الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رب البيت

حميد غني جعفر

2012 / 7 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إذا كان رب البيت بالدف ناقر – فشيمة أهل البيت الرقص – هذا مثل شعبي دارج في مجتمعنا يدرك مغزاه العراقيون ، ويستدل به على من يسيء التصرف والسلوك وبالتالي انعكاسات ذالك على أهل بيته وحاشيته – الأقربون – فالفضائح المخزية تزداد يوما بعد آخر وعلى لسان المسؤولين أنفسهم ، والتهديد بفضح كل منهم الآخر
وأيضا ما تتوارده مختلف وسائل الإعلام الأخرى – المرئية منها والمقروءة والمسموعة فلا تكاد تخلو صحيفة من الصحف المحلية – اليومية – عن فضيحة جديدة من مسلسل الفضائح التي لا يستحي المسؤولين من الإعلان عنها ، وباتت مسألة اعتيادية وتتبارى – الرؤؤس الكبار – في الإعلان عنها لتسقيط الآخر وباتت أيضا وكأنها من مستلزمات الديمقراطية الليبرالية التي يتشدقون بها ، فالناقرين على الدف – ينقرون في الواقع – على هموم ومعاناة هذا الشعب البائس والراقصون أيضا يرقصون على جوع وشقاء هذا الشعب المبتلى المسلوب الإرادة ، فكيف يمكن إصلاح الحال ، إذا كان رب البيت هو أول الفاسدين والناقرين على الدف فكيف يكون بيته وحاشيته فالرقص يظل قائم ليل نهار ، ودولتنا العتيدة – حكومة وبرلمان – غارقة بالفساد من قمة الرأس حتى أخمص القدمين .
وهم يحاولون بهذا المصطلح – الفساد المالي والإداري – التخفيف والتبسيط من هول الفضائح أو التقليل من شأنها وأهميتها أمام الشعب والرأي العام ، والواقع فإن ما اصطلح عليه بالفساد المالي والإداري كما نفهمه وكما يفهمه مجتمعنا العراقي والذي يمكن أن يسمى فسادا – فعلا – هو الرشاوى ، كأن يدفع المواطن مثلا لأحد الموظفين الصغار – ذات الرواتب المتدنية – مبلغا بسيطا للإسراع بتمشية معاملته أو أن يدفع شاب جائع يبحث عن عمل – ورقة أو ورقتين – للحصول على فرصة عمل ليعيش وعائلته بها أو أن تقوم لجنة المشتريات بدائرة ما بشراء بعض الاحتياجات الضرورية للدائرة يمكن أن يضيف مبلغا أيضا بسيط عليها أو أن يدفع – سائق سيارة – لشرطي المرور مبلغا بسيطا مقابل عدم تغريمه مبلغا كبيرا ... الخ
ومثل تلك المظاهر للفساد لم تأثر على إعادة بناء الدولة وبناها التحتية أو الأعمار والاستثمار أو على إصلاح الطاقة الكهربائية أو الماء الصالح للشرب أو إنشاء المجمعات السكنية للفقراء الكادحين .
لكن ما يجري من فضائح تزكم الأنوف ومن قمة الهرم حتى أسفله – دون استثناء – فلا يمكن أن يسمى فساد مالي وإداري ، بل أنها الخيانة بعينها ... نعم خيانة عظمى لمصالح الشعب والوطن ، لان هذه الأموال المهولة من اختلاسات وسرقات بالمليارات والترليونات هي ملك الشعب كل الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه ويسرقها اللصوص الخونة من دمه وعرق جبينه ، ناهيك عن المشاريع الوهمية والعقود المزورة وتزوير الشهادات للحصول على المناصب الرفيعة ، وليغتني حفنة من اللصوص الخونة وتنتفخ كروشهم ثم يجري تحويل هذا السحت الحرام إلى المصارف والبنوك الأجنبية ليتنعموا بها هناك على حساب جوع الشعب وبؤسه وخراب ودمار البلاد ، في حين أن صدق الوطنية والنزاهة والإخلاص لخدمة مصالح الشعب توجب اتخاذ موقف وطني مسؤول جدي وحازم لردع هؤلاء الخونة وإحالتهم إلى القضاء العادل لينالوا جزاء ما ارتكبوه من خيانة بسرقة أموال الشعب العراقي ، ونكثوا القسم الذي أقسموا به في الحفاظ على أموال الشعب وثرواته ومثل هذا الإجراء هو من – ألف باء الوطنية الحقة – إن صدقت وطنيتهم ، لان هذه المبالغ المهولة كان يمكن لها إعادة بناء العراق وسعادة شعبه البائس المسكين الذي منح ثقته لمن لا يستحقها وليس جديرا بها ، لا أن يجري التستر على اللصوص لأنهم من هذا الحزب أو ذاك أو من هذه الكتلة أو تلك وهذا التستر هو مشاركة – إن شاءوا أم أبو – بالخيانة العظمى ، ولم يلمس الشعب إحالة أي منهم إلى القضاء ، فكيف يمكن للشعب أن يصدق بأن الحكومة تحارب الفساد والمفسدين ... إنه محض أكاذيب .
ولكن يبدو أن كل معاني الوطنية لا يفهمها هؤلاء اللصوص ولا يفهمون حتى قيم الضمير والشرف ، لان الضمير والشرف هو الرقيب على تصرف وسلوك المرء وعندما يغيب هذا الرقيب تسقط أخلاق المرء تماما .
إن أقسى ما يعانيه الناس الواعين المثقفين الصادقين في وطنيتهم – اليوم – هو الألم المرّ الذي يحز في نفوسهم على الدوام لما يعانيه شعبهم من فقر وجوع وبؤس وبطالة وانعدام الخدمات الأساسية والرعاية الصحية و ... و ... كثيرة وعميقة معاناة شعبنا ... وكثيرة أيضا خيراته وثرواته وأمواله – أغنى بلدان المنطقة – لكنه ويا للأسف يعيش تحت خط الفقر ، لأنه بأيدي غير أمينة وغير نظيفة ... ولو كان بأيدي أمينة ونظيفة لكان العراق اليوم بمصاف الدول المتقدمة والمتطورة وشعبها يعيش حياة مرفهة مستقرة وآمنة .
فالصحافة المحلية تطالعنا – يوميا – بأخبار جديدة وجديدة عن الفضائح ، ففي خبر في إحدى الصحف العراقية – اليومية – بأن ابن أحد كبار المسؤولين في كردستان قد خسر في لعبة قمار صاخبة في دبي مبلغ أكثر من ثلاثة آلاف دولار ونقلت الصحيفة من أن والده قد غادر فور سماعه بالخبر إلى هناك – لطمطمة الموضوع – وفي خبر آخر أيضا بأن إبن أحد كبار المسؤولين أيضا في بغداد خسر أكثر من إثني عشر ألف دولار في شركة للسيارات في الأردن ومع أننا لا نستطيع التصديق – كلية - من عدمه لهذه الأخبار لكن قراءة الواقع الملموس لتلك الفضائح – المشار إليها – تجعلها الأقرب إلى التصديق خاصة وأنه لم ينفيها ذوي العلاقة ، ومثل هذه الأخبار والكثير غيرها ... تذكر العراقيين بعهد الطاغية المقبور وولديه – عدي وقصي – وبذات الطريقة من البذخ والترف والليالي الحمراء الماجنة مع الامتيازات الأخرى لكل أفراد العائلة في امتلاك كل شيء من العقارات والبساتين وحدائق الحيوانات وأحواض الأسماك والبيوت الزجاجية وغيرها الكثير ما لا يعد ولا يحصى ، فما الفرق ياترى بين الأمس واليوم ، فهل يثق الشعب بهكذا حكومة ويطمئن لمستقبله ؟
وخبر آخر نشر مؤخرا عن سلف وهمية تبلغ – 38 مليار دينار – قامت بها مديرة مصرف الرافدين في البصرة وبأسماء وهمية ... تشاركها عصابات المافيا بكل تأكيد فمن هو المسؤول وكيف يمكن اجتثاث هذه العصابات في ظل نظام فاسد بكل مفاصله وليس لنا أخيرا إلا ترديد قول الشاعر – أبا العلاء المعري –
أعلل النفس بالآمال أرقبها ...... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، لكن الأمل الوحيد هنا هو بمدى وعي الشعب وقواه الخيرة فهو القادر على التغيير والإصلاح بوحدة إرادته ، وليس الأمل في هكذا حكومة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -