الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللحظة / الحركة

نصيف الناصري

2012 / 7 / 5
الادب والفن






سأم




متحرّراً من ثقل اللحظة ، أغوص في هاوية ثقيلة ،
ديست فيها حياتي وتكوَّمت أيّامها الشاحبة في حدائق
الجرح . أنصت تحت أضواء نجوم الصيف الى تهشم
السنبلة ، وأسمع أصداء صرخات لسجناء ، تعذّبتُ معهم
سنوات طويلة في البريَّة . كوارث ماضيي تتنفّس مثل
أصياف خديجة ، والنوم في بلادي التي بلا غيوم ،
مخالب مشدّودة الى الشقاء الندي للبركان . في تلمّسي
للظل الزكي للطمأنينة ، يحجز بيني وبين الزنبق المتجلّد
للحلم ، تنّين الموت المكمم في بوّابات النهار . لا قبضة
رهيفة تعينني على اخماد العواء المتكلّس للساعة ، ولا بئر
أسقط فيها وأنتشل حطام زمني المهشّم . الفراغ الذي
جاهدتُ دائماً للخلاص من بؤس عبوديته ، يطبق عليّ
بقوّة ، ويقذفني بما تتعذّر ازاحته ، أو تضميده تحت الاشارة
المتمايلة لمفاتيح الشمس . آبار حياتي متلألئة في التضجرات
المتسابقة على السأم الطويل للعالم ، والفوهة السوداء للحظة ،
تقذف حممها وتنتهك الالتواءة المألوفة لخطوتي المريضة .



مرآة حياتي السوداء



يمرُّ من أمامي سهم مشحوذ ببخور قرابين كثيرة ، ويوقظ ما دفنته
في { ما وراء الماضي } . الأنماط العديدة لفراقات المحبوب ، مشعة
الآن ، وتتحرّك من دون مناجاة . شهب وجه الشفيعة الماجن ، تعبر
اللحظات المظلمة لحاضري الذي تثقبه التلمسات المحتسبة للهجران .
ندف ثلج متضرعة لفضائل الزمن ، أطردها من مُلاحق خساراتي ،
وأتوغل وحدي في الذكرى مع أولئك الذين أعيتهم تنفساتهم في الأصياف
الذائبة لعوالم الحبّ . معظم الأشياء التي حنوت عليها ، تهشمت في
النسيانات الشاحبة للفصول . ضوء فجر ، تحك فيه الزيزان أشجار
محاذية لحلمي ، التقي فيه موتي ولا أجرؤ على تنظيف مرآة حياتي
السوداء .





احساسنا بحلاوة الموت



ولدنا لنفك حجارة الزمن المربوطة الى ثقل النجوم ،
وللتخلّص من احساسنا بحلاوة الموت
يتعيّن علينا أن نرمي ، ونحن نحيا الحفاوة
العظيمة للانسانية في العالم ، تبجح الفلسفة الكوني ،
والبصمات الرطبة للاهوت . ليست الأبدية زمن
من اللازم أن نهيم في خلوده التقليدي .
تهمنا الأحلام والايمانات التي نتجنّب فيها
الرضوخ المطلق الى الهارموني العتيق لما لا ثمر
فيه . نبحث في الحبّ عن مراكب أبحرنا فيها
قبل تعرفنا الى المحبوب ، ونبحث في الحركة
المرتجفة للجرح ، عن لحظة عشناها تحت الثقب
العميق لخبراتنا في الأطلال المتصدعة للعصور .



مرثية



أبحثُ في الظلال الشاحبة لحثالة الماضي ، عن فضاء أشرعة
حلمتُ في النوم بين أدويتها المدفوعة . زمني شائخ ، نحتت
مصائبه حجارتها المحمومة ، في الرضاب المتعفّن لفجرنا
المنغلق على تصدعاته . ما الذي نمتلكه الآن ولا يتضخم في
شظفه ، وفي تعقبه لأمراضنا المتفشية في الكثبان المتبدّلة للنهار ؟
هُيامنا في الحلم والشجرة محتقر ، وتنخفض فيه الساعة المرتعشة
للرغبة ، وكلّ ما ادخرناه في تضاؤل تضرعاتنا الصارمة ، نسلمه
باحترام جنائزي الى ما يرسخ السأم في أيامنا الخالية من الوميض .
حطب كثير رميناه تحت السهم الأدهم للصيف . لا شُعل الثمار
انتفشت تحت اتحاد نجومنا المعذبة ، ولا الأشياء التي تتعجّل موتنا ،
أنصتت الى البذور العتيقة المعطاة للوجود . يقربنا الرجاء من السلم
الأخضر للصلاة في الظلمة المقاومة للتاريخ ، ونوافذ جروحنا تنفتح
على الحجارة المتواضعة لدعامات الأبدية .




أرض الدفن



الى جليل حيدر



لا تطير عصافير الموتى في نسيم الخلجان المهجورة للزمن .
ابر طويلة من الصمت ، تضغط نفسها وتنغلق على العقيق
المعتم لعيونهم السامّة . كلّ ميت يريد تلافي التمرين الملوث
تحت أشجار الحلم ، للتخلّص من يقظته التي تنفخ ساعاتها
في أنصاب الفراغ ، لكن الموتى لا يجرؤون على التعرّي من
تثاقلهم ، ومن السير بين الخرائب البرّاقة لماضي صمتهم .
تستلزم غيابات الذين رحلوا ، من أجل الوفاء لعودتهم ، مكافحة
الصخور الضخمة في الأصداء المتوارية للعالم ، وردم
الأرضيات المحتشمة في أرض الدفن . نظام مسعور يرتقيه
عواء الانسان الذي يرمى وحيداً في عزلته . تقطعات مصير
محمّى منذ الأزل . تورّط الولادة في فحشها العفيف ، الموت .
الحبّ علامة محسوسة لمخالب النسيان بين السنوات المزمجرة
في الجرح الثاقب والمحموم للميت . في تفجرّ الصرخة المقوّضة
للانسانية وهي تجرجر تعفاناتها ، تتشبّع طقطقة العظام تحت
الحجارة المفلولة للأوراد الحلوة ، وما مِن ايقاف للخراب الذي
يتفكّك على وجوه من وسدّناهم قناديل عدمهم في اذلالاتهم
الثقيلة . الارهاق الذي نعاينه في جدائل البلسم ، يفيض على ليل
آبارنا ، ويدفعنا الى الاستكانة . لا شعيرة الجنس في حطام ما
اسودّ من اللامعنى في طوافنا بفراغ العالم ، تنجدنا في عبور
هملايات الحياة ، ولا الارتجاج العظيم للطبيعة ، يخفّف عنّا العبء
في العيش مع الله ونزلائه الذين هجرتهم رحمته المغطاة باللاشيء .






الخرابات المتوحشة للحظة


الى أسماء سنجاري



أتنفّسُ في بحثي عن اشارة لاستعادة اللحظة ،
الى جانب شاطىء ، رُصَّت فيه نجوم تختبىء
في فزع جيولوجيتها . طيور بجع كثيرة ، ترفع
أمامي صلاتها الى موتها بمشقة ، وتنسى مهاراتها
في الزمن المحجوب للغرق . أنفاس لا تحصى
تضبّب الآفاق المصعوقة للعالم ، والحجارة
المضرّجة مثلنا بالسأم ، نسوقها صوب قبور أيامنا
اليتيمة ، وننفصل في أبدية نهودها عن زمننا وأصواته
المتقرّحة . قِصر العمر ، أو تحوّل اللحظة في سيرنا
المتعجّل بين المتاهة المتشنّجة للحياة ، هو تخميننا المائع
عن الأوهام المعمورة في عذوبة النسائم السود لخلودنا .
نسبقُ موتنا دائماً في ركضنا بين الخرابات المتوحشة
للحظة ، وباب الوجود المنسدل على الفراغ ، يرهبنا
بسكون ملائكته الخسيسة . لماذا يعكِّر موتنا اللحظة
الصالحة لازهارات الشجرة ؟ لماذا لا تفصح مصائرنا
عنّ الحزَّة التي تتحرّك فيها الأنهار الجليدية لأمراضنا ؟
صدى مداخن أحلام الانسان ، يبخل دائماً في رفع وميضه
فوق الأنقاض المتصدعة للساعات ، والحاضر متصل بنواح
طويل للحركة التي تهدّدنا . كلّ شيء يؤذينا في الرمل المنزلق
للحظة ، والديمومة تتأوه في صمتها المنحني على مرارة غرقنا .




الظل المتسوّس للبئر



في سقوط الجرح على الفاكهة المتقلبة للنهار ،
تتهدّم مراكب كثيرة في نجوم الساعات .
يتلوّى الزمن تحت وسادته الجافّة المتمتمة
وأحلامنا تقضمها اللحظة في انفجارها .
ما نرتبه في نوافذ أملنا الشكوكية ، ينزلق
صوب الرنّات المحتضرة للماضي ، ونحن
نعتاد دائماً ، اطلاق السهم بمنتهى اليأس .
ثقوب صارمة في الباب الثقيل للألم ، نقترب من
أسرارها الملفوفة بأوراق يومنا ، ونتملّص من
من الاصابة المتحفظة للاوكسجين . تختبىء
بيننا وبين الظل المتسوّس للبئر ، أرض معجزات ،
تتسلّى فيها التصدّعات الكبيرة لعطشنا الى
اللؤلؤة الحانية لموتنا .




الرنّة الأخيرة لساعة موتنا



لا طمأنينة في الشفق الصامت ، نراوغ في ميزانها
ظلمة الطبيعة . أبخرة يا ئسة تنفخها الكينونة ، والغاية ،
قفزة هائلة باتجاه الهاوية . في اللمسة المشبوهة لهلع
الوردة ، نغفو بين حطامات كبيرة للحظة الحسناء للولادة .
نهد أغنية متعففة يصدح بترحاب فوق الأنقاض ، وعواء
النجوم ينأى عنّا ، ونحن لا نقوى على أيّ فعل للتخلص
من عذوبة جروحنا الناصعة . يقف الانسان في قيوده
المريعة وحيداً ، ويصارع ضعفه في السطوة المفرطة
للوجود ، مصير زئبقي يتحطّم في الأضداد الفاترة للشرّ .
كلّ ما يغوص في اللحظة المعتلّة للخواء ، يطوي ما نحنوّ
عليه ، وما نحاول ستره في الرحابة المحتشمة لنقائض العالم .
درب طويل نكافح في انحناءة نهايته اللاهبة ، موتنا المشدود
الى الأشجار الملوثة في الفجر . زمن تُسقطنا فيه القبضة
المترعة بالحجارة ، في الرنّة الأخيرة لساعة موتنا ، ويغدق
علينا فيه اللامعنى ، اشارات لا توقظنا من الفاقة الملتفة على
أيّامنا . الميتة المتلألئة للانسان في الحرب ، تستنشق فيها
اللحظة ، الذبذبات العابرة لحياته الموغلة في الصقيع .





5 / 7 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-