الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلُّ هذا لم يَعُدْ مُمكناً...

ابراهيم البهرزي

2012 / 7 / 8
الادب والفن


كلُّ هذا لَم يَعُدْ مُمكنا ً



حُلمَةُ العنبِ الاخضرِ الصغير في آذار
لنْ تلمسها تحتَ حَمّالة ِ نَهْدِ الصيف ...



التكرارُ مؤكّداً هو
شاعرٌ نَزق ٌ
يتكاثرُ في حدائقِ المُنبَهرين
جَميلَ الابتسامة ِ
يفيضُ عن السياج ِ بعطرٍ يَعَضُّ المارّة َ
والتكرارُ كالعشبِ
مُتطفلاً أو أشعثاً
لا بأسَ بهِ في الحَدائقِ البُورْ ...



ما لم يَعُدْ مُمكنا ً
هو العودةُ الى الحانة ِ القديمة ِ...
التحديق ُ في عينِ الرفيقِ المُعَلّم ِ
التحديقُ بلؤم ٍ
والاعتراضُ على الاغنيةِ المكرَّرة ِ ذاتها ,
على التصفيق ِ الجميلِ ذاتَه ُ
ذلكَ الجَمالُ المكرّر ُ
قَيدُنا الاعتباطيُّ ولذّتنا المسمومة
والرفقةُ التي لا تعدو عن نعالٍ يَحتذي بنِعال ...



أحملُ المتاعَ الرخيصَ وَلَعا ً بالوفاء ِ
أسلابُ نافقين َ
أشمُّ سَذاجتهم في ليل السَلّابينَ هذا
وَأَقْعي ككلبٍ يعضُّ ذيله ُ اعتذرا ً للوحشة ِ
لا الساذجونَ الذين هُم بقيّة َ الطريق ِ
سَيبلغونَ بي آخرَ الطريق ِ
ولا ذيليَ الاعوج ُ
سَيعُينُ على الاكتفاء ِ بعلْكَة ِ النَدَم ْ....



الاملُ الذي ظلَّ كرغيفٍ ساخنٍ
نتملقهُ من امّهاتٍ ساحرات ٍ
يَحترقُ في التنّور ِ
فَزوجَةُ الاب ِ
غيرَ الأُمِّ ...



وما لَم ْ يَعدْ مُمكنا ً
هو ذلك َ الطريقُ الزراعيُّ ايضا ً
حيثُ كنتَ تغنّي لا طربا ً
بل لتنبيهِ الافاعي النائمةِ في الدروب ِ
كانت الاغاني تُخجلُ الافاعي
حتى صارت الافاعي
تلدغُ الاغاني
وصارت دروب ُ المدن ِ الكبيرة ِ
تلدغُ العائدينَ فَرادى
الى طمأنينةِ الزنزانة ِ المنزليّة ...



قبورٌ تدُاعبُ قبورا ً
خلفَ دَكاّتِ الدكاكينِ , في السوقِ الشعبيِّ , في صالة ِ الاستقبالِ , في خَزانات ِ ثيابِ البنات ِ
في مَهدِ البَولِ والحليبِ , في الحُلمةِ التي تقطرُ زئبقاً , في( السلامُ عليكُم ْ) باقصى سُمومها , في الضحكِ العريض ِ
الذي يطعن ُالخصيتينِ , في اغنية ِ التاريخِ التي لا تجيدها غيرَ العاهراتِ , مشفوعاتٍ طبعاً , بأفصحِ القوّادينَ ,
قبورٌ تداعبُ قبوراً
فلا يلعبُ الطفلُ في الساحة ِ
الا لأنَّ كفَنهُ الجميلَ
سَيغدو راية ً لتجّارِ الديّات ِ...
ولا تنزل ُ الثكلى نادبة ً
الا لأَنَّ بَحّتها صالحةً للتكرار ...



وهذه ِ الكأسُ التي تتكرّرُ طَعنا ً؟




هذا الصيفُ الذي يتكرّرُ بزفرته ِ
منذ ُ اكثرِ من خمسين َ
لم يترك ارجوحة ً للحدائقِ المنزليةِ الغافية ِ
لم يترك شيئا ً من الداوودي على السياج ِ
لاجلِ ان يشمّه ُ (الافندي )
لم يترك للجيران ِ
فُسحة َ العصاري دون َ كاتبِ التقارير ِ
لم يترك في درابين ِ الخاتونات ِ
الا الشرطيُّ السَرسَريِّ...
هذا الصيف ُ الذي يتكرّرُ بزفرتهِ
يَسلخ ُ كلَّ مَوسم ٍ
بَقيّة َ القطنِ العتيق ِ
لم يَعد عندنا ما نداعبُ بَعضا ً به ِ
لم يعد عندنا ما نُضمّدُ بعضاً به ِ
طرقاتٌ مكتظة ٌ بالقيظ ِ
وباعة ُ ثلج ٍ من قمامات ٍ القرى
يتكرّرونَ في الازقّة ِ
بحثاً عن خادمة ٍ
تكشفُ عن فخذيها ومفاتيحَ البيت ...




كل هذا لم يَعدْ مُمكنا ً :
اخفاء َ الوردة ِفي الكتابِ
دسَّ الرسالة في المنديل ِ
التحديقُ في النسمة ِ التي تحرّك ُ حاشية َ التنِّورة ِ
مُراقبةَ الطيورِ المتزاوجةِ على السَطح ِ
اللعبُ بالسلسلة ِ النحاسيّة ِ مع الصَفير ِ
التسلّل ُ غروبا ً الى مضارب ِ الغَجَر ِ
ضَربُ النديمِ العنيد ِ بالقنيّنةِ على أُمِّ رأسهِ
العفاط ُ عاليا ً لباعة ِ الحكمَةِ المُعلّبةِ
الخروجُ على الدينِ والدولة ِ تحتَ رايات ِ العَربَدة ِ...
كل هذا لم يَعُدْ مُمكناً
عَشرُ خَطواتٍ هي الحُريّة ُ:
المكتبةُ
غرفةُ النوم ِ
الحمّام ُ
والعيادة ُ التي تضعُ المشارط َ والشروط َ
على عنق ِ الارادة ِ
لم يَعُد ْممكنا َ
غيرَ هذا المَسار
لم
يَعُد ْ
مُمْكنا ً...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السراط المستقيم
Almousawi A. S ( 2012 / 7 / 8 - 11:07 )
وعاد ممكنا تأبط الكتب السياسية المغشوشة ، ان يظل الموظف الشيوعي ملتصقا حتى اذا اصبح كشوانيا في دائرة الحزب ، ان لا تسمع اي جملة ذات بعد مستقبلي في لقاء مع شخصية قيادية ، ان تضيع المفردة السياسية الموزونة بضياع امتياز السفر الى المدرسة الحزبية ، الركض وراء الشيوخ وابطال القوميات ، الدفاع عن الملل ، تبني الطوائف ، وضع دستور لتقسيم العراق لاسباب فيئوية وغير ادارية ، ان يعبث اطفال السياسة بحجة تطوير الماركسية . ولكن سيكون مستحيلا عدم السقوط عن السراط المستقيم . فالتاريخ لم ولن يرحم
وسيبقى ابراهيم البهرزي شاعر المستقبل العراقي الوفي والجميل


2 - أجمل ما في القصيدة
اوروك ( 2012 / 7 / 8 - 15:51 )
الصورة..الصورة ..الصورة أجمل ما في قصيدتك الصورة أيها الشاعر الفذ..كلمات تغيرت معانيها لتغادر فضاضتها الى الأبد ولتصبح عند أبراهيم البهرزي الشاعر المتمكن الى أرق من النسيم وأعذب من خرير الماء في ساقية أحدى بساتين النخيل البعقوبية ..شجية الحانك ورائعة صورك وصادمة مفرداتك ومبهرة كالنصل الحاد.


3 - العزيزان الموسوي واوروك
ابراهيم البهرزي ( 2012 / 7 / 10 - 09:46 )
محبتي لكما
شكرا لمروركما
عسى ان اكون عند حسن ذائقة كل اصدقائي الذين يتحملون عناء القراءة لي
مع الود للجميع


4 - عندما لا نجد في الماضي جسارة ولا في الحاضر حضور!ع
علاء الصفار ( 2012 / 7 / 10 - 13:50 )
اجمل التحية سيد ابراهيم المحترم
لا جدوى حين يكون الطريق ملتوي لا يصل الى شواطيء الرغبة والامل لا جدوى من معلم لا يستطيع اثبات المطلوب اثباته, انه يساوي تلك المعادلة في الرغبة في الرغيف الحار الذي تنبعث منه الرائحة الجافة المختلطة بعبق السعف والكرب المشتعل, لكن للاسف يتعطب الرغيف و يحترق فتموت الرغبة و لنحس فقط في اللسان مرارة علقم الفحم الاسود و تتبخر رائحة الخبز الحار!ع
ان الرجوع الى شارع او مدرسة ابتدائية في المدينة التي نشأنا فيها بعد الرحيل الطويل يترك الالم و الحسرة اذ الشارع و المدرسة ونحن ليس كما كانا و كنا و فقط تسقط في الروح وضمير تلك التجارب و كيف صار الفرح و الانبهار و الحلم في خبر كان, ليعتصر الروح شيء غير مفهوم من الاسى و المرارة, فهل الخطأ في الشارع القديم ام في المدرسة,ام لم انا لم اختار الا هذه المدرسة شعور باللاجدوى اذ هو اكبر مني انه القدر المفروض وشيء مني ومن جنوني اوما كان يلح عليً, فانا من ماشيت مشيئة القدر بالاختيار.لا جدوى من العض على الاصابع فلا المدرسة هي المدرسة التي رسمها خيالي المجنون الساذج, لكن الجميل ولا انا الان ذلك الساذج الوديع. اهذا مايدعى التجربة!ع

اخر الافلام

.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان


.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا




.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..




.. أون سيت - هل ممكن نشوف إيمي معاك في فيلم رومانسي؟ .. شوف حسن