الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل محافظ نينوى مشاكس أم إيجابي؟

حمزة الجواهري

2012 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كان عراب المفاوضات وزير الموارد الطبيعية في كوردستان، ولم تخفي حكومة الإقليم فرحها الغامر بهذه المفاوضات بين اكسون موبيل ومحافظة نينوى بخصوص الحقول التي تعاقد عليها الإقليم مع الشركة الأمريكية، ذلك كون هذه المناطق تقع ضمن أراضي نينوى.
من الوهلة الأولى عند سماع هذا الخبر تزدحم الأسئلة في الذهن، إلى حد الغليان، أليس الأجدر به أن يتحقق من طبيعة العقود من الناحية القانونية قبل الدخول مع اكسون موبيل وتحت ظل اإقليم كوردستان في مفاوضات؟ فهو لحد هذه اللحظة لم يتأكد من موقفه القانوني أو مدى تطابقه مع الدستور!
ثم لمذا يأتي هذا التحرك خلال الأزمة التي مرت بها الدولة والنجيفيين طرفا فيها لصالح كوردستان؟
ألا يعرف الجميع أن هدف حكومة الإقليم من هذه التحركات هو شرعنة عقوده وفرض سياسته النفطية بالكامل على العراق؟
وما يثير القلق المرعب هو أن رؤساء الكتل السياسية في العموم الغالب يرغبون بحصة من النفط العراقي كما يرغب بها المحافظ، وهو الظن الذي يرقى للحقيقة في الوهلة الأولى، فجميع هؤلاء الزعماء يتمنى نجاح الإقليم بسياسته النفطية الغير دستورية، فهذا الهاجس نجده لدى جمبع المتابعين للشأن النفطي وهو مشروع، لأن امتلاك حصة من النفط العراقي تعني أن أيا من هؤلاء سيكون مليارديرا في لحظة لمجرد توافقه مع الآخرين، لذا نجدهم يصرون، بل يرقصون، لمسألة التوافق، خصوصا إذا كان التوافق بدون تفاصيل.
ففي رطانة دستورية لخص السيد المحافظ المتمرد على الحكومة الإتحادية، وفق وؤيتها له، رغم أني لا أرى ذلك ولكن ليس بالمطلق، فقد لخص المحافظ الأسباب التي دعته للتفاوض مع الشركة التي اعترض يوما ما على تعاقدها مع الإقليم على اسنكشاف وتطوير وإنتاج رقع جغرافية تقع في محافظته نينوى. ففي حديثه لرويتر اوضح النجيفي أن هناك أربعة مراحل يجب أن تمر بها مسألة التفاوض، ونحن، مازال الحديث للسيد المحافظ، لم نبدأ لغاية الآن في المرحلة الأولى، حيث تتلخص هذه المراحل بالآتي:
المرحلة الأولى
تتمثل بالحصول على معلومات، ولن نفعل ذلك إلا بتخويل واضح وصريح من مجلس محافظة نينوى إذ لا يمكن الحصول على هذه المعلومات إلا من جهتين تمتلكان تلك المعلومات على نحو دقيق وهما الإقليم والشركات المتعاقدة معه، مضيفاً أن الشركات لا تستطيع الإفصاح عن المعلومات إلا بتفويض الإقليم لأنها مرتبطة معه بعقود. انتهت العبارة. وهذا تبرير مقبول نسبيا من المحافظ، ولكن لنمضي قليلا معه في الخطوات اللاحقة رغم انه تجاهل وجود الحكومة الإتحادية.
المرحلة الثانية
كما يقول السيد المحافظ تتمثل بدراسة العقود وعرضها على مجلس المحافظة لاتخاذ قرار يحدد طريقة التعامل معها وفق صلاحيات المحافظة الدستورية والقانونية، وإمكانيات تطوير المحافظة فيما لو استغلت تلك الإمكانيات والصلاحيات وتم تحديد طريقة التعامل مع العقود إيجابياً، وان الأمر يحتاج إلى الاستعانة بخبراء نفطيين وقانونيين، وقد يتطلب الأمر فقهاء في القانون الدستوري ليبينوا آراءهم بشأن المسألة، ثم يصدر مجلس المحافظة على أساس كل ذلك قراراته.
رغم أن الخبراء قد قالوا ما فيه الكفاية حول هذا الموضوع، لكن يبدو أن السيد المحافظ لم يكن متابعا جيدا للموضوع، أو أنه لم يفهمه، ربما لغاية في نفس يعقوب، فهو من الذكاء والفطنة ما يشهد به الجميع له. لكن المهم أيضا هو أن أنه لم يطلب استشارة محكمة دستورية، تلك التي نسميها المحكمة الإتحادية، ولم يطلب مشورة حكومته ولا حتى أعضاء مجلس محافظته!
عموما إن المادة111 واضحة وليست بحاجة إلى فقيه دستوري جهبذ، فهي تنص على أن " النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات "، من البديهي وفق هذه المادة أن تعود ملكية هذه الثروة أينما وجدت لجميع أبناء العراق أينما وجدوا، فهي إذا ملكية عامة، وهناك أحكام في القانون العراقي تنظم الملكية العامة مازالت سارية ومعمول بها، ومن البديهي أيضا أن تكون هناك جهة ما تمثل جميع العراقيين وليس جزءا منهم، إذ ليس من المعقول أن يمثل محافظ النجف، على سبيل المثال، أبناء كل العراق ويتصرف بملكية مشتركة تخصهم ما لم تخوله بذلك جهة ما حددها الدستور أيضا، وسأترك تقدير هذه الجهة للسيد محافظ نينوى لثقتي بذكاءه، وأخيرا نستنتج من هذه المادة أنه من البديهي أن لا نشرك بملكية هذه الثروة أية جهة مهما كانت، حتى لو كان السيد المحافظ نفسه، فهو واحد من أصل ثلاثة وثلاثين مليون انسان.
المرحلة الثالثة
كما يحددها السيد المحافظ هي التفاوض مع الإقليم والشركات النفطية أو الحكومة المركزية، وبحسب ما يقرره مجلس المحافظة، وبما لا يتعارض مع الدستور والقانون.
يبدو لي أن هذه المرحلة هي التي تثير حفيظة الحكومة الإتحادية ضد السيد المحافظ، فالمادة112 أولا وثانيا لا تخولان أية جهة بالتفاوض حول هذه الثروة منفردة من دون وجود الحكومة الإتحادية، فهذه المادة تنص على الآتي:
المادة 112
أولا: تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون.
ثانيا: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار.
فكما هو ملاحظ من هذه المادة أنها تنص على أن كل ما يتعلق بالحقول الوادرة بأولا منها أو ثانيا يجب أن تكون تحت إدارة الحكومة الإتحادية بمشاركة حكومات الأقاليم أو المحافظات عندما يتعلق الأمر بإقليمهم أو محافظتهم، وليس معقولا أن تتفاوض محافظة أو إقليما ما دون علم الحكومة الإتحادية مطلقا، فالقيادة هنا بيد الإتحادية وليس المحافظة، لكن مع ذلك نجد أن محافظة نينوى قد أخذت مبادرة إيجابية نحو وضع حل للمشكلة وحلحلتها من وضعها الحالي، وهو الوضع الذي نرى فيه الإقليم يتمادى بتحديه للحكومة الإتحادية ويوقع العقود تلو العقود، ويفعل ما يشاء، وبذات الوقت يدعي أنه يعمل وفق الدستور، بالمقابل لا نسمع من الحكومة الإتحادية سوى عبارة واحدة حفظناها جميعا وهي ""أن عقود كوردستان غير شرعية ووتعارض مع الدستور""، صحيح أن معظم الأخوة الكورد، لا يعرفون اللغة العربية جيدا، لكن العرب يعرفوها جيدا، وحتى الأمي منهم يفهم عندما نقرأ له نصا ما باللغة العربية، فلو كانت حكومة اٌلإقليم تراهن على جهل شعب الإقليم بالعربية، لكن علام يراهن السيد محافظ نينوى؟ فجميع السكان في محافظته من العرب وحتى الكورد أو باقي القوميات يعرفون اللغة العربية بشكل جيد بحكم المعايشة على أقل تقدير. فالمادة بشقيها أولا وثانيا تبدأ بعبارة " تقوم الحكومة الاتحادية"، فكيف سيقنع الناس في محافظته، فضلا عن باقي المحافظات العراقية، بأن الحكومة الإتحادية غير معنية بشأن النفط؟ فحتى الأمي أو الطفل سيلاحظ أن للحكومة الإتحادية لها شأن كبير في هذا الموضوع.
حقيقة ألوم الحكومة الإتحادية عدم انتباهها إلى أن المحافظ قد عرف عنه أنه شخصا من النوع المبادر والإيجابي، فكان يجب عليها أن تستفيد من هذه المبادرة، وتكسر الجمود في الملف النفطي مع حكومة كوردستان، وذلك بأن تستدعيه في العلن، أكرر في العلن وليس سرا، وتدفعه نحو المضي في التفاوض، وتدعمه بالخبراء في القانون، وخبراء في الجانب الفني، ليتفاوض وكأنه ممثلا للحكومة الإتحادية وليس محافظة نينوى فقط، آن ذاك سيدرك الأخوة في الإقليم أنهم أيضا معنيين بشكل رسمي في المسألة وليس مجرد مشاكسة أو تمرد يزيد من إحراج الحكومة الإتحادية.
بمعنى أنه كان يجب على الحكومة الإتحادية أن تكون إيجابية ومنفتحة لتستفيد من جميع المبادرات الإيجابية لحلحلة موضوع الخلاف الذي بدا مستعصيا على الحل، وذلك بأن لا تستمر بترديد العبارة التي حفظها الجميع من أن ""عقود الإقليم غير شرعية"" وتكتفي بذلك. لذا ومن هذه الناحية لا ألوم محافظ نينوى بأن يستثني الحكومة الإتحادية رغم أن تصرفه بعيدا عن الدستور، لأن القرب والبعد عن الدستور تفصح عنه النتائج وليس المسعى، فالكثير من المساعي الحميدة بدأت بوضع غير سليم لكنها انتهت بنتائج سليمة وباهرة.
المرحلة الرابعة، وهي الأخيرة
كما تنقل رويتر عن محافظ نينوى أنها "تتمثل بالعودة إلى مجلس المحافظة لمناقشة نتائج المفاوضات وإقرارها، لتحصل على الشرعية الكاملة، او رفضها جملة وتفصيلاً، أو ان يطلب تعديلها حسب القناعة".
فنلاحظ حتى نهاية الخطة التي وضعها السيد المحافظ لا تتضمن العودة للحكومة الإتحادية، وهذا مأخذ كبير وغير دستوري، وهنا أرجو من القارئ العودة وقراءة المادتين111 و112 أولا وثانيا للتأكد من تجاوز السيد المحافظ على الدستور، لذا فإن الحكومة الإتحادية قد وجدت أن عدم إلتزام الموظف الحكومي بالدستور، أبو القوانين، يقتضي فصله من الوظيفة، ولولا أن رئيس البرلمان هو شقيق المحافظ ومشترك معه في هذه المحاولة، لكن السيد المحافظ يركن الآن في بيته ويستمتع بأغاني الترث الموصللي الثري وفي إجازة لا نهاية لها.
بذات الوقت تكون الحكومة الإتحادية قد فقدت فرصة نادرة الحدوث لحلحلة الحالة المستعصية من الخلاف مع الإقليم، وعليه تستطيع مراجعة جميع العقود في المناطق المتعاقد عليها وتحولها ألى عقود تتفق مع الدستور، لأن عقود الخدمة التي اعتمدتها الحكومة الإتحادية تتشابه إلى حد بعيد مع عقود المشاركة بالإنتاج من الناحية الفنية والهيكلية، وذلك رغم ألفرق الكبير بينها، حيث أن عقود المشاركة التي اعتمدها الإقليم مخالفة للمادة111 الدستورية، لذا فإن الشركات العالمية ستتفهم موقف المحافظات التي تقع ضمنها المناطق المتنازع عليها والمعنية بعقود المشاركة بالإنتاج، خصوصا أكسون موبيل لأنها تحمل عقدا خدميا في غرب القرنة1.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحكومه الاتحاديه ارتضت التهميش
محمد سعيد ( 2012 / 7 / 6 - 10:19 )
الكتل السياسيه المهيمنه , والتي اعتمدت دستور -حمال اوجه- وملغم بالتاؤيلات والتفسيرات المنتاقضه. انها ارتضت بذلك , كما عجزت السلطه التنفيذيه والتشريعيه المشكله من كافه الكتل الكبيره في البلاد , باصدار القوانين والتنظيمات والتعليمات الضروريه الملحقه والمفسره للدستور ,تحدد بموجبها كيفيه تنظيم قطاع النفط والصلاحيات والمسووليات الواضحه للسلطه الاتحاديه والاقليم والمحافظات , وكذلك قانون كيفيه توزيع الايرادات سواء بين المناطق المنتجه وغير المنتجه. هذا ويبدو ان القوي السياسيه هذه عمدت الي ابقاء هذا الغموض لتحقيق مصالحها الذاتيه ,عليه ليس غريبا ان ينبري في قادم ايام محافظ اخر مثل البصره او ميسان او الناصريه او الانبار لتوقيع عقود نفطيه او تطوير اواستخراج موارد طبيعيه عامه اخري من وراء ظهر الحكومه الاتحاديه التي ارتضت التهميش لشئ غير معلوم

اخر الافلام

.. دبي تعد خطة متكاملة لمواجهة طوارئ الطقس


.. -سأسكن بخيمة فوق دمار منزلي-.. غزيون يعودون إلى مخيم النصيرا




.. حزب -تقدم- يرى إمكانية عودة زعيمه محمد الحلبوسي لرئاسة مجلس


.. فيديو: بلينكن يطفئ سخونة ملفي فلسطين وأوكرانيا في اجتماع قمة




.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟