الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قتل عرفات؟ من قتل قضية فلسطين؟

سمير طاهر

2012 / 7 / 12
القضية الفلسطينية


طالبت "السلطتان" الفلسطينيتان في الضفة الغربية وقطاع غزة باجراء تحقيق دولي في ظروف موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد نشر نتائج تحليلات كيمياوية تفترض أن عرفات مات مسموماً.
صائب عريقات كبير المفاوضين طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية، وقابله أحد قياديي حماس بمطالبة مماثلة. وقد يبدو هذا للبعض نوعاً من التوحد بين الطرفين على قضية مشتركة، ولكنه قد يكون أيضاً نموذجاً لحالات المزايدة السياسية المستمرة بينهما. وفي طبقة أعمق، ربما تفضح هذه الحماسة المشتركة لفتح وحماس إحساسهما المرير المشترك بالفشل السياسي وانعدام أي إنجاز وطني يذكر طوال السنوات الأخيرة وبمسؤوليتهما عن التردي المتواصل للقضية الفلسطينية وحاجتهما – بالتالي – الى إشغال الرأي العام الفلسطيني عن هذه الحقائق بتضخيم قضايا ثانوية يستعرضون فيها بطولاتهم الخطابية ويختبرون فيها قدرة حناجرهم على الصراخ.
الجوهر في الواقع الفلسطيني الراهن هو الملامح الآتية: إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية مستمر؛ وإن سرقة هذه الأراضي عن طريق الاستيطان مستمر؛ وإن قبول سلطة فتح بالأسلوب الحالي - الكوميدي حد الخيال – لمسرحية المفاوضات، حيث تتولى أكبر داعمي إسرائيل، أمريكا، أداء دور الوسيط بينها وبين خصمها بل والتفرد بادارة هذه المفاوضات، يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن وصول القضية الى وضع ميئوس منه؛ وإن رجعية وغوغائية منظمة حماس ألحقت الضرر بالقضية أكثر بكثير مما نفعتها؛ وإن فشل العقل الفلسطيني في إدارة قضيته العادلة، وانشطاره بين أقصى الفساد وأقصى التطرف، لن يؤدي في المستقبل الى شيء أفضل ما أدى إليه حتى اليوم. فاذا وعَيْنا هذا الجوهر فأية أهمية ستتبقى لموضوع مَن قتل عرفات؟ هل يريد العقلاء في "السلطتين" أن يوصلوا إلينا أن إسرائيل لم تقتل نشطاء وزعماء فلسطينيين من قبل وأننا بحاجة الى محكمة دولية لاثبات حالة واحدة منها؟! هل هم حقاً بهذه العبقرية؟ منذ ما قبل إقامة دولتهم والى اليوم والصهاينة يستخدمون القتل الفردي والجماعي كوسيلة عادية وبكل برود دم، فما الجديد؟ وأي "مجتمع دولي" وقف بوجه هذه الجرائم، أو حتى توقف عندها لحظة واحدة؟ وهَبْ أن المحكمة الجنائية الدولية توصلت الى أن إسرائيل قتلت عرفات فماذا سيحصل؟ إذا كان "المجتمع الدولي" كله يعرف ان إسرائيل تسرق وطناً وتقتل أبناءه، و"يدعو" إسرائيل الى التوقف عن هذا وإسرائيل تزدري بكل ذلك وتبصق عليه فماذا سيصنع في قضية قتل عرفات أكثر من "دعوة" إسرائيل الى "عدم تكرار ذلك"؟! ثم، منذ متى كانت حماس تعترف بمؤسسات هذا المجتمع الدولي ومنها المحكمة الجنائية؟ لا شيء سوى المزايدة مع منظمة فتح ما يدفعها الى هذا الاستعراض، والأمر نفسه ينطبق على فتح التي ليس من الغريب أن يكون ممثلها في المفاوضات، عريقات، هو الذي سارع الى وسائل الاعلام ليطالب بتحقيق دولي في القضية، فعريقات بالذات بحاجة ماسة الى مثل هذه الزوبعات بعد فضيحة تفريطه بالحقوق الفلسطينية الأساسية في مفاوضاته مع الاسرائيليين والتي نشرتها بالتفصيل قناة الجزيرة. ان الأشخاص المسؤولين عن تردي القضية الفلسطينية جبناء الى درجة العجز عن الاعتراف بمسؤوليتهم فيتوسلون بقضايا ثانوية للاختباء خلفها. هذا هو كل ما في الأمر. وإلا فان احتمال تورط إسرائيل في قتل الرئيس الفلسطيني وارد ولا يثير الاستغراب وإشاراته كثيرة أشهرها المقطع الذي نشرته الصحافة العالمية في وقتها من حوار جرى بين شارون وبوش الابن حيث أراد شارون ضوءاً أخضر من بوش على قتل عرفات فلم يستحسن بوش الفكرة وخشي من عواقبها فقال لشارون: خلّها على الله! وعندها أجاب شارون مرغّباً: كل ما في الأمر إننا سنساعد الله!
قد يكون الاسرائيليون قتلوا ياسر عرفات. لكن الساسة الفلسطينيين قتلوا فلسطين كلها بتعصبهم وانغلاق أفقهم وحقدهم على بعضهم الى درجة توجيههم السلاح والعداء الى بعضهم البعض بدلاً من توجيهها الى المحتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها