الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة المسيحية وتحديات ما بعد الثورة

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2012 / 7 / 9
حقوق الانسان


تغيرت نظرة المرأة عامة والمرأة المسيحية بشكل خاص في مصر بعد الثورة، أصبحت أكثر جرأة وأكثر تعبيراً عن نفسها، فبعد مشاركة عدد كبير من الفتيات والسيدات القبطيات في الثورة وتواجدهن في الميدان بشكل واضح، أضحى أي تهديد بمثابة تحدي جديد لهن. ومع وصول السيد محمد مرسي، مرشح التيار الإسلامي للرئاسة بدأ بالفعل تحدي كبير في مواجهة الإسلام السياسي بدءا من ظهور أشكال مختلفة وحوارات كثيرة بالشارع المصري منها ما قد يُخيف بعضهن وهو ما حدث بالفعل مع تناقل الأخبار ببعض الحوادث والمواقف معهن، على سبيل المثال وليس الحصر مَن يقابلن النساء الغير محجبات في الشارع واغلبهن من القبطيات بكلمات التخويف مثل: هاتتحجبوا وتقعدوا في البيت، جه اللي هايربيكم، مش هاتلبسوا اللبس ده تاني، ودعوا المكياج.... وغيرها من الجمل التي أصبحت منتشرة بشكل كبير ويومي بجانب بعض المضايقات الفردية التي بدأت تحدث في المصالح الحكومية من رجال اتجاه زميلاتهم من القبطيات أو المسلمات اللواتي يرتدين حجاب وليس خمار أو نقاب. ولكن من وجهة نظري كل هذا ليس سوى ردود أفعال طفولية من بعض الأشخاص الذين لا يعون جيداً معنى الحرية الحقيقية التي قامت من اجلها الثورة، وتختزل المعاني عندهم في أمور ظاهرية. ولا أجد في إرهاب القبطيات أي جديد سوى تغيير لفظي لبعض الجمل، فطوال سنوات عدة ما قبل الثورة كانت دائما هناك تهديدات اعتدنا عليها ولم تؤثر على واقعنا بشيء. ولكن تزامن ظهور هذه التهديدات الآن مع بعض الحوادث منذ تولي مرسي الرئاسة أعطت الكثيرين فرصة لتوطيد خوفهم، فنجد الأب والأم لا يتركان ابنتهما تنزل إلى الشارع بمفردها وخاصة في الصعيد، كما أن الزوج في اغلب الأوقات يضطر إلى مرافقة زوجته إلى عملها أو أي مكان تذهب إليه حرصا على عدم تعرضها لأي من تلك الأمور....

قبل الثورة كان حضور المرأة في المجتمع المصري واضح وفعّال، وكان أمامها تحدّيات كبيرة للحصول على حقوقها أسوة بالرجل، ومع قيام الثورة كنا جميعاً نظن أن حضور المرأة في خريطة مصر الجديدة سيكون اكبر بكثير وكانت المفاجأة بعد وصول التيارات الإسلامية في الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشورى صدمة كبيرة، وخاصة أن نسبة التصويت في هذه الانتخابات كانت الأكبر في تاريخ الانتخابات المصرية بشكل عام والأكبر بمشاركة المرأة بشكل خاص. وربما المفاجأة في تراجع وجود المرأة بمجلسي الشعب والشورى سببه اهتزاز الثقة مرة أخرى في قدرات المرأة وخاصة بعد عودة سيطرة الرجل من جديد على الشارع المصري بوصول الإسلاميين، بجانب عدم ترشح كوادر نسائية معروفة في هذه الانتخابات بشكل يُشجع النساء في مصر على انتخابهن. فالمرأة التي انطلقت مع الثورة وظلت بالميدان، ثائرة وطبيبة، تهتف من اجل الحرية، وقادت مسيرات تساند المعتقلين وتطالب بحقوق شهداء الثورة، ومظاهرات ضد كشوف العذرية، وسحل البنات في مواجهه مع العسكر تضعها الثورة في نضال مستمر للدفاع عن جنسها وتعديات المجتمع على حقها أن تعيش كيان حرّ لا يعبث به أحد.
والآن مع ما يمر بمصر من تخبطات سياسية خلال الفترة الانتقالية التي نأمل أن تكون قد انتهت برئاسة محمد مرسي يكون أمام المرأة تحدّيات اكبر على كافة المستويات، وإن لم يتقدمن النساء ذو الخبرة السياسية أو الحقوقية أمثال، ميرفت التلاوي، بثينة كامل، سلمى سعيد، جميلة إسماعيل، د/هبه رءوف، المستشارة نهى الزيني والمستشارة تهاني الجبالي، إسعاد يونس، فاطمة ناعوت وغيرهن للدفاع عن حقوق المرأة، فربما ستكون من نقم الثورة تراجع الحقوق والحريات ونعود مرة أخرى لإثبات الوجود.
ما يحدث في المجتمع المصري الآن من صراعات متعددة يقول أن المرأة بشكل واضح هي بطلة تلك الصراعات، فالأصوات تتعالى لتقييد المرأة ودورها في المجتمع وكأن الثورة قامت من اجل عودتها تحت أقدام سي السيد مرة أخرى. وهنا لا نستطيع أن نتحدث فقط عن المرأة القبطية بعينها، فأغلب الحوادث التي حركت الرأي العام كانت بطلاتها نساء مسلمات. ويعتبر هذا مؤشر خطير حيث أن المرأة أصبحت مستهدفة في المجتمع المصري بعد الثورة. فكل الحوارات تدور حول وجودها بالشارع وشكل تواجدها من حيث الملابس، الحجاب، مع من تكون، العمل، المرفوض والمسموح لها......الخ وكأننا منطلقين نحو الماضي بخطوات واسعة، وكأنهم تناسوا أو نسوّا الوطن وبقيت هي الهدف. ورغم خطورة الموقف فهناك تعتيم إعلامي يكاد يكون عن عمد لتلك الظواهر التي تهين كرامة المرأة.
إننا أمام تحديات للثورة المصرية ونجاحها وأولى تلك التحديات هي الكرامة الإنسانية، كرامة الإنسان بغض النظر عن جنسه أو سنه أو ثقافته أو مكانته الاجتماعية. فكرامة الإنسان مبدأ أساسي لقيام الثورة المصرية. فهل يستيقظ شباب الثورة ويعي خطورة الموقف؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا