الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تَرفَّعوا .. تفلحوا

فايز شاهين

2005 / 2 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في مقالة قبل مدة ليس طويلة، بعد انتخابات المجلس الوطني العراقي، كتب أحدهم مقالة جميلة انتقد تصريحات السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، أخ الشهيد محمد باقر الحكيم. المقالة انتقدت تصريحات الحكيم حين قال بما معناه: بأننا انتصرنا نصراً ساحقاً، والمقصود قائمة الإتلاف العراقي الموحد، وكان الكاتب ينتقد التصريح المنسوب للحكيم تحت ذريعة "النصر أو الانتصار ضد من!". فالشيعة هم أكثرية في العراق، والأكراد انتخبوا ممثليهم من القائمة المرشحة الكردية، إذا الانتصار ضدّ من؟
قبل أيام سمعت عن موضوع مشابه في منطقة القطيف، وأن هناك أكثر من يد تقف خلف قائمة "ائتلاف" موحد، تقوم "بتزكية" أشخاص في كل مدينة ليشنوا حملة دعائية في المنطقة بأكملها ليتم ترشيحهم على حساب آخرين. الذي حصل هو أنّ هناك ضغوط على بعض المرشّحين لينسحبوا من الانتخابات، هذه الضغوط مورِست بالفعل ضد البعض لاستبعادهم والتقليل من أهميتهم عن طريق الانتقاص منهم أو محاولة الضغط على الجهات الداعمة لهم، أو محاولة تحييد بعض المساعدين لهم في الحملات الانتخابية. فهل يعتقد هؤلاء بضغوطهم التي يمارسونها ضد أخوةٍ لهم سينتصرون ضد "عدوٍ لهم أم صديق" يشاطرهم حب الوطن ومصلحة الأمة؟
هذه تجربة جديدة، والمنطقة هي ذات أغلبية شيعية، فعملية التحييد أو إيجاد "قائمة موحدة" واستبعاد آخرين أو الانتقاص منهم أمام الآخرين؛ كما حصل من أحد الأشخاص الذين لهم مكان مرموق في المجتمع، حيث بدر منه أكثر من مرة كلام غير مقبول ضد أحد المرشحين، يعني أننا لم نفهم العملية الديمقراطية ولا قيمتها الأخلاقية. هذه تجربة جديدة ولا يوجد مرشّح بعينه يمكن الاعتماد عليه أو أن يكون هو الأفضل، لأننا لم نجرّبه بعد، وكان من الأجدر أن تقف هذه اللجان وهؤلاء الأشخاص أو ما شابه، يقفوا موقف الحياد علناً وفي السر أيضاً ويؤيدوا جميع الناخبين دون استثناء حتى تتم العملية بطريقة ديمقراطية نظيفة خدمةً للمجتمع الذي ينتمون إليه. يجب الترفّع عن هذه الأعمال القبيحة التي سترتد تبعاتها سلباً علينا جميعاً وسيفقد المجتمع كفاءات مهيأة لخدمة الوطن والحفاظ عليها مكسب لنا جميعاً، لا محاولة تكسير مجاديفها لينجح مرشّح دون آخر باستخدام طرق غير نزيهة.
مصلحة الوطن والمنطقة تعني البدء بطريقة صحيحة، لا أن نمارس هذه الأعمال والتي في نظري تندرج تحت قائمة "الإرهاب" الفكري والنفسي والاجتماعي لمصالح ربما تكون غير واضحة ولا صحيحة، ولربما أيضاً لا تكون مبرّراتها نبيلة أصلا. الانتخابات البلدية على الأبواب، والإعلانات الانتخابية ستكون في كل مكان، ولن يكونوا هؤلاء الأشخاص في مأمن من ممارساتهم، فما فعلوه أو ينوون فعله لن يكون بدون نتائج ضارة على المجتمع، وربما عليهم شخصياً، خاصةً إذا ما خرجت أسمائهم وأعمالهم للعلن؛ حينها ربما يكون سقوطهم أكبر من أن يستطيعوا ترقيعه.
السؤال بالنسبة لي هو لماذا تتم هذه الممارسات؟ إذا كان أكثر الناخبين هم من الشيعة، وهم من أهل المنطقة، فلما محاولة تحييد البعض على حساب آخرين؟ لماذا نبدأ أول خطوة ديمقراطية متواضعة في المنطقة بأعمال أبعد ما تكون عنها، ونحن أول من طالب بالشفافية والممارسة الديمقراطية الحقيقية وطالب بحرية التعبير وترك الناس ينتخبوا من يرونه مناسباً لهم ويخدم مصالحهم بشكل أفضل؟ لماذا محاولة تقليل خيارات المواطن، فيكون مستقبله مرهون بالتصويت لهذا أو ذالك فقط؟ لماذا العمل على تهميش البعض من قبل أناس يشار لهم بالبنان على أنهم قادة العمل الاجتماعي والخيري في المنطقة؟ ولمصلحة من تُمارس هذه الأعمال التي هي أبعد ما تكون عن النـزاهة والحرية والشفافية والمصلحة العليا للوطن وللمنطقة؟
إن هذه المحاولات ستصيب الناس بالإحباط الشديد حين يعرفوا أن من يريدونه لا يستطيعون الوصول إليه، لأن بعض الجهات أو الأشخاص مارست إرهاب اجتماعي وعملي ضّدهم لمنعهم من ممارسة حملتهم الانتخابية بشكل نزيه وواضح للجميع، وسيفقد المجتمع الثقة في هؤلاء "النخبة" وهذا يعني التقليل من تفاعلهم مع الانتخابات في المرة القادمة. هل هناك خوف أن يتعرّوا هم وأتباعهم فيقوم أكثرية الناخبين بالتصويت لغيرهم؟ ربما! وربما غير ذلك، فالمصلحة الخاصة لا يمكن استبعادها من هذه المعادلة، فالبعض يريد من أشخاص تربطه مصالح مادية معهم ليكونوا أعضاء في المجلس البلدي حتى يستفيد من ذلك في المستقبل. ربما أكون مخطئاً، ولكن ما وصلني من معلومات دقيقة حول هذا الموضوع يطرح تساؤلاً كبيراً حول نزاهة من يقوم بهذه الأعمال، خاصةً وأنهم يقفون خلف مرشحين ويشهدون لهم "بالنـزاهة"، وهي عملية مقلوبة حقاً، حين استخدام طرق غير نزيهة لوصف آخرين بالنـزاهة.
من الآن إلى أن تبدأ الحملة الانتخابية في المنطقة، بعد محرم الحرام، أي بعد حوالي أسبوعين من الآن، إذا ما حدث أي نوع من هذه الأعمال، سيتم نشرها على الانترنت وفي الصحف المحلية، وستتدخل الجهات الرسمية في الموضوع وستكون فضيحتنا أكبر من أن يُرقّعها راقع؛ خاصةً نحن كشيعة وأقلية من المواطنين نعاني من التهميش والإرهاب الحكومي الكثير. حينها ستكون الدولة في وضع مناسب ومريح جداً لتمارس علينا كل أنواع الضغوط، وستنتشر رائحة هذه الأعمال كما النار في الهشيم لتبرير أي ممارسات "قانونية" ربما تصل إلى مستوى إلغاء الانتخابات البلدية في المنطقة أو إلغاء نتائجها.
الجهات التي أعنيها تعرف نفسها، وهي بدون شك حريصة على مصلحة الأمة والمنطقة وأهاليها، وحريصة على أن تكون سمعتها نظيفة، كما كانت. الأخطاء التي تُمارس الآن مغفورة، لأنهم جديدين على اللعبة الديمقراطية، وجديدين على الموضوع برمته، من تنظيم وترشيح وتصويت وحملات انتخابية الخ. هذا لا يعني الرضا عما يحدث، ولكن فقط، يعني أن التراجع عن هذه الأعمال ضرورة حتى تنجح هذه الانتخابات، كما نجحت حملات التصويت التي ملأت الدنيا ضجيجاً مفرحاً صداه وصل الآفاق. رجاءً، ابتعدوا عن هذه المهاترات، وترفّعوا عنها تفلحوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي




.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟


.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير




.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار