الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليد الواحدة تصفّق !؟

مريم نجمه

2012 / 7 / 11
أوراق كتبت في وعن السجن


اليد الواحدة تصفّق ..!؟
نعم , أجل ..
اليد الواحدة تصفّق
تصفّق وحدها
مع رغيف الخبز
مع قيد الزنزانة
وأفواه الحزانى
بعزم تصفّق .. بوفاء وأمانة
وحدها تصفق ,, في الليالي
في الظلمة .. وشعاع الشفق
مع الفجر للعمل تصفّق.. وللعائلة الصابرة
تتحدّى التعب والسهر والقراءة والكتابة
والمهام والأعباء .


ترتسم مع أنامل الرضيع
قاسية كيد فلاح نشيط ..منيع
كالمنجل .. كالمطرقة
كالسنابل .. كالنحل
عطاء إنتاجاً خصباً وبركة
زيتاً تدرّ وتعصر .. وشهداً للمناحل
دبساً , وخمرًاصيدناوياً , وقرباناً
تيناً وزيتوناً .. للجائعين


هي فلاحة , راعية , عاملة , موظفة , كادحة ومربّية
هي ربة بيت ومدرّسة , وإنسانة
هي مواطنة عادية ..
...

أكاد أتمزّق .. أحترق .. أتفاعل
بذاتي بجمري ..
لرؤية اّلاف الأيدي تصفق وتصفّق
بلا هوادة بمناسبة وبلا مناسبة
أيادي ( مجمّعة ) للتصفيق
في جوقة الجنازة .. والماّتم
صفقّت طويلاً طويلاً للخطاب
للظهور
وهي لا تدري أنها تدعو لعبادة " الوثن الكبير "
وتثبيت الديكتاتور
هي لا تدري أنها تحرق " جندارك العربية "
وماوية الدمشثية
وزنوبيا التدمرية !
في افتراس قدسنا الذهبية
في تدنيس مدننا المقدّسة !!
وفرش الطين والوحل في أرضنا الندية
اّه .. لو رأيت صديقتي أختي هذه المناظر المؤذية الأليمة
في غابات الليل السوداء
في ساحات النضال الدمشقية
في " الجبهات الجديدة التقدمية " !!!
كيف تلاشت الايدي
شلّت
هناك وهنا .. وهنا وهناك
اّلاف الأيادي الأيدي مشلولة
مخدّرة .. مطوية
تحت الإبط
أو في الجيوب
تحت الركبتين
أو وراء الظهر
مثنية للصنم , والصمت
لشكر الهبات والنعم
أو مرفوعة للهو والترف في صالونات الإنتهازية
أو للتسليم بنعم نعم للقائد
وللقصور البرجوازية
دون خجل .. دون وجل مرميّة !


وبعدها ,
يأتي المتخاذلون والإنتهازيون والراكعون
ويلوموننا لرفضنا التصفيق مع مجموع الموظفين الراكعين !؟
" اليد الواحدة لا تصفّق " ... قالوا ويقال
... بقيت يدك وحدها قالوا :
يحرق جلدها السوط , تقطّع تقضم , تقلع أظافرها
يشوى جسدها
تنزّ شرايينها !؟
..

وبقي القلب يمدّها
بعصيره .. بنبيذه .. بلونه
بشعيراته .. لتتفتح كالوردة
ليسقي اللحم المحروق
ويرطب الجروح ويبلسم الأوجاع والعذابات
ولينمّي عظام اليد المتاّكلة هشاشة وبردا
..........

يا ويحكم !؟
يا ويحكم ألى متى تحملوا راية المسح والقمع والشتم والحقدا
ألأنها بقيت وحدها , تصفق وترفع الصوت عالياً في الميدان , رافضة السجود للطاغية ؟
في النيران تفضح وتغني في كل زمان ومكان حتى تساءل الأنس والجان
من أين لها هذه القدرة على الإستمرار ؟ هذه اليد التي تصفق وحدها !؟
إننا قطعنا كل شريان يتصل بها من قريب أو بعيد
وحفرنا الخنادق حولها بيتها إبتداء من الجيران وأبعد دائرة !!
..


لا أحد فكّ الرموز في صفحة يدي
لا أحد قرأ الأبجدية في نيران الموقد
لا أحد جمع شعاع العين في نهار المولد
لا أحد عدّ مسامات الألم في جسدي
ولو حسبت حبات القمح في عطاء بيدري
لو قيست تواترات العزم في شلال أزمتي
وعمري
منذ طفولتي .. وصغري حتى أمومتي
لسقطت وتساقطت كل الفرضيات
كل المقولات
كل التصورات يا عمري ..
..

فأنا , أنا تلميذة الصبر .. والعمل
تلميذة الثورة .. والكتب
أنا تلميذة الثورات والأبطال والمعلمين الكبار والرواد والتاريخ والحقب
أنا المعلمة والمدرسّة والمربية والمناضلة السياسية الوفية في ساحة وطني ..
كيف لا أثق بيدي ؟
وهي كل ذاتي هي دم قلبي
يدي عرق كدحي وسهري وتعبي وعائلتي وصبر أطفالي كبش الفداء هم – حتى الساعة -
يدي رفيقة العمر عمري أنا وإسمي وسيرتي
هي التي مسحت دموع عيني
وعرق جبيني وجراح أضلعي وكتفي وظهري وأقدامي
هي من جمعت شموع احتراقي
كيف لا أثق بيدي ؟
وهي رغيف تنوري وخبز حياتي
وشاي يومي وفطوري وعشائي
هي زهر حديقتي وشجرة حقلي وعريشة داري
هي نجمة ليلي وشعاع صباحي وشمس أيامي
يدي .... هي صليب اّلامي
وعكازة دربي
حملت معي كل أثقالي وأحمالي
كيف لا أثق بها
وهي عيون أطفالي وأنامل الجياع وعذابات اأسر المعتقلين في بلدي
يدي ...
..

هي قناديل الثورة في المذود
يدي
هي من يد الشعب المشرّد
في الخيام وفي التلال
وحقول الزعتر
كانت تعيش ضمنها وفي أنسجتها
هي جزء من علم بلادي ,, وامتداد لملايين الأيادي
التي حرقوها وكبلوها وزنروها بالفحم والدم بالحديد بالسمّ
جمّدوها بالإغاثة وهيأة الأمم
جمدوها بالنعم بالمساعدات بالترغيب بالترهيب بالقصور بالركوع للصنم
وعندما علت الهجمة الشرسة
عندما استبيحت أرضنا المقدسة واحتلوا جولاننا عندما عاملوها كمومسة عندما أصبحت بلادي مدنسة
لم أر سوى يدي
سوى اليد الواحدة تصفق
ترتفع تعلو تعلو
وتقول لا لا لا
للظلم للخيانة للإنتهازية
لا للقيد لا للقمع والإعتقال والسجن
نعم نعم للحرية
نعم نعم للديمقراطية
نعم للإنسان وكرامة الإنسان
نعم للاّراء الحرة للتعددية والديمقراطية ..!
مريم نجمه / دمشق -------1976








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية المساء العطرة
مريم نجمه ( 2012 / 7 / 11 - 19:15 )
تحية المساء العطرة الكاتب الفاضل سيمون خوري

صدقت أخ سيمون العقل المتفتح والإرادة الصلبة تجعل اليد الواحدة تصفّق وتبني وتغيّر الكثير , شكراً لمرورك المفرح صديقنا العزيز ..
مع وافر الصحة والمحبة


2 - الأديبة مريم نجمة المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 7 / 12 - 10:16 )
نعم ، للحرية والديموقراطية وكرامة الإنسان
علمونا أن نقول نعم كالببغاء ، أينما سرنا في طول الوطن وعرضه لم نر كلمة ترددت ككلمة نعم
لكن شتان ما بينها وبين ما هتفتِ به عزيزتي
اسمحي لي أن أنتقي جملة من مقالي ( إن لم تهِبّوا فهِبوا ) وهو لا يتحدث عن أوضاع بلادنا أبداً لكن عن حادث الزلزال الياباني الأخير فأوحى لي بهذه العبارة
العرب .. يديرون خطوبهم بالخطابات ، والشعر والشعارات ، والتصفيق الصفيق !
أليس صحيحاً ؟؟
مع محبتي وتقديري لك وللأستاذ العزيز جريس المحترم


3 - الإنسان ... هذا الكائن المقتدر العجيب
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 12 - 17:09 )
نعم ... اليد الواحدة تصفق
اليد الواحدة تعمل العجائب ، وليس هناك أي حيز لأفكار العاجزين المتكاسلين اليائسين من أن البشر ليسوا بأقل من الإله الذي إبتدعوا فكرته على أساس الكمال
شكراً سيدتي الفاضلة للقصيدة الجميلة
هناك بشر لا يملكون حتى اليد الواحدة ، شاهدتُ شخصين بلا أدرع وبلا سيقان ، أحدهم طفل عمره ربما 4 أو 5 سنوات ، لكنهم معتمدين على أنفسهم و..... سعداء
البشر خلاق وصاحب إرادة وطموح وكائن غريب عندما يُصر على نيل مبتغاه ، لهذا لن أفقد أملي في ربيع حياتي قادم لا أعرف متى ، لكنه قادم لا محالة
محبتي وتحياتي طلعت ميشو


4 - الكاتبة المحترمة ليندا كبرييل ..تحية
مريم نجمه ( 2012 / 7 / 13 - 11:41 )
عزيزتي المجتهدة السيدة ليندا صباحك نقد وتوجيه إيجابي للتطوير والتقدم لوطننا سورية وعلى نطاق البشرية التي ننتمي إليها .... كلامك جواهر وذهب يا المبدعة ( إن لم تهبّوا فهبوا ) , المهم أن يشارك الإنسان في أي كارثة وقعت في وطنه أو مستنقع سياسي موجود فيه , لا أن يبقى واقفاً يتفرّج وعلى الحياد حتى لا تهان فلوسه ورجليه ومكانته , كل حرية وكل ثورة تغيير لا بد من تضحيات مهما كانت صغيرة ستغير الواقع - أعتقد جازمة بأن عهد الببغاءات الذي دام نصف قرن بالتلقين والترهيب في معاهد الفتوة الأسدية المافياوية ( بإسم البعث ) انتهى إلى غير رجعة ,
الشعب عرف طريقه يا صديقتي العزيزة والثورة السورية ماضية في التغيير مهما تاّمروا عليها وحرفوها عن أهدافها - الشابات والشباب العربي يصنع المعجزات والإبداعات - كل يوم .. ومع كل مجزرة ومظاهرة ينبت الأقحوان والربيع -

تسعدني مداخلتك وزيارتك صفحتي صديقتي الراقية ليندا أقدّر تحياتك لنا وأضمك بمحبة ..


5 - الأستاذ الحكيم البابلي المحترم
مريم نجمه ( 2012 / 7 / 13 - 20:05 )
سلام وشكر صديقنا الحكيم الفاضل ..

لمداخلتك الهادفة والمعبرة عن إرادة الإنسان وعطائه اللامحدود عندما يقرر ويصمم وينفّذ ما رسمه واّمن به حقاً كما ذكرت في تعليقك يصنع المعجزات ..
المهم أن الإنسان الحر يثابر و يعتمد على نفسه مع المواكبة على القراءة والمطالعة وتحصين الذات ضد الإغراءات الفاسدة .
يغمرني السلام الداخلي باستحسانكم يا ( أصدقاء الحوار ) الموضوع ومشاركتي نشوة فرح الكلمة والعطاء وبمروركم اللطيف الداعم تزدهر المواضيع ويكبر المنبر أتمنى لكم صديقنا العزيز السيد طلعت ميشو ربيع قريب مزركش التلاوين وصحة عامرة بالنشاط ..
تحياتي وودي

اخر الافلام

.. الإغاثة اللبنانية للعربية: 180 ألف نازح داخل مراكز الإيواء ف


.. يونيسف للعربية: لا مكان آمنا في لبنان




.. أمريكيون يتظاهرون أمام البيت الأبيض للمطالبة بوقف حرب إسرائي


.. ليبيا.. ترحيب بأوامر اعتقال بحق ستة أشخاص متهمين بارتكاب جرا




.. -الخسائر بلبنان غير مقبولة-.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: أو