الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن تَفْهَمني مازلتُ حياً !!

جميلة ناقوري

2012 / 7 / 6
الادب والفن


جميلة ناقوري - فلسطين




لن تفهَمَني مازلتُ حياً ,,


استلَ لفافاتِ السجائر من ذاك النوع الفاخر الذي يدخنُهُ الأثرياء

..نفًثً ثلاثَ حلقاتٍ دُخانيّةٍ ..بللَ شفتيهِ بلسانه وقال :"والدي

ظالم ..لايعي أن للفقراءِ حقٌ بأن يجربوا كلَ شيء كلَ شيء

.حتى "السيجار" هو يظنُ أن على الفقير العيش دوماً في

حرمان .. وأن عليه في كلِ مرةٍ أن يأخُذَ الحيطةَ ترَقُباً للزمن ..لا

يعي أن بإمكانه التحايلَ على عثراتِ القدر ..أن يرتدي أجملَ

الثيابِ ويضعَ أفخمَ العُطور .. أن يشتِمَ الحظَ ويلعّن الواقِع

.. لا يدري كهلي أن بداخِلي شيخاً كبيراً قَد طحنتهُ تِلكَ

السنينُ السبعَ وِحدّةً .. وأنها حين توُّفِيَت كنتُ قد توّفيْتُ معَها

قد أطلقتُ العنانَ لروحي قبلَها حينَ رأيتُ شبّحَ الموتِ في

رسالةٍِ نصّيَّة تقول : "تُوُّفِيَتْ في حادثِ طُرق .. ادعوا لها

بالرحمةِ " وإن كنتُ على خلافٍ كبير ٍ معها حين رحَلَت

وحينَ زُرتُ ذاكَ البلدِ ومنعن كبيريائي من أن أُعلِمها أنني هناكَ ..

وكنتُ أًعلَمُ أنها تعاني مرضاً عُضالاً إلا أنني عشقتُها وبِشِِدَة

رُغمَ ذلك سرقها الموتُ مِني قبلَ أن يقتُلُها المَرض"

والدي يا سادتي لا يعي ذلك ..لا يعلَمُ أن وراءَ هذا الجسَدِ الصّلبِ الشاب كهلُ أدماهُ الفُراق ..

ثلاثَ مراتٍ لكننا في المرّةِ الثالثةِ لم نفترق وأنا على يقينٍ تامْ بأننا أبداً لن نلتقي.

والدي الغالي يظنُ أنني مستهتِر ولا يدري أنني أحتفِظُ سِراً في تلكَ العٍلٍّيّةِ باكوامٍ تتكدسُ منَ الكُتُبِ ..

تلك الكُتُب يدعوها هراء ! ويدعوني بالمجنون ..كما يحلو لحبيبتي الثانيّة أن تناديني حين كانت يوماً معي ..! وكذلك حبيبتي الأولى المُتَوفاة .. !!

بل أضافت بأن لَدَيَ إحساسٌ لا يقاوم حين أهديتُها تِلكِ المقطوعة الرومنسية لذاك العازِفِ اليوناني ..

والدي يظنُ أنني حينَ ابتسمُ له أكونُ قد نسيت ..لكني في داخلي أبكي

بل أستمِرُ في حرقِ المزيدِ منَ لفائفِ السيجارِ وأرتدي أجملَ المعاطفِ والأحذية .. وأضَعُ عِطرَ الملوكِ .. أنا فقيرُ بكَ أبي وغّنيٌ بنفسي" .

كلُهُن عرفنني ووضعنَ بصمةً هناك كرهاً أو طوعاً في قلبي إلاكَ فقد ..دّمّرتَنِي .. دمرتّني ...

والدي حينً أموت ستعِي أنكَ لم ولن تفهَمني مازلتُ حياً لذلكَ كانَ يجِبُ عليَ أن أموتَ منذُ زمنِ حتى تفهمَني وتُحِبُني !


طوعاً كان ذاكَ او كُرها ! لن يهمُني فأكون حينُها قد مِتُ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت