الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عرس الديمقراطية بُعث الامل وصمتت البنادق..

محمد عبعوب

2012 / 7 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


مع دخول يوم الاستحقاق الديمقراطي يوم السابع من يوليو الجاري دقائقه الاولى فضاء ليبيا الموعود بالفرح، صمتت البنادق الرعناء التي سطت عليها الأيدي القذرة والتي طالما أقضت مضاجعنا وشوهت صورتنا عبر العالم.. واشرق الأمل الممزوج بالفرح في بلادي ليبيا، التي كانت على موعد مع عرسها الديمقراطي بعد اكثر من اربعة عقود من العزوبية المفروضة بفرمانات الدكتاتورية المحروسة بحراب الفاشيين من العسكر وخدمهم من المتعيشين على فتات الموائد..

صبيحة ذلك اليوم المشهود، حضر الليبيون الحقيقيون المؤمنون بالتغيير الشامل والجذري لمفاهيم الحياة في ظل ليبيا ما بعد 17 فبراير في شوارع مدنهم وقراهم سلاحهم الحرية والحوار والاقناع، وغابت عن المشهد تلك الشراذم المتكسبة من الثورة والتي تسلقت قطارها في اللحظات الأخيرة وورثت من النظام السابق كل أخلاقياته وثقافته القذرة والخبيثة القائمة على التسلط والعنف والقهر والسلب والنهب والإكراه والتقوقع حول الذات والتعالي على الآخرين الى درجة التأله..

صبيحة يوم 7 يوليو كان الليبيون على موعد مع عرس ديمقراطي طالما كان في خيالهم من قصص الف ليلة وليلة، حلم جميل كانوا لا يعرفون له لونا ولا طعما في حياتهم، بل يوصم كل من يتجرأ على البوح به بالجنون ويجرم وينتهي به الأمر كأضحية يذبح أمام الملأ في احتفالات الموت الدورية التي كانت تقام في مناسبات خاصة لإرضاء الأنا المتحشة لطاغية العصر القذافي الذي لا تستكين روحه الشريرة إلا بإزهاق أرواح الابرياء..

في ذلك اليوم 7 يوليو 2012 تغير كل شئ.. الوجوه، الابتسامات، مظاهر الفرح، حتى ضوء الشمس كان غير الضوء.. في عفوية فياضة بالفرح مشحونة بالامل مترعة بالثقة في النفس خرج الليبيون والليبيات منذ الساعات الاولى في أزهى حللهم قاصدين المراكز الانتخابية لإثبات وجودهم واستكمال مشوار ثورتهم بإقامة عرس الديمقراطية التي ستكون البداية الحقيقية لغروب ظلام العنف والإقصاء والدجل وتؤسس لثقافة الحوار والآخر الذي ظل حبيس السجون لعقود.. ثقافة التسامح والتداول السلمي على السلطة..

في صبيحة ذلك العرس كان لافتا صمت البنادق وكل قطع السلاح وإختفائها من الشوارع ، بعد أن كان صوتها المفزع ومظهرها المؤذي مسيطرا على شوارعنا وساحاتنا طيلة الشهور التي أعقبت التحرير الكامل من الطغيان.. وعلت بدلها الاناشيد المبشرة بالامل من كل المقاهي وصالات الترفيه ومن سيارات المارة، وعلى التكبير عبر المساجد وارتفعت زغاريد الليبيات من كل البيوت والشرفات معلنة الفرح باستحقاق طالما حلمنا به في سرِّنا ونحن اليوم نعيشه واقعا معلنا عبر فضاء العالم..

في هذا اليوم اختفت تلك الوجوه الكالحة التي قفزت على تضحيات الليبيين وسرقت ثورتهم بعد أن وضعت يدها على كميات ماهولة من السلاح والعتاد التي نهبت من مخازن السلاح التي شرعها لهم الطاغية وحولوها الى أدوات للنهب والسلب والارهاب وممارسة كل عقدهم النفسية وإجرامهم على الشعب طيلة الشهور التي سبقت هذا العرس.. إختفت تلك الجرذان في ذلك اليوم بعد أن عاد الليبيون الى شوارعهم وجوههم تفيض بالفرح الممزوج بالامل والاصرار على استكمال مشوار ثورتهم والوفاء لتضحيات أبنائهم ..

في هذا اليوم أثبت الليبيون أنهم رغم حداثة عهدهم بالديمقراطية أنهم مؤهلون أخلاقيا وثقافيا لخوض هذه التجربة الانسانية بكل استحقاقاتها وشروطها، فكان يوم 7 يوليو يوما للتحدي والإثبات للمشككين أن ليبيا ليست تلك الوجوه الكالحة الرعناء التي كانت تعبد الطاغية فقط، وانها ليست تلك النماذج المتسلقة الفوضوية التي كانت تشوه وجهها وصورة ثورة شعبها بممارسات رعناء متخلفة؛ بل ليبيا هي تلك الجموع التي خرجت صبيحة السابع من يوليو بوجوه مشرقة وعزيمة صادقة وإصرار على خوض معركة الاستحقاق الديمقراطي بكل شروطها واركانها الجميلة الخالية من أي مظهر للعنف او الفوضى رغم محاولات التشويش المحدودة والمعزولة التي سبقت ذلك اليوم التي استهدفت اجهاض المشروع وإلغاء العرس.. فكان يوم السابع من يوليو عرسا ليبيا حقيقيا يحق لنا أن نفخر به ، ونتمنى على ابنائنا أن يحافظوا على هذا المكسب وأن يؤسسوا عليه دولة المؤسسات المدنية التي يختفي فيها وللابد شبح الدكتاتورية والفاشية مهما كان شعارها ومهما أعطيت من مسميات ارضية او سماوية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا