الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في -موضة الحكامة- وشيء منها

عثمان الزياني

2012 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في "موضة الحكامة" وشيء منها
عثمان الزياني+
هل مقدر على الحكامة أن تظل وراء ظهرانين، يخفت وميضها ويخفق رهانها ويستحيل علينا مقدامها لتأخذ مقام الريادة والسبق وتصنع لنفسها موقعا وموضعا يسحق مناوئيها ويرفع من شأو مبتغيها.
هل قدر للحكامة أن تعث في السياسة الرمزية قبوعا وتظل حبيسة التضخم اللفظي والمبارزات الكلامية لتنكشف عورتها على محك التجريب المغربي لنصنع "حكامة بماركة مغربية مسجلة" وتصاب بعدوى العطلة تحت مسمى الخصوصية، فهي تفقد المناعة والقدرة الإنسيابية ولن تدب في شرايين السياسة والثقافة والإدارة، بفعل تعاظم الفساد وتكالب المفسدين، تفقد بكارتها وطهرها بعد حين وتستسلم لقدر ربما لم تكن مخيرة فيه بل مسيرة بفعل فاعل معلوم يتقن فن الألاعيب والرهانات الخاسرة، هل الحكامة أن نحكم دون توافر الحد الأدنى من الرشد والنضج السياسيين في تدبير شؤون الأمة، ونولي وجوهنا قبل اللغو واللغط والضحك على الذقون ونمضي في سوق الترهات ونؤسس لفن "العيطة السياسية" ولنكثر من التصفيق والتهليل احتفاءا بموسم الجفاف السياسي، ويمر هذا المحفل السياسي الذي نعيشه مرور الكرام دون حساب وعقاب ونكتفي بالقول، "مسكينة هاته الحكامة لم تجد لها سندا بين شح الأمطار وهول أزمة الاقتضاء العالمي" فراحت تجمع أمتعتها وترحل في صمت مهيب، ولن يشفع لنا في ذكرها إلا الحبر والأوراق، ونستذكر سوء العاقبة، ذنبها الوحيد أنها بضاعة مستوردة لم تستطع أن تتكيف مع واقع مغربي يرفض أن تلجه كل الأشياء الجميلة.
نمضي وتمضي وتساق الكلمات الخادعة في محفل وتفقد معناها النبيل على ألسنة لا تتقن التلفظ بها، فتحاصرنا الحكامة من كل حدب وصوب أينما رحلنا وارتحلنا، فهي غريبة عن الديار لأنها بحاجة إلى ظروف جغرافية موضعية وأخرى بشرية تفتقدها بعد حين، فأين الحكامة مع عوز الحكمة وغياب الفرد الحكيم وحضور حكم القوي على الضعيف ووهن المحكومين، كلها حكم الزمن السياسي المغربي، والقول الفصل هو أن الحكامة تحاكمنا لأننا خنا الأمانة استوردنها بنقائها وصفائها وجعلنا منها سلعة كساد واجتثتنا نوتها ومعدنها الأصيلين، فهل من معين؟

هل يمكن للحكامة أن تتعايش مع النقيض، دولة اللاقانون، اللامسؤولية، اللاشفافية، اللاعقلانية، اللاترشيد، كلها موانع جسام، استمكنت بكل دواليب ومقاليد الحياة وأطبقت عليها.
في مغرب اليوم نسمع كثيرا من الحكامة ونطول القليل منها، فهي أضحت زينة الكلام السياسي، تبهر أذن السامع وتطربه لحين غرة، فأينما رحلت وارتحلت تصادفك ترانيم تردداتها، لا يبرح أي مسؤول في نطقه وتحركه إلا أن يذكرنا بأنه زمن الحكامة، فهلموا لتنالوا اليمن والبركات لينقشع الضباب والسواد، قطار الحكامة قادم من لم يركب سيتجاوزه ربيع الحكامة ويحيى في خريف دائم تحينوا الفرصة ولو مرة "المغرب يتغير تحت وقع الحكامة ألحقوا ولو النذر اليسير منها، إنها تندثر وتتلاشى بحكم أنها لا تستطيع أن تستوطن أو أن تمكث إلا في بيئة انبلاجها وظهورها.
في مغربنا الحكامة محكومة بعته العقليات وعمه البصيرة، تضاف إلى مجموعة من المصطلحات والمفاهيم البراقة التي مرت من هنا ولم تجد لها سكنا يأويها "العهد الجديد"، "المفهوم الجديد للسلطة"، "تخليق الحياة العامة"، التناوب التوافقي"، الإنصاف والمصالحة"، كلها أضغاث أحلام، استعجلت الرحيل، وكلها تنزيلات أريد بها باطل.
و"دستور الحكامة"، "حكومة الحكامة"، وما هي إلا مسميات سميتموها تضاف إلى أجيج الكلمات الضائعة الفاقدة للهوية والمعنى.
أكيد أن الحكامة تمقتنا، لعسر الوفاء بالعهود، وقلة الحياء السياسي، وبحكم أنها أصبحت مستباحة على كل الأفواه التي تستصغرها، وهي في حيرة من أمرها على سوء المآل، تسائل نفسها أي ضمير هذا ربطني بهكذا أناس وبهكذا مسؤولين لا يقدرونها حق التقدير، ويرمون بها عند كل اختبار وتجريب حقيقيين، فاختلط عليها الشريف الضعيف بالخادع الماكر، وألبسوها لبوس الخسة والدنس، فتأبى إلا أن تغتسل لتنبعث من جديد في عوالم أخرى غير هذا المأوى الكئيب.
إلى متى تظل الحكامة منهلا للتغرير والتبرير السياسيين، تزرع الوهم والخيال وتنشط مخيال الوعود والوعيد الواهي بالخير والإعمار والانفكاك من الظلمات إلى النور وتستفيض في زرع الآمال يوما بعد يوم والتي تعيد إلى الأذهان سوريالية الهزائم والانتكاسات المتتالية، والتضييق على فسحات الأمل.

أستاذ جامعي+








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم