الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن غدر السياسة ام سياسة الغدر

عثمان الزياني

2012 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


زمن غدر السياسة أم سياسة الغدر

"زمن عذر السياسة أم زمن سياسة العذر، الشرف السياسي يباع في السوق والسماسرة أجناس يجمعهم الهدف".
لكل زمن سياسي رجالاته، ورجال السياسة في المغرب عاهدوا ما صدقوا، عبثوا ما صلحوا، يتوسلون الشرور، وتعمه بصيرتهم عند أول لقاء مع مناصب السلطة، لا يكلفون أنفسهم عناء مقاومة نفوسهم المريضة التي تعوزها المناعة والمقاومة، فينغمسون في استلذاذ متاهاتها وامتيازاتها، صحيح أن للسلطة نشوة تعبث بالعقول ويزداد المشهد سوريالية، عندما يكون ممتهنيها ماكر وخادع ويتقن فنون المراوغة والتسويف ويروج سلعة سياسية كاسدة في بيئة سياسية فاسدة.
تساق القيم السياسية النبيلة في موكب جنائزي إلى مثواها الأخير وسط ابتهالات كيد الغاصبين، اغتيال الكلمة/الحق على مرأى ومسمع الكل، بلا رادع، ويمضي وتمضي ونمضي في صمت رهيب تدق فيه طبول النصر للطباع الفاسدة التي تلقى الاستحسان والاحتضان.
في بلادي السياسة تختزل في اللعب على مصالح العباد، فتعزف "سمفونيات مكيافيلية" بنوع من المغالاة والتمادي، وتثبت جذور إيديولوجيا المصالح الضيقة، بطون شارهة لا تشبع وقلوب لا تجزع وعيون لا تدمع تراقب وتترقب وتتحين الفرص للانقضاض على الأموال العامة، فتستبيحها دون موجبات أخلاقية أو شرعية وتعبث بها كل العبث دون كلل أو ملل، لعل في ذلك قمة دماثة الأخلاق يتحدثون عن الواقعية السياسية، لكنها بمضامين مغايرة تقع في صميم الإيقاع بالمواطن في مستنقع العذاب النفسي اليومي والمكوث في دهاليز الحرمان، يصاب بكل العاهات والآفات ولا حول له ولا قوة.
نسمع كثيرا في التأصيل المفاهيمي للسياسة على أنها فن الممكن، لكن على النمط المغربي تأصلت فكرة"السياسة هي فن المكر والخداع" وتكتسي السياسة نفسها بالسياسوية بفعل فاعل سياسي معلوم يؤدي بمصالح الناس إلى المجهول.
يزداد مشهد السياسة سوريالية وعبثية، عندما تطفو على السطح تحالفات واصطفافات حزبية مشوهة، فهي طبخة سياسية عبارة عن خليط هجين يحمل الكثير من التناقضات والمفارقات العجيبة والغريبة، سياسي، ليبرالي، إسلامي، وهلم جر.
صحيح أننا في المغرب نصنع الحدث السياسي، لكن في الاتجاه المعاكس وبخط انحداري تنازلي، ونعيش على إيقاعات الاستثناء في كل شيء، لكن استثناء طعمه مر وبمفاصل الهزيمة والإفلاس البين تطالعنا وسائل الإعلام اليومي على مستحثات سياسية تأبى على الانقراض والاندثار، وبطلعتها البهية تجتر خطاب ألفناه منذ فجر الاستقلال وتستمر في كذبها وريائها وبتلاوينها الحربائية وبدماثة الدماغوجية التي تركبها.
إن المسرح السياسي المغربي هو من النوع الرديئ بشخوصه ومواضيعه ولا يخرج عن سياقات مسرح العرائس الذي تحدد له بصورة قبلية البداية والمنوال والنهاية، ويصاب المشاهد بخيبات أمل والروتين والملل، من شدة تفاهة نسج خيوط الإخراج ورداءة اللغة الخطابية السياسية المعتمدة.
نخبة يمتلكها هوس الحصول على قدر أكبر من المناصب، فتسترخص نفسها، وتتحول إلى مجرد "كائنات ببغائية" تردد ما يفرض عليها وتنساق وراء إملاءات السلطة مغيبة تماما كينونتها السياسية.
استقالات برلمانية من الغرفة الثانية، ليس بغرض الرحيل النهائي والاستقالة من العمل السياسي وإنما من أجل إرضاء الطموح الشخصي المرضي، وشد الترحال إلى الغرفة الأولى (مجلس النواب) عشمها الفوز في الانتخابات التشريعية القادمة إنها سلوكيات في غاية الاستهتار بفعل الواجب، وكأني بهم يسابقون الزمن للاستحواذ والاسئثار بميزات السلطة دون أي موجبات أخلاقية، ليتها استقالات معبرة عن عدم القدرة من تحمل المسؤوليات عندئذ قد يتعاظم شأو البرلماني المغربي.
يرى الشعب بعامته السياسة وكأنها تنطلق من شخصيات معينة وتنتهي عندها، نتيجة لذلك، لذلك فهي مهنة قذرة تخدم الذات فقط.
انه زمن العزف على "سفونيات مأتم السياسة"،هل اًصبح قدرنا أن نترحم على الماضي السياسي التليد، ونبكي على أطلاله إلى حد النحب والعويل ولطم الخدود، أم نكتفي بنبرات الحصرة والتحصر وننغرس في صمت مهيب ورهيب في زمن عبثية السياسية وبإكسيرها المر مرارة الحنظل، والثمن هو أن نفقد عذرية تلوى عذرية وتستسلم كينونتنا السياسية ونصبح مجرد كائنات بوهيمية في معادلات وحسابات السلطة.
تكفهر الوجوه ووميض السراب ينبعث دون الإمساك به أو تحصيله فتسقط أوراق الربيع السياسي دون حلول موعدها وتستعجل ترانيم الحزن التي يعزفها ريح الخريف، عجلة الزمن السياسي المغربي تدور دون أن تقودها بوصلة الاتجاه الصحيح، الكل في ضياع يبحث عن مصير محتوم ومأزوم، أقاويل ثم أقاويل، ترهات ما بعدها ترهات، وعود وآمال سرعان ما تنقضي، لكنها تتجدد وفق سيناريوهات ومسرحيات محبوكة ومنسوجة، ينكوي بلهيبها المواطن العادي المغلوب على أمره.
زمن غدر السياسة ومكرها يمضي ويعزز مواقعه ويستوطن كل شيء ويأتي على الأخضر واليابس لا يميز بين الشيء والإنس بفعل قوة طواحينه وطواعية أذنابه وأزلامه.
وأنا ماض في دروب ودهاليز السياسة استوقفتني مقولة "تنزيل الدستور"، ومتى كانت في اعتماد الدساتير نية اعتقالها وحصرها لكن ربما النية أبلغ من العمل وقول صادق خير من عمل مارق وربما الدافع خيرا لأنه عهدنا في مغربنا أن يظل الدستور مركونا ومتروكا لحال سبيله، وهل يحتاج تطبيق الدستور لهكذا قول، وهل شاهدتم في ديمقراطية الغير تبجحا وتضخما لفظيا كهذا "تنزيل" الدستور، والخوف كل الخوف أن يتم تنزيله إلى أسفل السافلين، عندئذ لن تسعفنا كلمة إنقاذ الدستور، أو نكتفي بترديد وادستوراه، وادستوراه.... !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس