الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقنية الجينيّة -أطفال يحملون جينات من أب واحد وأمّيْن اثنتيْن

بهجت عباس

2012 / 7 / 6
الطب , والعلوم



في عددها الصادر في الثالث من هذا الشهر ذكرت جريدة الديلي ميل الإلكترونية بأن 30 طفلاً محوّرين جينيّاً ولدوا لأولّ مرة ، ولدى فحص اثنين منهم جينيّاً تبيّن أنهما بحالة جيدة وطبيعية . أعلن هذا النبأ في الثاني من تموز 2012 فأحدث ضجة حول أخلاقية هذا العمل. وهذا استعراض موجز لهذه العملية .
الميتاكوندريا
المادة الأساس التي يعتمد عليها هذا المقال هي الميتاكوندريا التي هي جزيئات صغيرة تُشبه حبات القهوة موجودة في سايتوبلازم الخلية ، ويُقدّر عددها بين ألف إلى ألفين في كل خلية، ويُقال إنَّ أصلها بكتريا وتنقسم في الخلية كما تنقسم البكتريا. تتشوّه بمرور الزمن فيعطل عملها كمصدر طاقة . تُمنَح من الأم فقط إلى الطفل. فالميتاكوندريا الموجودة في خلايانا هي من الأم، وأطفالنا يرثونها من أمهاتهم فقط وهكذا.
تحتوي الميتـاكوندريا على 37 جينأ، يدوِّن ( يصنع ) بعضُها أجزاءً من وحدات البروتين (الخمائر) التي تدخل في إنتاج مادة أي.تي.بي. A.T.P. عظيمة الطاقة بواسطة عملية التأكسد الفوسفوري، وكذلك خميرة السايتوكروم- سي - أوكسيديس وخمائر أخرى. تنطلق الطاقة نتيجة َتأكسد أي.تي.بي.، في العضلة مثلاً، عند انقباضها، فتـؤدّي إلى الحركة. لذا تُـدعى الميتاكوندريا ببيت الطاقة. ( من كتاب عالَم الجينات – عمّان 1999. للكاتب)

أطفال مُحوّرون جينياً ؟

في معهد التناسل والعلوم الطبية الواقع في سانت بارناباس في ولاية نيو جرسي الأمريكية يعمل البروفيسور جاك كوهين كخبير في معالجة العقم والتخصيب. كان يعالج كثيراً من حالات العقم في الرجال والنساء على السّواء. حدث أن زارته قبل خمس سنين سيدة ذات حال نادرة في الميتاكوندريا ، حيث كانت هذه الأخيرة مشوّهة وذات خلل وعطل في جيناتها التي تحملها فلم تكنْ قادرة على إعطاء (البصمة الجينية Imprinting ) للجنين ، لأن الدنا DNA الموجودة في البيضة تتعرض لـ(تكييف) كيميائي قبل التخصيب ليتسنى للجنين النشوء بطريقة طبيعية سليمة ، وهذا ما لم يحصل في بيضة المرأة . هذه الجينات تلعب دوراً في استخراج الطاقة من جزيئات الطعام التي يتناولها الإنسان أو الحيوان. هذه المرأة يُعوزها تكييف الدنا في بيضها، ونتيجة ذلك فقد تتخصّب البيضة ولكنّ الجنين يسقط قبل أنْ يلتصق بالرحم . لذا شكّ د. كوهين بأنّ الخمائر اللازمة في تكييف الدنا ذات خلل، وهذا الخلل قد يكون موروثاً ، لذا رأى أن (يُجهِّـزها) بخمائر جيدة (سليمة) تُكيِّف دنا البيضة التي بعدما تتخصَّب تنشأ بطريقة طبيعية. أخذ إبرة دقيقة جداَ امتصّ بها جزءً من سايتوبلازم بيضة ممنوحة من امرأة أخرى يحوي ميتاكوندريا جيدة وحقنه في بيضة المرأة التي تشكو العقم. ثمّ خصّب تلك البيضة خارج الجسم (في أنبوبة) بحيمن من زوجها وزرعها في رحم المرأة العاقر التي ولدت طفلاً بعد مرور تسعة أشهر وكانت الولادة طبيعية . هذه العملية الني سُمّيتْ بعملية نقل مواد البيضة ooplasmic transfer أجريِت قبل خمس سنين على 30 امرأة شكيْن العقم، فكانت النتيجة أنّ سبع عشرة منهنّ فشلن في الإنجاب، واحدة أصبحت حاملاً ولكنّها أجهضتْ ، والباقيات، اثنتا عشرة امرأة ، ولدن أطفالاً ، ثلاث منهنّ ولدن توائم ، لذا نتج من هذه العملية خمسة عشر طفلاً. اتّبعتْ مختبرات أخـرى في بعض بقاع العالم طريقة كوهين فأنتجت خمسة عشر طفلاً آخرين، وكانت النتيجة أنّ ثمة 30 طفلاً ولدوا قبل ثلاث سنين يحملون جينات من ثلاثة آباء ، رجل وامرأتين، جينات جديدة أُدخلتْ في البيوض قبل تلقيحها ، والأطفال الناشئون منها والحاملون لها سيورثون هذه الجينات إلى أطفالهم ، وبهذا يتغيّر التسلسل الجيني الطبيعي المعهود.
بعض العلماء تلقّى هذه التجارب بحذر وخوف، ذلك أنَّ بعض الجينات (الجديدة) قد يُغـرَز في البيضة ليكتسب الطفل الناشئ خواصّ استثنائية ، كقوّة عضلات مُفرطة أو ذكاء خارق حادّ يختلف عن بقيّة أفراد جنسه.
يقول د. كوهين (هذه الحالة الأولى في التحوير الجيني الذي ينتج أطفالاً طبيعيين أصحّاء.)
لكنّ لورد ونستون من مستشفى همرسميث – لندن يصرّح للـ بي بي سي بأنّه (لا يوجد أيّ دليل أنّ هذه الطريقة في علاج العقم تستحقّ هذا العمل. إنني مستغرب جدّاً أنّها أُجْـريَتْ في هذه المرحلة، فبالتأكيد سوف لا يُسمح بها في بريطانيا.) يقول ناطق في (إدارة التخصيب البشري والأجنّة- بريطانيا) إنّ (هذه الطريقة سوف لا يُسمح بها هنا لأنها تتضمنّ تغيير الخطّ الجيني) ، وهذا ما يُعرف بتسلسل أو تعاقب أو تتابع المواد الجينيّة في الخلايا الجنسية والتي تؤدي إلى توريثها. ولكنّ كوهين يتابع بأنّ خبرته في هذه التقنية تجعله قادراً على استنساخ الأطفال ، وهذا ما ينظر إليه العاملون في هذا المضمار بحذر شديد ، فقد تكون جينات أخرى جديدة تُغرز في البيضة قبل تلقيحها ، مما يكتسب الطفل الناشئ ما لا يكون في الحُسبان!
--------------------------------------------------------------------------------------------
عضو متمرس في جمعية الكيمياء الحياتية البريطانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة وسط الأمطار.. وجهود شفط المياه بلا توقّف


.. بنك الشفاء المصري يسلم النظارات الطبية لمستحقيها بقرى مركز ا




.. انتخابات البرلمان الأوروبي: مخاوف أوروبية من دعاية مضللة على


.. تكدس سفن الشحن وناقلات النفط في المياه الإقليمية لجيبوتي




.. الطبوبي: حرب غزة لم يشهد العالم بشاعة مثلها وانخرطت فيها أمي