الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس ملاحظات حول صدام الثورتين

حازم صاغيّة

2002 / 9 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 :الأربعاء 25 سبتمبر 2002 03:58

 
1- يبدو الصراع العربي - الأميركي الراهن تتويجاً لصدام بين ثورتين, أو بالأحرى نظامين ثوريين, بالمعنى الأعرض للكلمة.
النظام الثوري الأول هو الذي انطلق مع الناصرية ثم واكبته, أو استجابت له, الثورة الجزائرية والبعث السوري - العراقي والثورة الفلسطينية. وهذا النظام الذي تداخلت ذروته وذروة الحرب الباردة, صوّر الصراع مع (الامبريالية الأميركية) شرطاً شارطاً لتحقيق أهدافه.
النظام الثوري الثاني هو الذي تأسس مع رونالد ريغان, عاملاً على حسم الصراع مع السوفيات وحلفائهم في (العالم الثالث) كائناً ما كان الثمن, وحاملاً الأميركان على تجاوز (عقدة فيتنام) والتقدم في وجهة اقتحامية تخل بالمعادلات التي ظهرت مع انشاء الأمم المتحدة.
2- ليس بلا دلالة ان المواجهة الكبرى اليوم هي بين واشنطن التي ورثت ريغان وفاقمت ثوريته, وبين تعبيرات النظام الثوري العربي ومواقعه: فلسطين, العراق, وبدرجة أقل سورية. وفي هذا الاطار يمكن ايضاً إدخال ايران الثورية التي أدرجت بلادَها في نطاق اشتغال النظام الثوري العربي. وبالمعنى نفسه ليس بلا دلالة ان ما أوحت به الفترة التالية على 11 أيلول (سبتمبر) من صدام بين الثورية الاميركية ومواقع المحافظة العربية, تراجع الى المصاف الثاني البعيد نسبياً.
3- ما حتّم المواجهة وجعلها تأخذ شكلها الدرامي هذا ليس 11 أيلول الذي لا يعدو كونه, في هذه الحال, ذريعة (وذريعة غير مقنعة), بل تطوران مديدان ومعقدان:
أ- نجاح الثورية الاميركية التي هزمت السوفيات وأفادت من ثراء العولمة, في مراكمة قدرات وانتصارات مقلقة: مقلقة لأنها من طبيعة امبراطورية. لأنها, بمعنى ما, نابوليونية بعد قرنين على نابوليون وتصديره ثورته. الوثيقة الايديولوجية الأخيرة للأمن القومي بما فيها من ضمان تفوق عسكري دائم ومن (أممية أميركية مميزة) تقول هذا. انها مقلقة لأنها, من جهة, تملك فائض قوة غير مسبوق وغير قابل للمنافسة, ومن جهة أخرى تفتقر الى الدعوة الكونية الانسانية والعادلة في تعاطيها مع المشكلات الاقليمية والعالمية التي تواجهها.
ب- فشل الثورية العربية المحض في انجاز أي من أهدافها, وترك منطقة الشرق الأوسط نهباً لضعف مقلق بدوره: الفقر, القمع, التوتر الأهلي, التردي العلمي والثقافي, استكمال خسارة فلسطين, عودات تدريجية للوجود الكولونيالي العسكري... الخ.
لهذا ففيما ثبّت جورج دبليو صاحبه ريغان, خلع معمر القذافي وعمر البشير ومحمد خاتمي وعبدالعزيز بوتفليقة, كل بطريقته وبحسب ظروفه, أصحابهم من ذوي التأسيس الراديكالي العربي. (الشذوذ) الساداتي في السبعينات غدا القاعدة لمن يستطيعها.
4- الفارق الهائل بين فائض القوة الذي تتمتع به الثورية الاميركية وانعدام القوة الذي تعانيه الثورية العربية, هو ما يفسر بضع ظاهرات:
أ- ان المعركتين الفلسطينية والعراقية كثيراً ما تلتبسان بالمناشدة الانسانية البحتة (فك الحصار عن المقاطعة, أطفال العراق...).
ب- ان الشرق الأوسط صار المسرح المركزي لعمليات الثورية الاميركية, بعدما كانت أوروبا هي المسرح ابان الحرب الباردة.
ج- ظهور نظرية عسكرية لا تقل عن الضربات الوقائية حيث رقابة الآخرين معدومة على الأخطاء الملازمة بالضرورة, فيما تنهض فلسفة الضربات الوقائية نفسها على الإقرار بتفاوت عميق مصدره امتلاك وسائل القوة, وعلى جعل هذا التفاوت مبدأ (طبيعياً).
في هذا السياق يعمل ضعف عنصر التوسط الأوروبي على تعزيز اندفاعات الثورية الاميركية.
5- ان صدام الثورتين مصدر خطر على الجميع: على الضعيف الذي أضعف نفسه الى هذا الحد, وعلى القوي الذي قوّى نفسه الى هذا الحد. انها حجة وجيهة في يد العقّال, هنا وهناك, من خصوم المبدأ الثوري. لكنها, حتى إشعار آخر, حجة للكتب فحسب.
الحياة اللندنية
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟