الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا داعية سلام ام حرب في سوريه ؟

حسن محمد طوالبة

2012 / 7 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بات واضحا ان فلاديمير بوتن لديه طموح باعادة روسيا الى سابق عهدها القومي المؤثر في السياسه الدولية , وعلى ارض الواقع تمكن بوتن ان ينهض بروسيا على الصعيدين الداخلي والخارجي , فقد تحسن الاقتصاد الروسي بسبب ارتفاع اسعار النفط والغاز وكذلك نمو الصناعات العسكرية وخاصة الصناعات المخصصة للتصدير , اذ اصبحت الصناعات العسكرية الروسية تضاهي في جودتها الصناعات الغربية والامريكية بخاصة , وصار الطلب عليها بازدياد من قبل الدول النامية .
وعلى الصعيد الخارجي سعى بوتن الى استرجاع العلاقات السابقة للاتحاد السوفيتي المنحل , وخاصة مع الدول الكبيرة التي تشكل ثقلا في العالم النامي ( العالم الثالث ) سابقا , مثل الهند والبرازيل وجنوب افريقيا , كما سعى الى تعزيز العلاقة مع العملاق الصيني , وشكل مع الصين ثنائيا مؤثرا في منظمة شنغهاي التي تجمع الى جانب هاتين الدولتين العظميين دول اسيا الوسطى اضافة الى ايران . والهدف الروسي هو العمل على اقامة نظام دولي متعدد الاقطاب , يخلف التفرد الامريكي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989 . ومواجهة حلف الاطلسي الذي من المفترض ان ينتهي دوره بحل حلف وارشو , بل تطور دوره فدخلت دول جديدة فيه , ولاسيما دول اوروبا الشرقية التي كانت في السابق تابعة للاتحاد السوفيتي . وقد شعرت روسيا بالخوف من هذا التمدد لحلف الاطلسي الذي وصل الى حدودها وبالذات دول بحر البلطيق الثلاثة . ولذلك تعمل روسيا على ان تكون احد حماة الامن الاوروبي , وليس حكرا على الدول الاوروبية والولايات المتحدة .
وعلى الصعيد الخارجي نفسه وقفت روسيا بحزم الى جانب كل من ايران وسوريه في ازمتيهما النووية للاولى والداخلية للثانية . فروسيا تزود ايران بمفاعل نووي للاغراض السلمية حسب المعلن في وسائل الاعلام , ولذلك تقف ضد محاولات الغرب وقف النشاط النووي الايراني للاغراض الحربية , اي توجهات نظام الملالي في ايران الى انتاج اليورانيم المنضب الكافي لانتاج قنابل نووية , وقد عرضت روسيا على ايران والمجموعة الدولية ( 5+1 ) تخصيب اليورانيم في روسيا او نقل اليورانيوم من ايران الى روسيا لتطمين الغرب على سلامة توجه المشروع النووي الايراني .
اما موقف روسيا من الازمة السورية فانه محكوم بدافعين . الاول : ردة فعل على ما حصل في ليبيا , اذ خرجت روسيا " من المولد بلا حمص " ـ كما يقال في الامثال ـ , لانها اعتبرت تنفيذ الغرب لقرار مجلس الامن الدولي فيه دوافع واغراض سيئة بعيدة عن مضمون القرار الذي اجاز تدخل حلف الاطلسي لاغراض انسانية , في حين تحول التدخل الغربي الى هجمات عسكرية ضد قوات القذافي تمهيدا لاسقاطه . وبعد الاطاحة بالقذافي تنافست شركات النفط الغربية على اقتسام الغنيمة ولم تنل موسكو اي شيئ من هذه الغنائم . كما ان الغرب كسب مواقع استراتيجية عسكرية في البحر المتوسط على الشواطئ الليبية .
اما الدافع الثاني : فهو ان لروسيا قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري , الامر الذي يمنحها مساحة للمناورة في مياه البحر المتوسط , وهذه فرصة لروسيا ان تكون حاضرة في الازمات التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط . ونقطة ارتكاز للبحرية الروسية في البحر المتوسط قبالة الاسطول السادس الامريكي .
علينا ان نعرف ان روسيا تفتش عن مصالحها الذاتية والكونية , وان تكون شريكة في رسم السياسة الدولية ولاسيما بعد الانكسارات العسكرية الامريكية في العراق وافغانستان , اضف الى ذلك الازمات الاقتصادية المتتالية التي انهكت الميزان التجاري الامريكي , وسببت في مزيد من العجز في الميزانية السنوية وتزايد الديون على الخزينة الامريكية .
واذا اقتضت مصالح روسيا التخلي عن اي نظام في العالم النامي فانها سوف تحذو حذو الغرب الذي يغلب مصالحه على مصالح الدول , ولنا في سياسة الولايات المتحدة ازاء حلفائها خير دليل على انتهازيتها والمعايير المزدوجة التي تتبعها في القضايا الدولية , فقد تخلت الولايات المتحدة عن حلفائها المقربين امثال : نوريغا وشاه ايران وماركوس الفلبين وحسني مبارك مصر وزين العابدين تونس وعلي عبدالله صالح اليمن . فهل تتخلى عن بشار الاسد في سوريه ؟ .
حتى هذه اللحظة ما زالت موسكو لم تعلن رسميا عن تخليها عن الاسد , ولكن في الجلسات الخاصة او السرية فانها ـ وعلى ذمة المصادر غير الرسمية ـ تقول انها غير متمسكة ببقاء الاسد , اذا كانت تلك هي رغبة الشعب السوري . وان القرار في هذا الشان هو للشعب السوري . ومن الحجج التي تسوقها الدبلوماسية الروسية خوفها من تسلم الاسلاميين السلطة في سوريه , وهو الخوف نفسه الذي كانت الادارة الامريكية تبديه اثناء الانتفاضات العربية , ولكن هذا الخوف سرعان ما تبدد , وبتنا نسمع مصطلح " الاسلام الامريكي " , وها هو الرئيس الامريكي اوباما يوجه دعوة رسمية الى الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي لزيارة واشنطن .
ان خوف روسيا من تسلم الاسلاميين السلطة في سوريه قائم اذا استمر الوضع على ما هو عليه الان , اي استمرار الحرب كما سماها الاسد في اول لقاء له مع الحكومة الجديدة التي قيل انها حكومة وحدة وطنية , فالحرب الدائرة الان في سوريه هي حرب ضد الشعب السوري , وكلما استمرت هذه الحرب وزادت رقعتها الجغرافية كلما توسعت فرص التدخل الخارجي سواء العربي الخليجي او الدولي .
بعد مرور 15 شهرا على انتفاضة الشعب السوري , وسقوط عشرات الالاف بين قتيل وجريح صارت فرص اللقاء بين النظام والمعارضة ضعيفة جدا ان لم نقل معدومة , لان الثقة بين الطرفين تلاشت تماما , واذا ما استمرت الحرب بين النظام والمعارضة بكل اطيافها المختلفة او المتفقة , فانها ستقود سوريه الى الدمار , وسواء انتصر النظام او انتصرت المعارضة فان الطرفين سيستلمان بلدا مدمرا مشتتا , يكون بيئة صالحة لاستمرار الحرب الاهلية والطائفية , كما حصل في العراق . وفي كلا الحالتين ستكون روسيا خاسرة ايضا .
اما محاولات الامم المتحدة وروسيا اشراك ايران في عملية حل الازمة السورية فلها اهداف تخدم الاطراف الدولية ايضا , فموافقة الادارة الامريكية على زيارة كوفي عنان الى طهران لاشراكها في ايجاد حل للازمة السورية انما هو ترضية لنظام الملالي واغراءه اخذ دور مهم في الشرق الاوسط الى جانب تركيا والكيان الصهيوني , مقابل تخليها عن تخصيب اليورانيوم القابل لصناعة الاسلحة النووية . اما روسيا فانها ايضا تريد ضمان مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة , وتظل لها دور فاعل في احداث المنطقة .
كل الاطراف " تغني على ليلاها " وتعمل من اجل ضمان مصالحها , امريكا تريد امن الكيان الصهيوني , وتدفق النفط الى الغرب بدون عراقيل , والولايات المتحدة تخلت عن تواجدها في العراق لصالح ايران من اجل الهدف الانف ذكره . اما روسيا فانها ايضا تريد ضمان مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة الملتهبة القابلة للاشتعال , ومن هذه المنطقة سوف ستصوغ الول الكبرى ديباجة النظام الدولي الجديد المتعدد الاقطاب .
اما سوريه النظام والشعب فهما الخاسران بالنتيجة , والعناد الذي يصر عليه النظام ويغذيه الغرور والعنت , فلن يقود البلاد الا الى الدمار , وما فائدة بقاء النظام في بلد مدمر , فاقد للشرعية الدولية , مكروه من قطاعات كبيرة من الشعب . وما فائد انتصار المعارضة على اشلاء بلد مدمر ومسرحا للعبة الامم ؟ .
اذا كانت روسيا عازمة على اخذ دور دولي قائد في النظام الجديد , فعليها ان لا تقف ضد ارادة الشعوب , لان وضع روسيا الداخلي ليس احسن حالا من البلدان العربية , فكل القوميات في روسيا لم تنل حقوقها في الحرية والحكم الذاتي الحقيقي , وعليها ان تتعلم الدرس الذي مارسته روسيا من قبل لقمع القوميات , بان الحل الامني لن يقود الى السلام والامان والتقدم والنهضة , ومن هذا المنطلق عليها ان تتصرف في الازمة السوريه . والا ستفقد هيبتها في العالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محتجون في السويداء يدمرون صورة الرئيس الأسد.. وسط تصاعد الاح


.. الأستاذ ادريس جدي في ندوة : -القانون المتعلق بالتعويض عن حوا




.. الأستاذ حسن بيرواين في ندوة : -القانون المتعلق بالتعويض عن ح


.. الرفيق كريم نيتلحو في ندوة : -القانون المتعلق بالتعويض عن حو




.. النقيب علال البصراوي في ندوة : -القانون المتعلق بالتعويض عن