الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هذا كان طموحنا

كوهر يوحنان عوديش

2012 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مأساة الشعب العراقي ليست كمآسي بقية شعوب العالم، فهي لا تكمن في فقر البلد وجهل الشعب، فخيرات البلد تكفي شعوب العالم اجمعها اذا ما استغلت بصورة عادلة، وحضارته تدل على المستوى العلمي والثقافي لسكانه منذ البدايات لحد يومنا هذا، ولا تكمن ايضا في موقع البلد الجغرافي كأن يقع في منطقة بركانية او مطلا على البحار والمحيطات تدمره البراكين والاعاصير والفيضانات بين فينة واخرى لكي تستنجدي حكومته ويعاني شعبه من اثارها عقودا من السنين، بل ان مأساته تكمن في نمط التفكير وكيفية ادارة شؤون البلد والتعامل مع الاخر، مهما كان حجم هذا الاخر، لكل من يسيطر على دفة الحكم وبأية وسيلة او طريقة كانت، بحيث اصبح داء العظمة يصيب ويلاحق كل من يريح مؤخرته على كرسي الرئاسة حتى ولو لثانية واحدة!، فيبدأ بتهميش الاخر واقصائه وملاحقته واذا امكن ابتلاعه لمحوه نهائيا وازالته من الخارطة السياسية، اضافة الى تسجيل اموال واملاك الدولة باسمه الشخصي او باسم احد افراد عائلته او احد افراد حاشيته اذا كان السيد المسؤول!!! ذكيا بما فيه الكفاية ليبعد عن نفسه الشبهات ويدعي النزاهة والاخلاص في ادائه لواجبه الوطني!!!.
لو غمضنا عيوننا عن كل ما حصل لاموال الشعب وثروات البلد من نهب وسلب وتبذير واسراف، اضافة الى المال المهدور في تكريم المأجورين من افراد ودول منذ عام 2003، واغمضنا عيوننا ايضا عن كل ما جرى من خطف وقتل وسفك للدماء البريئة، واغمضنا عيوننا ايضا وايضا عن كل الممارسات الدنيئة والصفقات الوسخة وكؤوس الدماء البشرية التي زينت بها موائدهم المذهبة، ....... نعم لو اغمضنا عيوننا على كل هذا رغم مرارة طعمه واستحالة بلعه وهضمه، الا اننا لا نستطيع ان نغمض عيوننا عن الاسباب التي جاءت باسياد العراق الجدد الى الحكم وثبتتهم في هرم السلطة.
ان الاسباب التي ادت الى بغض النظام الاسبق وتباعد ابناء الشعب العراقي عنه وعدم الالتفاف حوله او مناصرته، خلال الحرب الاخيرة التي خاضتها امريكا وبعض حلفائها والتي اطاحت به عام 2003، كانت الحروب التي خاضها النظام والاسلوب الفردي في ادارة الحكم وملاحقة معارضيه وتصفيتهم ... وغيرها من الاسباب التي لا تكفي مقالة لذكرها والتي ادت الى نشوء حالة عدائية داخلية وخارجية تجاه النظام وكل ازلامه، كان هدفها تغيير النظام وازالته عسى ولعل ان تكون ازاحته فاتحة خير للشعب العراقي والشعوب الاخرى التي تضررت من سياسته.
اليوم وبعد مرور اكثر من تسعة سنوات على ازاحة النظام السابق نلاحظ ان قادة العراق الجدد لا زالوا ينتهجون نهجا قريبا للنهج السابق ان لم يكن النهج نفسه مع اختلاف في الاسماء والوجوه فقط!، فعدد الملاحقين والمسجونين السياسيين ليس مثبتا لكنه بالتأكيد كثير! وعدد المشردين والمهجرين واللاجئين والنازحين والهاربين من الوضع المأساوي في العراق يبلغ الملايين!!!، ( هذه الارقام لا تشمل فترة ما قبل 2003 بل تبدأ من بعد هذا التاريخ، اي بالضبط منذ ازالة النظام الدكتاتوري واحلال النظام الديمقراطي في عراقنا الجديد! ) وهذا يعتبر اقوى دليل على ان مشكلة الشعب العراقي لم تكن مع شخص محدد او وجه بذاته او نظام معين بل كانت مع فكر ونهج سياسي واسلوب اداري اعوج ادى الى تحقير واذلال الشعب وتدمير الوطن واستعباده.
الازمات المستمرة التي تعصف بالعراق ليست وليدة اليوم، وليست للحفاظ على المصلحة العليا للشعب والوطن كما يدعي الحكام الجدد، وليست الاولى ولن تكون الاخيرة، فمنذ ولادة العراق الديمقراطي عام 2003 بعملية قيصرية على يد الجراح العالمي العم سام وهذا البلد يسبح في بحيرة من الازمات لا تنتهي واحدة حتى تبرز الى الوجود ازمة اكبر، لا نعرف نحن العامة هل هي ازمة حقيقية ام ازمة ظاهرية واعلامية فقط، الغرض منها توجيه انظار الشعب بعيدا عن المعاناة اليومية والتستر على النهب والسلب وتصفية الحسابات القديمة والجديدة – وبشكل علني احيانا – بين اقطاب السياسة في البلد ( المفيد للشعب من هذه الازمات انها تؤدي الى كشف الحقائق وفضح المستور، لان كل طرف يقوم بكشف قاذورات وجرائم الطرف الاخر ).
لا نظلم احدا اذا قلنا ان العراق الجديد بلا حكومة وبلا ادارة وبلا رؤية سياسية مستقبلية واضحة ومطمئنة، فالحكومات التي تشكلت بعد عام 2003 كانت مجرد توزيع واحتكار طائفي ومذهبي وحزبي وقومي للمناصب الكبيرة دون مراعاة لمصلحة وسيادة واستقلال البلد، والادارة كانت فاشلة كل الفشل في الحفاظ على المصالح العامة وتحقيق الامن العام وتسيير امور الشعب بسواسية ودون تفرقة، بالاضافة الى عدم استقلالية اراء وتصرفات المسؤولين الحكوميين وعدم توافقهم للنهوض بالوطن وتعمير ما دمر وتوجيه العملية السياسية نحو الطريق الصائب والمسار السليم، هذه الاسباب وغيرها ادت الى تضخيم المأساة العراقية وزيادة معاناة الشعب الذي بدأ بالفعل يقارن بين الماضي والحاضر عسى ولعل يعثر على بعض الفروق التي تكاد تنعدم!.
انها فرصة ذهبية لمعارضي الامس وحكام اليوم لاثبات وطنيتهم واخلاصهم ( نترك النزاهة جانبا لان تطبيقها امر مخالف للدستور! ) للقضية والاهداف التي ناضلوا! من اجلها قبل 2003، فالعراق بما له من خيرات وما له من مساحة شاسعة يكفي لايواء واشباع كل العراقيين وضيوفهم ايضا، فهل تقدرون ايها السادة ان تتصافحوا وتقولوا بصوت واحد معا لبناء عراق جديد ( امنية هل تتحقق؟ ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة