الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول شرعية النظام الرأسمالي !

ماجد جمال الدين

2012 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


كتبت هنا المقال ردا على تعليق 16 للسيد سنان حقي في مقالة ألمعلم يعقوب أبراهامي : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=315183
، ولكني تجاوزت بكثير حدود الرد الألف حرف ، ومن ألمتعب تقسيمه إلى أجزاء .. وكذا ولكي لا أحرف ألموضوع ألأصلي عن مساره المتعلق ب ( مناظرة ) المعلم يعقوب مع حسين علوان قررت نشره كمقال مستقل . ::


ألكثير ممن يدعون فهم المادية الجدلية والتاريخية ( وينعتون أنفسهم بكلمة ماركسيين ) ، يسطرون كلمات ونصوصا مقتبسة لا يفقهون عمق محتواها ولكن يستنتجون منها نقيضها لأنهم يظلون يفكرون بمنهج مثالي تماما .. هؤلاء ( ومنهم الشيوعيون والطوبويون الحالمون بالإشتراكية وفق خيالاتهم ) من الصعب الحوار معهم لأن ذلك يحتاج عادة لإرجاعهم كل مرة إلى قواميس اللغة ومعاني الكلمات .. ما معنى الشرعية والقوانين وألأخلاق ونسبيتها الخ الخ الخ ألخ ..
السيد سنان حقي وقبله آخرون كثيرون هاجموا المعلم يعقوب أبراهامي في حديثه عن شرعية النظام الرأسمالي ، من منطلقات تذكرني بالسؤال : ( هل علم الفيزياء اخلاقي أم لا أخلاقي ؟ )
فهو ـ ألسيد سنان وكما الآخرين يعلم وكما إقتبس أن الشرعية والقوانين والأخلاق والثقافة عموما هي بنية فوقية تؤطر البنية التحتية كمحتوى موضوعي ، ووتبدل وفق تغيرات هذا الواقع مع تأثير ديالكتيكي عكسي ، .. ولكنهم في نفس الوقت كما كل المؤدلجين يحاولون أن يضفوا على ألشرعية والأخلاق طابع الإطلاقية المثالية ويجعلوها حكما على تغيرات الواقع الحي ..
هل السرقة شرعية وأخلاقية ؟؟؟ ... وهل الرأسماليون ( إستولوا ) على فائض القيمة ألذي هو ( حق ) العامل ؟ متى كان للعامل هذا ( الحق ) وفي اي شرع ؟ ، وهل فعلا مار كس إنحاز للعمال (((بسبب عدم مشروعيّة إستيلاء أرباب العمل على فائض القيمة ))) ؟؟
1. قبل كل شيء أجيب أن في بعض المجتمعات السرقة كانت تعتبر شرعية بل ومحبذة أخلاقيا .. وأنا لا أتحدث عن مجتمعات بعيدة ، بل عن بدو الجزيرة أي محافظة الرمادي وما وراءها إلى الشام .. فحتى منتصف القرن العشرين هذه القبائل ( وعلى إمتداد تاريخهم ) كانوا يربون أطفالهم على السرقة كمعيار للرجولة .. ولا يهم أن تحل عندهم ضيفا فهم يكرموك حسب الأصول ، وأيضا يسرقونك ( وحتى يغدرون بك ) حسب الأصول الشرعية . وكان ألأمر طبيعيا جدا ، وأنا لا أقصد إلإساءة بالطبع فلكل الفسيفساء القومية والمذهبية قي العراق لها مثالبها ومحاسنها ، ولكن اي باحث في تاريخ المجتمع العراقي يعرف هذا .. وله أسبابه الموضوعية في طبيعة حياة البدو الرحل .
2. حول ( حق ) العامل ، قبل كل شيء ما معنى كلمة الحق والعدالة ..
لعل من أجمل شروحات ماركس هي ما يتعلق بنسبية مفهوم العدالة وإرتباطها بمستوى تطور وسائل وعلاقات ألإنتاج في المجتمع ..
محمد النبي القرشي الذي إستلهم الشرائع البابلية القديمة أعطى لصاحب ألأرض أو رب العمل ( تجارة أو مهن ) نصف الأرباح والفوائد وألنصف الآخر لكل الفلاحين أو العمال المشتغلين في هذه الأرض أو في تلك التجارة والمهنة .. وكان هذا عادلا في تلك ألأوقات بل وأعتبر ثورة ترضي الطبقات المحرومة ( وما زال عادلا بنظر المسلمين الأصوليين ) .. اليوم العدالة تعني أن لا تزيد حصة رب العمل عن معدل القيمة المضافة ومعدلات النمو الإقتصادي و ما يرتبط بها من قيمة الفوائد البنكية .. أي قرابة 2 ـ 10 % ..
كلمة الحق نعني تطبيق العدالة وفق قوانين وشرائع معينة مثبتة سبقا .. ليست هنالك حقوق مطلقة إلهية أو مثالية أخلاقية ( لآنه كما ذكرنا ألأخلاق نفسها تتغير ) .. أولى شرائع العالم المقننة كانت شريعة النمرود وحمورابي في ارض الرافدين في مجتمع دويلات المدن في حضارات النظام العبودي .. ثم ظهرت شرائع في الحضارات ألأخرى القريبة والبعيدة وكلها ضمن النظام العبودي قبل سيادة النظام ألإقطاعي وإيديولوجياته الدينية (وخاصة ألمسيحية والإسلام عندنا ، وغيرها من الأديان في بقاع الآرض الأخرى) ألتي أتت بشرائع جديدة إستلهمت ألشرائع القديمة وحسنتها بإضافة الدلالة على المساواة المبدأية بين البشر ، وعمدتها بأنها مقدسة ثابتة منزلة من السماء طبقة الأيونوسفير ..
ثم جائت الشرائع البرجوازية بعد عصر النهضة الأوربية وألثورة الصناعية وإنتصار الثورات الديموقراطية البرجوازية ألتي أسست لسيادة النظام الراسمالي كما نعرفه ألآن .. ( وأنا بالحقيقة شخصيا أعتبر كلمة أو مصطلح الرأسمالية جامعة لكل مراحل تطور المجتمعات البشرية إنطلاقا من أسباب لا مجال هنا لشرحها ، ولكن هنا أستعمل كلمة الرأسمالية بالمعنى الماركسي المألوف) .. سيادة النظام الرأسمالي وشرائعه إرتقت بمفاهيم العدالة والحقوق والحريات الإنسانية إلى مستويات أعلى من كل ما سبقها .. وتتطور بإضطراد مع تطور الواقع الإقتصادي ألأجتماعي للبشرية جمعاء وخصوصا في ظل العولمة ، وقبلها تقنين هذه الشرائع على المستوى الدولي من خلال عصبة ألأمم والإتفاقات والمعاهدات الدولية ، ومن ثم ألأمم المتحدة ومنظماتها التابعة المتخصصة والمشرعة لأسس ومبادئ القوانين العامة في أغلب مجالات الحياة البشرية : حقوق الإنسان الفرد والقوميات والسياسة الدولية والإقتصاد والتجارة والعلوم والثقافة ألخ .. بحيث أصبحت هذه التشريعات وخاصة من خلال تطبيقها عبر المنظمات و المحاكم الدولية تتجاوز حدود سيادة الدول المنفردة ( وأقصد حتى الدول العظمى المهيمنة إقتصاديا أو عسكريا نتيجة عوامل الردع الجماعي من ألآخرين سواء كان سلبيا أو إيجابيا فعالا مباشرا ) ..

ما أقصده من هذالكلام أننا عندما نستعمل كلمة الشرعية أو المشروعة ، يجب أن نحدد في ذهننا سلفا أي مشروعية نقصد ، حتى لا نقع في الأوهام المثالية الدينية والأخلاقية الخيالية عن كلمة الشرع والقانون والعدالة والحقوق .. لأن أي إستقراء مستقبلي طيب النية لموضوع الشرعية أو عدم الشرعية ، لموقف وتصرف ما سياسي أو إقتصادي وإجتماعي ، بإعتباره إمتدادا لأفضل ما صنعته البشرية عبر تاريخها ، قد يوقعنا ، (قد يوقعنا ) في مطبات تجاهل الواقع الموضوعي وألأفاق الفعلية لإمكانيات تطوره . ولذا بالضبط أنا تجاهلت الحديث عن ما يمكن تسميته الشرعية الإشتراكية ونظراتها الثوروية الحالمة ، التي على ارض الواقع ومن خلال تجارب الشعوب أثبتت أنها ردة مرعبة إلى الفاشية وعصور الظلام العبودي ، وأخرت التطور الطبيعي لمليارات من البشر .

3. لا أعتقد أن كارل ماركس إنحاز للعمال بسبب عدم مشروعية إستيلاء أرباب العمل على فائض القيمة .. فبغض النظر عن المواقف ألإنسانية والدواعي والدوافع الأخلاقية ، مثل هذا الطرح يُفقده قيمته كعالم إقتصاد وكمفكر وفيلسوف . ألأصح إنه إنحاز لطبقة البروليتاريا المتعاظمة العدد وألتأثير في النضالات الإجتماعية في أوربا آنذاك لأنه إعتقد أنها ألقوة القادرة على إحداث التغييرات ألإجتماعية الثورية وألمحرك ألأساس للتطور المستقبلي اللاحق ألذي عليه أن يهدم النظام الرأسمالي ليقيم نظاما جديدا يتوافق مع أحلامه وتطلعاته عن الإشتراكية كما وصفها الطوبويون الأوائل و ألقائمة بالأساس على مفاهيم مثالية عن العدالة ألإجتماعية ، والتي إنتقدها بنفسه ولكنه ظل أسيرا لقيمها ألأخلاقية المضللة ، ولذا نظم وتزعم منذ شبابه عصبة الشيوعيين .. ولكن للأسف ماركس وأنجلز والكثيرون غيرهم من الشيوعيين الأوائل والأواخر وقعوا في خطأ جسيم بإعتبارهم الطبقة العاملة هي المحرك الرئيس للتاريخ في المرحلة الرأسمالية ، ولم ينتبهوا إلى أن الطبقات المعدمة والفقيرة لا يمكنها أبدا أن تقوم بتغييرات إجتماعية جذرية لأنها قصيرة النفس في نضالاتها لعدم وجود موارد مادية ومؤهلات فكرية وثقافية تعينها على إستكمال الطريق حتى لو تسلمت إسميا السلطة السياسية .. بينما الطبقات الوسطى بمؤهلانها الفكرية والمادية على مر التاريخ كانت هي المحرك الأساس لكل التغييرات الحضارية الجذرية التي طالت المجتمع البشري .

وأخيرا
عندما يتحدث ألمعلم يعقوب إبراهامي عن شرعية ألنظام الرأسمالي ، وأوافقه في هذا تماما ، فالمقصود هنا ليس الشرعية القانونية والحقوقية ، بل معنى مجازي المقصود به ما يمكن أن نسميه الشرعية التاريخية ..
أي أن النظام الرأسمالي شرعي لأنه قائما فعليا بشكل موضوعي .. ومن يريد أن ينقض هذه الشرعية فعليه أن يأتي بحكم إلهي من إله السباكيتتي القاعد في مجرة ألفاتسينتافرا .. فلو أن هذا ألإله قرر بأن يحرم كل الرأسماليين وأرباب العمل من أموالهم وسطوتهم ويوزع هذه الأموال والموارد على كل البشر بالتساوي ، وإستطاع أن ينفذ قراره ( ولن يستطيع ) .. حين ذاك ولإختلاف قدرات البشر الذهنية وتباين متطلباتهم وتعارض طموحاتهم ومصالخهم سينشأ من جديد تفاوت طبقي و نظام رأسمالي جنيني .. وربما نتيجة للخبرة الإنسانية المكتسبة والموارد التي تراكمت عندنا سيكون أسرع في تطوره من فترة العشرين ألف عام التي قضيناها حتى نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم ..

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذنا ماجد جمال الدين المحترم
سنان أحمد حقّي ( 2012 / 7 / 11 - 18:40 )
تجدون إنشاء الله ردّنا في مقال منفصل لأنه لنفس السبب طويل وأجد من المتعب نسخه في الحيّز الضيّق المتاح وأناشد موقعنا المرموق أن يُفتّش عن طريقة يوسّع فيها مساحة التعقيب وزيادة حجمها


2 - بدلاَ من فائض القيمة
يعقوب ابراهامي ( 2012 / 7 / 11 - 20:11 )
أنا أرى أن موضوع شرعية الرأسمالية سيحتل على صفحات الحوار المتمدن المكان الذي احتله حتى الآن موضوع فائض القيمة
وشكراً لماجد جمال الدين
نحن في انتظار مساهمة سنان أحمد حقي إنشاء (ان شاء) الله


3 - الشرعية
اسامة على عبد الحليم ( 2012 / 7 / 11 - 20:52 )
تحياتى
اذا كنت سيدى لاتعتبر الماركسية نصا صمدا يقبل الانتقاد باعتبارها بنية حية تنمو وتتطور وقد يسقط منها بعض المقولات وتنبنى فيها اخرى جديدة بحسب فهمنا لها , بدليل ان تخطئي فكرة تقع مكان القلب من النظرية وهى ان الطبقة العاملة هي المحرك الرئيس للتاريخ في المرحلة الرأسمالية, فلماذا تعترض على وجهة تظر السيد سنان والتى اعتبرها محاولة منه للتوفيق فكريا بين الزملاء على اساس ان المنطلقات واخدة بحسب فهمى
اعتقد ان واحدة من معانى ممارسة الماركسية من وجهة نظر تحررنا الوطنى يعنى امكانية ان نتوسع فى استخدام مصطلحات تودى نفس الفهم , (مشروعية) كنموذج وهو وان كان دينيا الا ان الدين جزء من تقافة الجماهير والعمال, والرأسمالية الحالية يمثل الدين كظاهرة جزء من وجهة النظر العامة التى تضفى نوعا من الشرعية على النظام برمته , صحيح ان الماركسية لم تستخدم مثل هذه المصطلحات ولكنها ايضا لاحظت ان لمثل هذه المفاهيم فى الظاهرة الدينية عموما دورها الانتقادى والثورى فى مجمل قضايا النضال من اجل الاشتراكية
مع التقدير


4 - سى ان لاتتحول الشرعيه الى الشريعه الاسلاميه مصدر ك
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2012 / 7 / 11 - 21:48 )
تحياتي اخي استاذ يعقوب المقال رائع ولا انس تهنئة اخونا د علوان بالمعافاة وانا ليس عندي وقت وامكانيه اليوم لكتابة تعليقي و-اضمه-للمستقبل
اذا كتب لنا -تعالى -الحياة لان كل الامور بيدهمثل انشاء-الله-هك
اقول تداعيات مناقشاتنا سليمه رغم ان الناس انتقلوا منها الى ماهو افيد
قبل اكثر من نصف قرن ولكني خايف ان نتحول من الشرعيه الى الشريعة الاسلامية بصفتها مصدر كل تشريع وعندئذ لايبقى لنا الا الانتماء الى جيش المهدي المنتظر وتيار الصدر كما يقترح علينا اخونا وليد عطو-اخاف هذا وليد عطو -صدري-مندس-على المسيحية والشيوعية اتتذكرون ايام اختزال كل التسقيط الوحشي بكلمه صغيره -خط مايل-اعوذ بالعقل من هذه الشرعيات التي وصلت الى عنوان البراءة-الاطفال-والطفوله-وراحوا يسمون بعض الاطفال بانهم غير شرعيين بل نغوله-ولاادري لماذا كان لنين يستعمل الكثير من الفشار مثل ابناء القحبه و و و و في حين اصبحت-الدعاره-في لغة الحضارة الاكثر انسانية تسمى الصناعه السياحية واصبحت اختنا التي كانت تشتغل -على باب الله-في الميدان-ودكان شناوة-ومحلة الذهب-الان اخذت تسمى موظفة سياحيه
هل شاهدتم فيلم-ابدافي يوم الاحد لانتوني ك


5 - ألأستاذ صادق الكحلاوي المحترم والتطور !
ماجد جمال الدين ( 2012 / 7 / 12 - 08:31 )
أتمنى أن تكون في خيرصحة وعافية ، وأن تدع نظراتك التشاؤمية لقادم الأيام مستمتعا بروح النكتة الجميلة عندك ..
(موظفي السياحة ) ذكروني بهذه النكتة القديمة من العهد الملكي . حدث شجار في أحد ملاهي أبو نؤاس فجائت الشرطة ، ضابط التحقيق وكاتبه وأخذوا يستجوبون العاملين هنالك :
- ما أسمك ؟ ، - فلانة .
- ما عملك ؟ ، - فنانة .
- يعني شنو فنانة ؟ - راقصة .
إلتفت المحقق للكاتب وقال سجّل قحبة .
المحقق : ـ وأنت ما إسمك ؟ - فلان
- ما عملك ؟ - ضابط
- يعني شنو ضابط شرطة ؟ عسكري ؟
- لا ، ضابط إيقاع .
- يعني شنو ؟ دنبكجي ؟
- إي
التفت المحقق وقال سجّله قواد .



عزيزي د. صادق ابو حيدر ، أتدري كم تطورنا حتى وصلنا إلى موظفي وموظفات السياحة ..
و دنعل أبو الفن يابو أبو الفن ، كما يقول عزيز علي .
تحياتي القلبية


6 - منافسة
يعقوب ابراهامي ( 2012 / 7 / 12 - 10:16 )
تحياتي الى الدكتور صادق الكحلاوي وماجد جمال الدين
أنا أرى انكم تحاولون منافسة الدكتور علي عجيل منهل. إعلموا أن هذه المحاولة مكتوب لها الفشل مسبقاً

اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد