الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زعامة الزعيم عبد الكريم وسذاجة بعض السياسيين

محمود الوندي
(Mahmmud Khorshid)

2012 / 7 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هنا لا اريد ان اتحدث عن الصفات التي أطلقها على الزعيم عبد الكريم قاسم ، كونه مثالاً للإخلاص الوطني ونزاهة اليد وعفة اللسان وحريصاً على خدمة الشعب العراقي وحبه للطبقات الفقيرة التي كان ينتمي إليها ، ولا اريد اتحدث عن المنجزات التي قام بها لفترة حكمه الوطني والتي إمتدت من 14 تموز عام 1958 والى 8 شباط عام 1963 ) لقد حققت الثورة بالرغم من عمرها القصير الكثير من المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، لصالح شعبنا ) ، ولا اريد اتحدث عنه بانه اصبح رمزا للوطنية والإنسانية لدى العراقيين كونه كرس الجزء الأكبر من حكمه في كيفية رفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة والمسحوقة والتي كان يعج بها المجتمع العراقي . لان قدمتْ الكثير من الأطروحات بشأن حياة الزعيم عبد الكريم قاسم وحول حكمه وإدارته للدولة ، وكتبَ عن منجزاته وإنسانيته ووطنيته ، وكما كتبَ الكثير من المقالات تحت عناوين مختلفة لتمجيد الشهيد عبد الكريم قاسم .
ولا اريد ان اتحدث كيف تعرض الشهيد قاسم الى تأمر من مختلف الجهات الداخلية والخارجية وبالاخص من الدول الاقليمية بمساعدة الدول الغربية ومن خلال دعمهم المستمر لاحزاب قومية واسلامية داخل العراق لإزاحته والقضاء على الإنجازات ثورة 14 تموز " إرضاءاً لأسيادهم على حساب مصلحة الشعب العراقي " ، ولا اتحدث عن نجاح انقلاب 8 شباط الاسود ، الذي دفع الشعب العراقي وقواه الوطنية متمثلا بالحزب الشيوعي العراقي ، الثمن ذلك الانقلاب .
وهنا اتحدث كيفية تشويه سمعة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم وكيفية ان عاد مرة اخرى يبزغ اسمه على الساحة السياسية العراقية ، وكيف الان اخذ بعص المتزلفين يتجارون باسمه وتشبيه حكمه الى حكم حالي والى جانب تسقيطهم بالقوى الوطنية (الذين وقفوا الى جانبه في محنته) ومن عرفوا بنضالهم ضد الانظمة الدكتاتورية السابقة كالشيوعيين واليساريين والديمقراطيين ومن محبي الشهيد عبد الكريم قاسم ، واتهام تلك القوى بمحاولات تعطيل المسيرة الديمقراطية في العراق بعد 2003 لابعاد انظار الناس عن الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات وهياكل الدولة العراقية ، إضافة الى ضحك على ذقون الناس البسطاء .
هناك الثقافة المفلسة روحيا والخالية من موهبة الصدق وحب الانسان ، هي ثقافة الاستسلام لنزوة القائد والتضحية من اجله مهما كان الثمن ، وهذه الثقافة الجديدة التي ظهرت منها مثقف انحاز الى السلطة السياسية ومبرراً لمشروعيتها في ممارسة العنف والقهر الاجتماعي والتعسف السياسي ومن اجل حفنة من الدنانير . فالكثير من المثقفين الذين اصبحوا بمثابة شحاذين في زمن حكم البعث كانوا يغفلون بذكر الدور التي لعبتها الدول المجاورة والاقليمية الذين تكالبوا على الزعيم عبد الكريم قاسم ، ومع دعمهم لكتل سياسية متخلفة ومتضررة من ثورة 14 تموز بصورة مستمرة حتى اسقاطه في احداث انقلاب 8 شباط الدموي والقضاء على الحكم الوطني في العراق . وهذه هي محنة من المحن الكبرى التي واجهها الانسان العراقي في عهد البعث ، ويواجهها في الوقت الحاضر بعد ان ظهروا الوعاظين الجدد الذين وقعوا فريسة الطائفية والاغراءات المادية بحجة انشاء الدولة الديمقراطية في العراق .
لقد حاول الكثير من اعداء الشهيد عبد الكريم قاسم خلط الأوراق وتشويه سمعته امام الاجيال القادمة واتهامه بالانحراف والدكتاتورية ( للعلم فضل الزعيم قاسم مشاركة جميع الأطياف العراقية في السلطة ) ، وتحميله مسؤولية كل المآسي والكوراث التي حلت بالشعب العراقي ، وتنكرهم للتطور الاجتماعي والاقتصادي في العراق في زمن حكمه ، كما حاولوا اسيادهم ان يغييروا اسماء المشاريع التي نفذت في ايام حكمه ومنها مدينة الثورة التي بناها الشهيد قاسم وتغيرت اسمها باسم الرافدين في عهد العارفين ، باسم صدام في زمن حكم البعث وبعد 2003 اي بعد سقوط نظام البعث الى مدينة الصدر لاختفاء اسمه ومنجزاته .
بعد سقوط نظام البعث عام 2003 م عاد اسم عبد الكريم قاسم ليبرز مرة اخرى في الكثير من المحافل الثقافية والاجتماعية كقائد وطني وإنساني ، وفي ساحة عبد الوهاب الغريري ( هو نفس المكان الذي تعرض فيه الزعيم لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1959م ) . حيث أقيم له تمثالا من البرونز بالحجم الطبيعي بتبرعات جماهيرية في مدينة بغداد العاصمة بدون دعم حكومي ، وثم سميت الساحة باسمه ، بالإضافة الى انتشار صوره في الكثير من البيوت والمكاتب وفي الشوارع بحيث دخلت صوره الزعيم ضمن أعلى نسب الاقبال والشراء في العراق وفق احدى استطلاعات الرأي التي أجرتها بعض وسائل الاعلام .
ولم يختفي اسم الشهيد عبد الكريم قاسم عن الذاكرة العراقيين ، لانه حظى إهتمام المثقفين والاكاديمين والمؤرخين من المخلصين للعراق وتاريخيه ، حيث صدرت عنه عشرات الكتب الى جانب الاف المقالات عن اخلاصه للوطن والشعب ، لهذا السبب بقى الزعيم قاسم في قلوب وعقول العراقيين وبالاخص من الجيل الجديد ، وكما بقى رمزاً للإنسانية والنزاهة الى جانب الوطنية . بحيث أنه استشهد ولم يمتلك شيئاً في أية مدينة من مدن العراق ولا في خارج العراق ، لم يكن يضع لشخصه وأي فرد من أفراد عائلته ولأهله وأقربائه أي أعتبار أو محسوبية أمام المسؤولية الوطنية ، وكان بإمكانه أن يفعل ذلك لو يستغل موقعه الرئاسي مثلما فعلها أسلافه من الحكام على حد سواء والى اليوم ..!
وتحاول الآن بعض الواعظين الجدد والتي أفرزوا في العهد الجديد ( ذوي الولاء المطلق لرموز النظام الجديد ) وما بيهم من المتملقين القدامى لتبريئة موقف الطرف الذي ينتمي اليه الآن من قتل الزعيم عبد الكريم قاسم ( لتنطلي تلك الأراجيف والأكاذيب على بعض الاجيال الذين لم يعاصروا تلك الفترة وتضليلهم بماكنة أعلامهم ) ، ويتهم الطرف الآخر من شركائه في الحكومة لتأمره على الزعيم ( هذا الاعتراف الكامل بوطنيته وإنسانيته ) . ومن ناحية اخرى اتهامهم للقوى الوطنية ومنها اليسارية ( الذين وقفوا الى جانب الزعيم في مراحل حكومته ) بمحاولات تعطيل المسيرة الديمقراطية في العراق بعد 2003 ، ليغرقوا المسؤولين الجدد بالأسلوب الرخيص ذاته من المديح . وينكرون بإن القوى الوطنية ومتمثلا بالحزب الشيوعي العراقي وتاريخه النضالي الوطني الناصع الذي دافع بكل قوته عن الشهيد قاسم وحفاظ على منجزاته ، والكفاح من أجل تأمين الديمقراطي الحر للشعب والمستقبل الزاهر للعراق ، كما ساهم بشكل ما في المساعدة بتغير نظام البعث ، بعد ان قدم اروع بطولات التضحية والقافلة من الشهداء .
هؤلاء الوعاظين الجدد يتجاهلون اما يتغافلون عندما شكلت الحكومة الاولى بعد سقوط نظام البعث لم يرحم رئيس الوزراء الأول في العهد الجديد على اوراح الشهداء ثورة 14 تموز عندما رحم على شهداء العراق ، ولا رحم على قائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، كما رحم على المجرمين حزب البعث امثال ( صفية العمري التي قتلت اثناء مؤامرة الشواف التي حاولت افشال العملية السياسية الجديدة في العراق "انذاك" ) ، وكيفية هؤلاء يحاولون تبريئة هذه الاطراف المتهمة باسقاط حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم من تلك التهمة ، ويتغازلون بحبه ووطنيته ، ومن طرف اخر يهاجمون على مناصره ومحبيه من القوى اليسارية والديمقراطية ، وكذلك يتغافلون ايضا بان الحكومة العراقية الجديدة لم تعتبر بان ثورة 14 تموز 1958 المجيدة في العهد الجديد عيدا وطنيا رسميا ، ولم يعتبر ذلك اليوم يوم ميلاد الجمهورية العراقية ، ولم تنصف ضحايا انقلاب 1963 الدموي الذي قام به البعثيون مع مؤيديهم بتصفية الزعيم عبد الكريم قاسم وانصاره ومؤيده ، ولم تقبل الحكومة الجديدة بتبديل العلم البعثي بالعلم ثورة 14 تموز الخالدة ، ولا ادري كيف هؤلاء الوعاظين الجدد يقارون زمنه بهذا الزمن حول تكالب دول الجوار ( السعودية ، ودول الخليج والدول العربية الاخرى ) والقوى الشريرة ومتمثلا بحزب البعث على الحكومة الجديدة ، هي نفسها التي تكالبت على ثورة 14 تموز وقائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، وكيفية يتجاهلون الدور التي لعبت بيها الاحزاب الحاكمة الان الى جانب الدور الأيراني لتعاونها مع الدول العربية والاجنبية في الإطاحة بحكم الزعيم الوطني في 8 شباط الاسود عام 1963 بقيادة حزب البعث . والذي ينكر هذه الحقيقة كأنما يضحك على ذقون العراقيين ، كما يضحك على التاريخ .
بعد اربعة عقود ونيف من الزمن يفرض الزعيم عبدالكريم قاسم نفسه على الساحة السياسية العراقية ، ويبزغ اسمه من جديد مرة اخرى ، ويحتل مكانا مرموقا في قلوب محبيه من العراقيين المخلصين ، وثبت للجميع بانه كان الاكثر من أي حاكم في تاريخ العراق في حب العراق وشعبه ودعمه للفقراء والكادحين ، واستطاعت حكومته أن تقدم إنجازات كبيرة وهامة لا يمكن نكرانها . ولولا اغتياله في 8 شباط الأسود 1963 لأصبح العراق في مصاف الدول المتقدمة الآن ، لقد حقق الزعيم بالرغم من عمره القصير في الحكم من المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية " محدثة ثورة اجتماعية واقتصادية حقيقية في حياة الشعب " ، لم يحققها اي حاكم في الماضي والحاضر ، لصالح شعبنا ، من حيث كرس الجزء الأكبر من حياته في كيفية رفع مستوى معيشة لمكونات الشعب العراقي ، إضافة إلى ما كان يتمتع به من البساطة في المأكل والملبس على عكس معظم الحكام الحاليين الذين يرتدون ملابس مصصمة في فرنسا ومرصعة بالمجوهرات ، ويتفاخرون بالسيارات الفاخرة وطائراتهم الخاصة .. والشواهد على ذلك عديدة ولا يتسع المجال لذكرها بهذه العجالة .
كان من الضروري على الواعظين ، الطلب من الحكومة العراقية التقييم ثورة 14 تموز 1958 وتعتبر بانها في العهد الجديد عيدا وطنيا رسميا ، ويعتبر ذلك اليوم يوم ميلاد الجمهورية العراقية ، لانها ولدت من رحم ثورة 14 تموز محمية بالجماهير ومحروسة منها ، ويطالبون من الحكومة تنصف ضحايا انقلاب 8 شباط الدموي 1963 الذي قام به البعثيون مع مؤيديهم بتصفية الزعيم عبد الكريم قاسم وانصاره ومؤيده ، وثم يقارن بين الحكومتين او الزعيمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب