الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميلاد فصائل المافيا المصرية

عماد عبد الملك بولس

2012 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في العقد الماضي تكوَن في مصر حلف سري غير معلن من رجال الأعمال و السياسيين و المتسلقين لاقتسام ثروات مصر و المتاجرة بكل ما و من فيها، و ساعد علي تكوِن هذا الحلف ترهل و تحلل الدولة ووهنها الشديد الناتجين من تلاشي النظام الإداري الفعال و عجزه عن مواجهة المشاكل الوطنية، بله تعقيدات الحياة اليومية التي زادت بفعل تجاهل العلم و تغليب الـ "فهلوة" و التذاكي و الارتجال و هذه بدورها نتجت من رفض العلم و تغليب مفهوم القوة قبل العقل و الثقة قبل الكفاءة.

ملك هذا الحلف زمام الحكم و تحكم في الاقتصاد و في السياسة و المجتمع، و أقفل باب الوطنية، و علَي مبادئ الفردية و الانتهازية حتي أصبحت الساحة المصرية تعج بالفساد من كل نوع و في شتي مناحي الحياة. و زاد علي هذا رياء و نفاق ادعي للطبقة الجديدة الحاكمة كل أسباب الطهارة و النزاهة و الاستقامة و الوطنية و البر و التقوي و برر لها كل ما تفعله بالبلد بحجة أنها تحافظ عليها انطلاقا من مبدأ ”ليس في الإمكان ..." إلي هنا و لا يعدو الأمر أن يكون فسادا، مهما زاد و علا، إلا أنه يمكن كشفه بسهولة و التعرف عليه كفساد.

أما بعد 25 يناير، و حيث أن الأفضل لم يحدث و لم تجرِ الأمور إلي الصواب أبدا في مصر، فقد تشكلت جماعاتٌ و فصائل تدعي أنها وحدها التي حمت الثورة، و استكملتها و تريد وحدها أن تجني الثمار نيابة عن الشعب الذي كان هو الوقود الحقيقي للثورة قبل أن تُنهب. و تم تهريب السلاح إلي مصر، و تم تكديس الترسانات إلي يوم معلوم، و بدأ استخدام السلاح في أعمال إجرامية فردية، ثم صار التقاتل بالسلاح سمة من سمات الخلافات العائلية أو القبلية أو خلافات الجيرة، و لن يمر وقت طويل حتي تظهر العصابات المسلحة المنظمة التي تفرض سطوتها علي مناطق بأكملها، خاصة و بعض المناطق بها أطماع داخلية و خارجية.

أضف إلي ما سبق، أن التسيب (و ليس الانفلات) الأمني و كثرة السلاح المهرًب، شجع فئات كثيرة من المجتمع الذي كان مسالما علي التسلح.
ينتظر الجميع أن تهدأ الأمور، و الأمور لن تهدأ قريبا إلا بإرادة شعبية مفقودة، فالشعب قد انقسم علي ذاته فرقا متنازعة أو تاه بغير دليل، و زاد من النزاعات أن مبدأ خلق الصراع هو الأداة التي ما زالت تُستخدم في الحكم حتي الآن لإضعاف القوي الثائرة المختلفة.

و بما أن هناك فصيل منظم، خبير بالعمل السري، و لا تنقصه العقيدة الجامعة، و الارتباط المنظم، و المهام الخلوية، و أهم من كل ذلك، الهدف الواحد، و هذا الفصيل الذي كان مقهورا بعض الوقت، هو ذاته الذي سقط صولجان الحكم في يده، فأمام هذا الفصيل طريقان: إما أن يبتلع السلطة كاملة وحده إن بقي في النور ، أو ينزل ثانية تحت الأرض ليصبح المافيا المصرية الأولي بما ورث من فساد و ما أتاه من سلاح، و بما أنه من غير المنتظر، أن يحوز هذا الفصيل علي مقاليد الحكم كلها مرة واحدة – و هو ما يحاوله – فقد يطيح جشعه بمكاسبه ليرتد إلي العمل السري محاولا اقتناص أي غنائم.

و إذا حدث هذا، فلن يكون هذا الفصيل وحيدا، بل ستتكون من حلفائه و أعدائه أيضا فصائل مافيوزية أخري، تسعي إلي مكاسبها هي أيضا. و المافيا هي مجموعة ترتكب الجرائم طمعا في القوة و التسيد و تجمعها عائلة أو رابطة قبلية أو تشكيل علي أساس اجتماعي أو فكري و هذا التشكيل ليس اجراميا بالضرورة من بدء تكوينه، بل هو قد يتحول إلي الإجرام إذا قُهِر و ضُغِطَ عليه و لم يجد منفذا إلا النزول تحت الأرض و تحافظ علي كيانه عقيدته و تنظيمه.

و برغم خبرتنا في التشكيلات العصابية و الإرهابية، إلا أننا لم نعرف المافيا سابقا، و عمق الارتباط بين الأعضاء، و إيمانهم بنفس المعتقدات، و معاداتهم لمن يخالف أهدافهم، مع اعتماد السرية في أعمالهم كلها، و التصميم علي التحكم في الجغرافيا و البشر، هو الذي يميز المافيا عن غيرها.

و أنا للأسف الشديد، أري تكوٌن مافيا حولنا، من فصيلين علي الأقل، كانا يختبئان خلف هتاف "سلمية" حتي الآن، و عقيدتهم السياسية و الجتماعية، لا تسمح لهم بالتراجع، فهل المجتمع المصري علي استعداد لهذه المافيا الآن؟

استعدوا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلاة العيد بين الأنقاض في قطاع غزة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البيان الختامي لقمة سويسرا: تحقيق السلام يستدعي إشراك جميع ا




.. هدنة تكتيكية تثير الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية | #رادار


.. محادثات التهدئة بين شروط هنية وضبابية نتنياهو | #رادار




.. جدل واسع بإسرائيل إثر إعلان الجيش توقفا تكتيكيًّا للعمليات ج