الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن في شاهدة قبر يحيى السماوي...

واثق الواثق

2012 / 7 / 7
الادب والفن


الوطن في شاهدة قبر يحيى السماوي ...

لي الآن سبب أخر
يمنعني من خيانة وطني..
لحاف سميك من ترابه
تدثرت به أمي ..
بهذا التصوير الرائع والفلسفة الجريئة ابتدأ الشاعر يحيى السماوي علاقته مع الوطن إلام , مشمرا عن ساعديه وهو يعبر الحدود والأقاليم والقارات ليكون صاحب القضية الأولي التي لا تموت مادام هناك من يبحث عن قتل الأطفال والأمهات في بلده الجريح معتمدا الأسلوب النثري الجميل في الجملة الاسمية الموشاة بأجمل الاستعارات والكنايات التي تعني الكثير ,والتي لعبت دورا فاعلا في تغذية الإيقاع الموسيقي في القصيدة النثرية ما جعلها مستساغة سهلة الجري على اللسان منسابة كانسياب الماء على شفى الفرات العذب .
وهنا يذكرنا الشاعر السماوي بالأسباب التي تمنعه من خيانة وطنه الذي وعلى ما يبدو هو سبب تعاسته وشقائه في هذه الدنيا التي لم يكن ذنبه أن يتحمل كل هذا العناء والشقاء منذ ان حمل هم الوطن على اكتافه مهرولا باتجاه الحدود وطريق اللاعودة هناك ليبني عشه بعيدا عن عيون اللصوص وبطش الطغاة وعيون الوشاة والجواسيس وحسد الحاسدين فكان أجمل ما صور وأروع ما صنع حينما ابتدع الفن والغرض والقصة والموضوع الجديد مغردا خارج سرب المذعنين .
خلق الشاعر إيقاعا بحرف المد الياء واستعار" فأس الموت" للدلالة على الاغتيال المفاجئ واقتلاع الأرواح رغما عنها في أجمل صورة تناسل صوري الذي عودنا عليه شاعرنا الكبير السماوي واصفا في المقطع الثالث فراق والدته الذي حكم عليه بالموت وصار محكوما بالحياة .
ووردت لفظة "وطني"في أربعة وثلاثين موضعا في مجموعته الشعرية هذه وهي دلالة على تعلق الشاعر وحبه الكبير لوطنه الأم العراق كما وردت لفظة "أمي" ثلاثين مرة في مواضع مختلفة وهي أيضا تعلق منه بالأم التي تعني له الوطن وكل شيء في حياته والتي آسف لفراقها ووفاتها حزنا وآلما وشوقا عليه .ووردت لفظة "الطفل بمشتقاتها في عشرين موضعا كانت دائما ما تعبر عن الحنين إلى الماضي والشوق إلى أيام الطفولة العفوية واللعب مع أبناء الجيران أو حنين إلى الأم التي حرم الشاعر منها زمنا دون ذنب كما عنى الشاعر بها الأسف على أطفال بلده وحزننا عليهم وهم يقتلون ويشردون ويهجرون دون ذنب او جريرة ارتكبوها بعكس أطفال العالم الآخرين .
كما وردت لفظة" النخلة" في احد عشر موضعا مختلفا وكان دائما ما يرمز ويعني ويستعيرها لإغراض الشموخ والعطاء والبقاء كونها راسخة الجذور ووافرة العطاء وشامخة الرأس مهما مرت بها عواتي الزمن في إشارة منه إلى انه مغترب في المنفى إلا إن جذوره موجودة في بلده العراق وهو الحال أيضا بالنسبة إلى لفظة "الطين" التي وردت في ثمانية مواضع من قصائده للدلالة على تعلق الشاعر بأرضه المعطاء الخصبة وتشبثه بها وهو اعتزاز كل مغترب إلا انه بالغ في ذلك لشدة ولعه وحماسه وحبه وحرصه على وطنه فالتكرار اللفظي او المعنوي كما نعلم يزيد من التأكيد والبلوغ واليقين ,إضافة إلى الجوانب البديعية الفنية التي يضيفها على الإيقاع الداخلي والخارجي في القصيدة ما يزيد من عذوبة موسيقاها ,إذن الشاعر السماوي احتال حتى على مشاعره الخصبة وأوهمها حينما صور لها انه وقف عند حد معين من الوصف والتصوير وانه نضب ما عنده من متاع إلا انه فاجأها كما فاجئنا بأنه شلال العطاء المتدفق الذي لا ينضب والبركان الذي لا يهدأ والينبوع العذب المتدفق دائما بالحب والتفاؤل والأمل .
من خلال استعاراته الجميلة وكناياته الموجعة والدقيقة وتضميناته التراثية الأصيلة واستعمالاته اللغوية والنحوية والبلاغية التي برع بها وأجاد فهو كالمقاتل الذي لا يهدأ له بال إلا وان ينقض على فريسته تماما وحسن ما فعل
وما أمتع إسماعنا وألهب مشاعرنا ودغدغ عواطفنا به هو ذلك التنغيم والتلوين الإيقاعي المتدفق بالتكرار اللفظي والمعنوي والتضميني والرمزي والتصوير والتوليدي الذي خلق جوا متجانسا بمختلف الفنون والأغراض والأدوات فجاء تعبيره صادقا ناصعا لا غبار عليه كما نلمسه في حديثه عن الوطن الأم :
مقطع-1-

1-لي الآن سبب أخر
يمنعني من خيانة وطني

2- لأنه يذكرني بجعجعة القادة
الذين أضاعوا الوطن
وشردوني ..

3-إذا كان يحمل الوطن على ظهره
وعلى رأسه

4-عباءتها الشديدة السواد
وحدها اللائقة علما لبلادي
فيها تفاصيل الوطن

5- والرذيلة على الفضيلة
واللصوص على الوطن
والأمركة على العراقة
فهل ثمة من يلومني

6- أعيدوني إلى الزنزانة
وأطلقوا سراح وطني .؟

7- لصوص هاربون من وجه العدالة
أهذا وطن ؟!؟!
أم مكب نفايات بشرية ؟؟!!

8- آه..ما أوسع وطني
كيف اتسع
لكل هذه المقابر الجماعية .؟؟ٍ
9-آه ..ما اصغر وطني !!

10- الساسة الكبار ينصبون شباكهم لاصطياد الأوطان
11- إن زنزانة أغفو فيها آمنا
لأوسع عندي من وطن
لا أمان فيه !!

12- إذا كنت مفقوء العين
في وطن أضحى مرعى للملثمين ..

13- الحقائب المدرسية من ظهور الأطفال
وخونة الوطن من الحبال
الحبال المتدلية ..
من سقف الصفحات السوداء
في كتاب التأريخ ..

14- فكيف إذن نسمي" المنطقة الخضراء "
تلك الطعنة السوداء
في جسد الوطن الأبيض ؟؟ّ!

15- كلما ازددت اقترابا من الله
ازددت ابتعادا عن الوطن ؟

16- عساني اصنع وطن
يتسع جثتي

17- الشعير أكثر جدوى
في الوطن الإسطبل !!

18- تركت الوطن وديعة
عند السيد الزمن !

19- العراق عجل الله فرجه متى يخرج من البئر ؟؟!
فيعود الخبز إلى المائدة
والخضرة إلى الحقول والزورق إلى نهر الضوء الصوفي ..
والأمن إلى البيوت ..
والمشردون إلى الوطن ..


20- وطني ليس زائدة دودية ..
لماذا يريدون استئصاله ؟؟!

21- وحده الوطن من هاربين
لم نوقض السيوف من سباتها ..
والمروءة من خدرها ..

22- من أين لوطن الغريق
بلوح خشبي ..أو طوق نجاة ؟؟
آما من جواز سفر مزور
لوطن رءوم ..؟؟

23- سابقى خائفا على وطني
طالما بقي في "قصر الخلافة "
سياسي فاسد واحد..

24- على وحشة وطني المستعار
بهديل القصيدة
ترى ...بماذا استعين
في حربي ضد نفسي ؟؟


25- قلبي الذي دفنت فيه وطني
وطيور أحلامي القتيلة


26- في حضرة الوطن
استغني عن أبجديتي
فاكتب بدمي
أو
دموعي

على ماذا يتقاتل الدهاقنة الصغار ؟!!
حينما المحتل
لم تترك
من سمكة الوطن
غير الزعانف ..
ومن الحقل
غير التبن !!

27-وبيارق للذائدين عن الوطن ..
فلا غرو إذن لو نعقل غراب
وهو يرى سواحل قلبك
مزدحمة بالنوارس


28- فانصب خيمتك داخل جرحك !
ما حاجتك لوطن
إذا كنت مملكة للمحبة
وجبينك عاصمة للنقاء

29- لا تطيق استنشاق الذخيرة الحية
في الوطن الميت


30-اغسلوا الوطن بدم أبنائه !!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المسرح لعش الزوجية.. مسرحيات جمعت سمير غانم ودلال عبد الع


.. أسرة الفنان عباس أبو الحسن تستقبله بالأحضان بعد إخلاء سبيله




.. ندى رياض : صورنا 400 ساعةفى فيلم رفعت عينى للسما والمونتاج ك


.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في




.. تأييد حكم حبس المتسبب في مصرع الفنان أشرف عبد الغفور 3 سنوات