاما كانوا أو مجرد داعمين من دور العبادة والكنايس,وهنا كانت البورجوازية الأروبية,مدركة بغريزتها السسيواقتصاديةولضرورة التحولات,المفروضة عليها,إن أرادت الحفاظ على مصالحها,وتبوؤ مكانة في تاريخ الصراعات الإجتماعية,فعملت هلى تخطي كل قيم الإقطاع,والتفاوت بناء على الأعراق أو الإنتماءات العتيقة,شريطة تحرير الإنسان من كل ما يعيقه عن اكتساب الثروات,وحتى السلط الحاسمة,وبذلك قدمت تنازلات لصالح الطبقات المناهضة لها سياسيا واقتصاديا,بل إن البورجوازية في بعض الدول الغربية وحتى الأمريكية خاضت حروبا ضد نظام العبودية,كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية
من خلال الحرب الأهلية,وغيرها من الدول,هنا كانت نشأة اليسار,تعبير عما لم تحققه البورجوازية من حقوق فردية وجماعية لصالح العمال والمجتمع برمته,فكانت الماركسية هي الجواب العملي والعلمي عن طوباوية الدعوات للعدالة,وانتظارية تحقيق الثروات ومراكمتها في أفق إغناء المجتمعات القوية على حساب الدول الضعيفة,التي اشتد التنافس حولها بين الأقوياء وتطور إلى حروب دولية,ربما كانت محاولة للهروب من المواجهات الطاءئفية,التي كانت مهددة لأروبا بأكملها,هنا كان اليسار الأروبي ميالا لاختيارات معارضة في أغلبها للعنف الثوري,الذي أوجد دولة قوية هي روسيا التي مدت تحالفاتها الأممية باسم الإتحاد السوفياتي,فرأت فيها الحركات الإشتراكية الأروبية محاولة لفرض اشتراكية شرقية على الغرب,الذي كان هو المؤسس لها,لكن مكر التاريخ,شاء أن تتحقق الفكرة في الشرق بدل الغرب,بقي هذا الصراع خفيا,وربما هو ما أدى إلى انهيار الأممية,وظهور الإشتراكية الديمقراطية,التي بدت كنقيض للإشتراكية العلمية,أو الماركسية اللينينية,باختصار كان اليسار الأروبي,مؤهلا لاكتساب تميزات فكرية وثقافية,أهلته لفهم مجتمعاته,والتي كانت هي الأخرى في صلب الحداثة,ورسخت بتاريخيتها قيم القبول بالجديد,التي انتقلت بالتربية والمعرفة إلى كل الأجيال اللاحقة.

أما في العالم العربي,فلم تظهر البورجوازية,المناهضة للإقطاع,المختلف هو الآخر عن الإقطاع الأروبي,لأنه مزيج من العبودية الغريبة,لأن العبيد فيها هم المدافعون عنها وليس الإقطاعيون,وهذا نمط غريب من العلاقات الإجتماعية,التي لم يعرفها الغرب نفسه,مثل فكرة تقسيم الناس إلى شرفاء وعاميين,أو مكرمين وخداما لهم,بفعل تعاقد مقدس,يحميه الدين ويقبل به الإلاه نفسه,ليكون العبض في خدمة الغير,وفق ناموس إلاهي غير قابل للمراجعة والتفكير في إلغائه,لهذه الأسباب كانت النخب العربية غير مدركة لأبعاد الحداثة,لأتها باختصار لم تعش تحولاتها الإقتصادية والثقافية وحتى السياسية,بل قفزت عليها نحو الإشتراكية,التي باسمها تحاملت على الفكر الليبرالي,واعتبرته رأسمالية استغلالية لاتتحقق الغشتراكية إلا بالقضاء عليها,حتى لو كان البلد فلاحيا وعبوديا في علاقاته وقيمه,وظهرت اجتهادات,تعول على فكرة حرق المراحل,والإنتقال إلى الإشتراكية مباشرة دون حاجة إلى حداثة في الفكر والتدبير الإقتصادي والعقلاني,فكان فكر اليسار العربي,فكرا توليفيا تحريضيا,خاليا من كل أشكال العقلانية,متحاملا على الفروقات الفردية,غير معترف بها,لأنها قيمة أنانية تتعارض مع الإشتراكية والعدالة,هنا كان سر معاداة المثقفين والفنانين والمبدعين,إلا من حولوا أنفسهم إلى خدم لقادة الفكر العلمي,وأحلامه,التي صارت تكرارا لشعارات خالية من كل الحوافز على التفكير,أو إعادة التفكير في الفكر الإشتراكي نفسه,لأنه حامل لقيم إنسانية ينبغي الحفاظ عليها دون تحنيطها لتتحول إلى أوثان,ويصير اليساري من عبدة القبور,وحراسها القدامى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم