الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات فى حالة سعادة

هانى جرجس عياد

2012 / 7 / 5
سيرة ذاتية


دخلت مصر نفقا حالك الظلمة، لا يستطيع أحد أن يرى فيه أحدا، فضلا عن محاولة التطلع إلى نهاية نفق يبدو وكأنه بلا نهاية. لا أعرف كيف استطاعت صديقتى الصحفية الجميلة أن تصل إلىَّ فى هذا النفق المظلم لتدعونى لحضور حفل زفاف ابنة شقيقتها.
«مى» بنوتة مصرية جميلة، لن تكون على خطأ إذا ما اعتقدت أنها حفيدة نفرتيتى أو رمسيس الأول، واحدة من ملايين البنات المصريات اللواتى يفضن مرحا وبراءة، شقاوة وطهرا، حيوية ونقاء، فيمنحن للحياة معناها الحقيقى. «مى» أصبحت اليوم عروسا، حسنا، لكن هذا يعنى أننى وأبناء جيلى نتقدم بخطوات ثابتة نحو الشيخوخة، لا بأس، المهم أن ثمة ما «يتقدم» فى مصر المحروسة.
ما أن تقترب من «قاعة الأفراح»، حتى تشعر على الفور براحة عميقة، حيث لم يزل ثمة متسع للسعادة والفرح فى حياتنا، هكذا نحن المصريين دائما، نواجه الحياة بابتسامة لا تذبل، نتحدى المصاعب بضحكة تجلجل الأركان، نهزم الهزيمة بابتسامة ساخرة، فما بالك لو كانت المناسبة زواج «مى»؟
تستقبلك «جدة العروس» بذارعين مفتوحتين، فتجد نفسك فى دفء حضن الأم، فتدعو لها بطول البقاء متمنيا أن تكون كل أيامها أفراح.
أم العروس، ومن أكثر سعادة من العروس إلا أمها؟ امرأة مصرية صلبة ونقية، رضيت بحكم القدر أن تكون مسئولة وحدها عن تربية الأولاد، فأدت رسالتها على أكمل وجه، وصانت الأمانة كما يجب أن تُصان، وقدمت لمصر بعض أجمل وأنقى أبناء هذا الجيل الشاب، مى وأشقائها.
خالة العروس المهندسة التى تشعر معها بحميمية حب الأخت، فتحيلك بعفوية وبراءة إلى أحد أفراد أسرة جميلة.
«أنا اسمى أيه؟» هكذا يجيبك عن سؤالك بسؤال قبل أن يقول «عبد الحميد أيمن عبد الحميد» الطفل المشحونة عيناه بذكاء فطرى وشقاوة طبيعية، أنه ابن خال العروس، وخال العروس هو هذا «الواد الجدع» بكل ما يحمله هذا المصطلح فى اللهجة المصرية العامية من معانٍ إنسانية جميلة.
أما إذا لمحت فراشة أنيقة تنتقل بخفة بين المعازيم والضيوف، تتقدمها ابتسامة دافئة فتأكد أن هذه هى صديقتى الأجمل الصحفية الرائعة إيمان مطر، خالة العروس.
كان حفل الزفاف حالة إنسانية من الفرح النبيل والجميل، الطبيعى والمشروع، رجال ونساء، شباب وفتيات، يغنون ويرقصون بسعادة، يشاركون أسرتى العروسين فرحتهما، وبما يعطى للإنسانية معناها المتميز والمتفرد.
كان وقت العشاء، على صوت فيروز الملائكى مناسبة لحديث عن مستقبل وطن يتأرجح بين من يحاولون أعادته إلى الماضى ومن تشدهم أشواق المستقبل، لكن وقت العشاء انتهى، دون أن ينتهى الحديث.
بينما أنا أرقص فى مكانى مع الراقصين أمامى، طاف فى خيالى هاجس مرعب، فاقتربت من أذن الجالس على يسارى، وهو من أقارب العروس، ويشغل موقعا مهما فى الدولة «ماذا لو فوجئنا يوما بمن يفتى لنا بتحريم هذه الحالة من الفرح الإنسانى الجميل والمشروع؟»، أجابنى بإيجاز وحسم «دى مصر، ماينفعش تبقى على مقاس حد، مصر هى مصر»، أعدت ذات السؤال، همسا، فى أذن صديقى الصحفى الجالس على يمينى، فرفع حاجبيه فى دهشة متسائلا «تفتكر حد يقدر يعمل ده فى مصر؟».
ساعات من فرح حقيقى، وسعادة غامرة، لا تبعدك وحسب عن هموم وشجون وطن مضطرب، بل تبعث فى روحك دفقات ودفقات من الأمل فى غد لا يقوى أحد على إطفاء شمسه.
مبروك يا مى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت وغيرك السبب
محمد بن عبد الله ( 2012 / 7 / 5 - 14:27 )
كل من ساهم في تغوّل الإخوان وتسيـّد مرسي بالتصويت له أو بالامتناع عن التصويت ساهم في هذه الكارثة المحدقة بمصر

لا تندب كارثة قادمة كنت ومن معك سببا فيها يا استاذ وابكِ مع الشعب المنكوب الذي خذله مثقفوه المتحذلقون


2 - محمد بن عبدالله
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 7 / 5 - 14:35 )
البكاء على (شعب منكوب) يليق بك يا أستاذ محمد، أما مصر وشعبها، فلا تستلم لنكبة، تتعرض لنكسات وهزائم، مثل كل شعوب العالم عبر التاريخ، لكنها تعرف كيف ومتى تنهض من كبوتها، ليس بالبكاء تحيا الشعوب ، ولا بالندب تنهض من كبواتها، ألم تقرأ: دى مصر مينفعش تبقى على مقاس حد، مصر هى مصر؟

اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع