الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النخبة المصرية وحزمة البصل

عائشة خليل

2012 / 7 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


سمعت الوالد (رحمة الله عليه) يقول "النخبة المصرية عاملة زي حزمة البصل" يعني رابطة البصل الأخضر. وعندما سألته عن مغزى تشبيهه قال: "كلهم رؤوس، لا يريد أي منهم أن يكون تابعًا". وبما أنه رحمه الله قد توفي منذ عشرة أعوام، فإنه كان يتحدث عن نفس النخبة المصرية التي تملأ حياتنا اليوم، وقد عرف معظمها، وإن استجد القليل عليها فما زالت تعاني من نفس الآفة: حب الرئاسة وعدم الرغبة في الانقياد وراء أحد.
تثبت صحة مقولته هذه من عدد الأحزاب التي أنشئت بعد الثورة على مختلف التوجهات، الليبرالية، واليسارية، والوسطية، والناصرية، والإسلام السياسي، والتي وصلت في أحد التقديرات إلى 42 حزب! فما الداعي لمثل هذا العدد من الأحزاب إلا حب الرئاسة لدى البعض حتى يصبح أحدهم رئيسا أو وكيل حزب ما. لما لم تنجح القوى المختلفة في رأب الصراع فيما بينها بحيث تتحد في حزب أو اثنين لكل من التيارات؟ ولما لم تنضم إلى الأحزاب الموجودة على الساحة بالفعل؟ أعرف بأن أغلبها تحول إلى نمور من ورق في عهد المخلوع، مما قد لا يرضى المعارضة التي تدعي أنها "حقيقية" ولكنني أسأل عن مساحات الاتفاق وليس الاختلاف، واستدعي حكمة "في الاتحاد قوة" كما تعلمنا في مواضيع الإنشاء بالصفوف الابتدائية. فلدى الأحزاب "الكرتونية" مقارها في معظم المحافظات وشبكة علاقتها وكوادرها، تضخ القوى الأخرى دماء جديد، وتأتي برؤى جديدة قد تحدث انقلابا داخل الأحزاب فتعود إلى جادة الصواب وإلى المبادئ التأسيسية التي نسيتها وهي تصارع للبقاء أثناء السنين العجاف، فيكسب الجميع. فهذا التطبيق العملي لمفهوم: اكسب وتكسب - والذي تعلمناه من علم إدارة الأعمال - ولكن محاولات الكسب على حساب الآخرين لا تأتي إلا بنتيجة: اخسر وتخسر. وأعتقد أن هذه هي نتيجة الانتخابات لمجلسي الشعب والشورى، ثم الانتخابات الرئاسية لكل القوى المدنية في مصر.
ولا أرغب في الخوض في تفاصيل ذلك، فالكل يعرف التفاصيل، ويعلم عن تفتيت الأصوات الذي أدى بالقوة المدنية خارج السباق الرئاسي النهائي والذي انحصر في تخير الناخب المصري ما بين دولة دينية ودولة عسكرية. ثم انحصر في خيار بعينه "ليس حبا في زيد ولكن كراهية في عمرو".
أعلم أن شباب الوطن الثائر يؤمن بتعددية ما بعد الحداثة، ولكنني هنا أتحدث عن النخب، التي غلبت المصلحة الشخصية على المصلحة العليا للبلاد. وأعلم أن دأب الثورات هو انتشار الأحزاب ثم اندماجها، ولكن أعلينا أن نكرر كل الأخطاء ؟ وإن فعلنا، فهل لنا أن نستفيد منها سريعا فنتحد لننجح؟
أتمنى أن تكون القوى الثورية تعمل على الأرض الآن باتجاه الدمج والاتحاد. فالانتخابات المقبلة ليست ببعيدة كما قد يظن البعض. وقد يكون لدينا رئيس منتخب، فليس لدينا برلمان. وإن كان لدينا برلمان بثلثي الأعضاء فما زالت مقاعد الثلث الباقي شاغرة. ومازالت معركة الدستور مشتعلة، وإن هدأت وقتيًا الرياح التي تؤججها. كما أن استمرار الرئيس في الرئاسة لمدة أربع سنوات أمر مشكوك فيه حسب التحليلات السياسية للخبراء، لوقوعه بين شقي الرحى: الثوار والعسكر، فإن مال إلى إحداها طحنته الأخرى. وحتى لو استطاع أن يجدف في بحر السياسة متلاطم الأمواج، فنحن مازلنا بحاجة إلى معارضة قوية ومنظمة تضغط باتجاه التوازن في الحياة السياسية المصرية.
"الثورة مستمرة" هذا ليس شعار الثوار فقط، ولكنه الواقع العملي الذي يحدثنا التاريخ عنه. فالثورات موجات ومراحل قد تستغرق سنين قبل الاستقرار النهائي (ولقد استعرضت في مقال سابق كتاب تشريح ثورة للمؤرخ الأمريكي كرين برايتن) ولن يرحم التاريخ النخبة المصرية إذا استمرت في التصرف "كحزمة بصل" من منطلق أنا القائد، وأنا، وأنا، وأنا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية