الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ال -صياعة- السياسية مبدأ جديد يحكم مصر

عماد عبد الملك بولس

2012 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الفعل صاع في المعاجم يطلق علي مجموعة تفرقت و تشتتت فيقال صاع النحل أو صاع الغنم، بمعني أنها سارت إلي لا طريق أو بغير هدف يجمعها، و منها المصدر في العامية المصرية "صياعة"، و الكلمة اكتسبت معني الصعلكة و معاني الاستهزاء و الدهاء و الحيلة علي مدي التاريخ المصري الاجتماعي الذي كان محافظا إلي سبعينيات القرن الماضي، و كانت الكلمة سُبَة في ذلك الوقت، و تحولت إلي رتبة اجتماعية تصف فردا أو مجموعة تستقوي بافتراقها عن القطيع و تتميز باستقلاليتها عن الأعراف و المحافظة التي كان يتميز بها المجتمع المصري.

و جاءت ثورة 25 يناير الإسلامية لتكرس مبدأ جديدا في السياسة و هو مبدأ "الصياعة" السياسية، فقد تشتت الشعب الغاضب و تفرق إلي فرق كلها لا تدري إلي أين تذهب، و جرت المجموعات يحدوها شيء واحد هو "الغضب"، فلا عقل و لا وطن، و لا عِلم و لا عمل و لا مجتمع و لا قيَما و لا حتي مصالح سياسية (!!!) تجمعها، بل – و للعجب – تفرقها هذه الأفكار و تذهب بها أشتاتا لا نفع فيها و لا غَناء منها، و لعبت مخابرات جميع الدول معنا ألعاب الإشاعات و التخويف من جانب، و ألعاب زرع العملاء من جانب آخر، لتكرس التقسيم و "الصياعة" السياسية في مصر إلي الأبد.

و إذا كانت ترجمة الفوضي الخلاقة في مصر قد تحولت إلي "صياعة" سياسية، فقد أبدع المصريون كعادتهم في دمج هذه "الصياعة" بالـ "فهلوة" المصرية لينتج عنها وسط عبثي لا يحتمل المعني و لا الجدية و لا علاقة له بالمجتمع أو بالوطن، بل يدين بالفردية و علي أفضل الفروض بالقبلية و الـ"شللية" التي لا ترقي لكونها تحزب، و من هذه البدعة، ظهرت الصرعات (التي لم ترق إلي أن تكون نظريات) التي تغولت علي القانون و مفهوم الوطن و العدالة و الحفاظ علي المجتمع.

العجيب في أمر هذا المذهب الجديد، أن يعتنقه الكافة من سياسيين و إعلاميين و مفكرين بل و رجال دين (إسلامي أو مسيحي) بل و علماء فطاحل في كل العلوم (!!!) و تري الجميع أشتاتا متفرقين لا يزعجهم هذا التشتت و التفرق و التحزب (أو الشللية) بل و يطمأنون إلي أنهم علي الحق، و يتعجبون من باطل كل من عداهم، و لا يحسون بالكارثة التي تنزلق إليها البلاد، بل يرون الكوارث الاقتصادية و المالية و الاجتماعية كأنها مفاجآت مستحيلات، و للنكاية، يطرحون – بعد المستفيض من التنظير – حلولا لا علاقة لها بالواقع أو بالتنفيذ، و لا تعتمد إلا علي عبقري فذ يبعثه الله للأخذ بيد الأمة فيصنع المعجزات.

و كما يقول المتنبي:
و ليس يصح في الأفهام شيءٌ إذا احتاج النهار إلي دليلِ

فالمأساة، أننا تناسينا ما يجمعنا كبلد و كشعب و كمجتمع، و استسلمنا "للصياعة"، ينتج من هذه الصياعة ما ينتج من أفكار: كفكرة فتح مصر الثاني (و أنا مؤمن بأن مصر تُفتح ثانية، و لكن ليس للإسلام)، و متاهة الدستور أولا، و متاهة المادة الثانية، و ألعاب شتي كمجلس الشعب المتحول و مجلس الشوري الشرفي، و ثورة ثورة حتي النصر، الخ...

و الشفاء من هذه الصياعة بسيط: أن يعود كل ٌ منا إلي بيته....!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة