الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( وجه)....قصة قصيرة

رغد عبد الزهرة

2012 / 7 / 13
الادب والفن


( وجـــه)....قصة قصيرة


كالمنطوي في ركن ٍ مظلم؛ وحيداً يجتر الهموم, يبدو مقهى( الحاج جاسم) في حي الدورة في بغداد، مقابل أبهة مقهى (البغدادي), الذي ذاع صيتة بسبب عدة انفجارات استهدفته مراراً, ليعاد ترميمه بعد كل أنفجار, بعناد غريب.
حتى ليبدو اليوم غارقاً في لجة من الانوار. تعلو ضحكات رواده - ومعظمهم من الشباب-, وطققة الدومنة, وخشخشة أقداح الشاي, ممزوجة برائحة الشواء العبقة, التي تنطلق مخترقة الأزمنة والمسافات, ضاربة ً ستاراً ضبابياً على الأمس القريب, كأن لم يكن.

أما مقهى (الحاج جاسم), فلا زال مثلما كان يوم أفتتح, لم يتغير به شيء سوى لونه التبني الذي استحال لوناً مزعجاً لا يريح الناظر, وقد يروق لبعض العجائز - ممن أعتادوا قضاء نهاراتهم الفارغة هنا- أن يستغرقوا ساعات وساعات, في تخيل تفسيرات للهيئات التي نحتتها الرطوبة على الجدار.
و إلى يمين المدخل؛ ثمة شاب, يجلسُ وحيداً, مولياً ظهره صوب الباب. بادي الملل, في تطلعه ِ خلال الواجهة الزجاجية القذرة, المغطاة بطبقات سوداء وبنية من ذراق الذباب.
ظل يتثائب ضجراً بين الحين والآخر, كارهاً أن لا تكون بيدهِ حيلة سوى الأنتظار, والتطلع في صورة وجههِ المنعكسة على الزجاج, كأنه شخص آخر يسليهِ في وحدته, و أن لم يكن شخصاً محبباً إلى نفسهِ.
أبدى نفوره من هذا الكائن قبالته؛ سخر من وجههِ الأسمر, المشوه بالبثور, من العينين الجاحظتين, من الكنزة الصوفية الزرقاء التي تدلت إلى الأمام, لكثرة المرات التي حشر رأسه الضخم فيهِ عنوة.

انتبه إلى الشباب على الجانب الآخر, يتدفقون بحيوة إلى مقهى البغدادي. أبتسم مكتئباً, تطلع في زوايا المقهى, لم يرى سوى بضع عجائز , كان أحدهم يقص على رفيقه القصة ذاتها, عن بطولاته الحربية, بينما غط رفيقه في نوم عميق.
أخترقته نظرات عجوز, يجلس وحيداً, ويحرك شفتيه كساحر يلقي تعويذة.
تشاغل عنه؛ بالنظر إلى سطح المائدة, العاري من الأغطية, سوى كوب بلاستيكي, كان أبيضاً يوماً ما.
حدق َ في قعرهِ, الذي ترسبت على حوافاه بقايا الزمن. بدا له كنفق ٍ طويل, كان مضيئاً في البداية, بل وغارقاً في النور, حينما حلَ على حين غرة, ظلام دامس.
حدق َ حوله, محاولاً بجهد بالغ التقاط أيما صورة, لكن دون جدوى. ظل يتعثر, حتى لاحت لهُ أخيراً؛ خيوط نور مرتعشة , نفذت إليه من خلال ثقوب, في باب حديدي قديم, ركله ُ وهو يلتقط أنفاسهُ بصعوبة, كأن ما سُلب منه ُ ليس النور وحسب, بل حتى الهواء.
كاد يتعثر بعربة الخضار الخشبية, والتي ركنت على عجل ٍ, بيد عجوز متعبة, عَدّل َ وضعها, و استدار ليصطدم بنظرات والده ُ البكماء,تحييه, وهو مُقعدٌ على أريكة خشبية, أحترق أحد أركانها منذ زمن بعيد, فاستُعيض عنه ببضع طابوقات.
عبثاً أراد التوقف هناك, أذا بدأ تاريخه الشخصي المثير للسخرية, يعاد أمام عينيه, كفلم فاشل.
سرت في جسدهِ رعدة خفيفة, رفع رأسه ُ ونظر إلى الواجهة, أحتوى بعينيه تلكَ الأسراب البشرية, وهي تعود إلى منازلها , وقد أقترب اولى خطوات الليل.
واجهتهُ عند باب المقهى؛ آية قرانية:
{أن الله مع الصابرين}...
- و نعم بالله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بداية طيبة لمستقبل قصصي تملكين مفاتيحه لو أردتِ
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 13 - 12:09 )
رغد عبد الزهرة
حتماً لك نفساً قصصياً سيتطور مع الزمن ، أرى في قصتك مشروعاً ناجحاً ، ولا أعرف إن كانت هذه بداياتك في القصة القصيرة أم لا ؟ لكنها بداية طيبة ، فقط لو حاولتِ بجهد أكبر أن تنتبهي للأخطاء النحوية والإملائية والتعبيرية التي حتماً تقلل من قيمة القصة وتأثيرها على المتلقي المحترف والعارف
أجمل ما أعجبني في القصة هو كيف قفلتِ أو ختمتِ نهايتها ، وأتمنى أن تكوني قد قصدتيها كما فَهَمتُها ، أي أن الأمثال والحِكِم والآيات لن تُساعد أحداً في إجتياز محنته أو تأخره ورسوبهِ الحياتي ، بل ربما تُزيدها تشويهاً وأتربة وجهلاً وحتى وساخةً وذباباً
إستمري سيدتي في هذا العطاء الجميل ، وصدقيني نجاحك سيكون في الكتابة عن أسباب تأخرنا عن بقية شعوب العالم ، وهذا ما أعجبني في قصتك ، التحدي .. وأن تواجهي بشجاعة وجرأة ما هرب من مواجهته البعض الآخر للأسف الشديد ، وفضلوا أن يناموا مُتْرَبين يأكلهم ذباب الخرافة
تحياتي


2 - الحكيم البابلي
رغد عبد الزهرة ( 2012 / 7 / 14 - 08:01 )
شكراً لتواجدك الملهم , سيدي الكريم, وأنا بالطبع لا أزال في أول المشوار, وسأكون ممتنة لكَ بتزويدي بوجهة نظرك عن الاخطاء التي ترى أن متواجدة في هذا النص.
النهاية مقصودة بلا شك.فلا وجود للصدف هنا, والمقارنة بين الحالين مقصود كذلك.
مودتي اتمنى أن تستمر في تعطير هذه السطور التي اكتبها.


3 - قصة قصيرة معبرة رغم بعض الأخطاء الصغيرة #1
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 14 - 21:43 )
كاتبتنا العزيزة رغد عبد الزهرة
أكرر شكري وإعجابي بقصتك القصيرة ، ولتعلمي بأن باب القصة القصيرة من أصعب الأبواب ولكن ... أمتعها ، وأعتقد سيكون لك شأن كبير في هذا المضمار لو حاولتَ جهدك بجدية وإصرار ودراسة إختصاص لتطوير قابلياتك الشابة
المهم ... طلبتِ مني تزويدك بوجهة نظري عن أو حول الأخطاء الموجودة في قصتك ، وهأ أنذا أقدمها لكِ ، ولمجرد مساعدتك في الإنتباه لها وهي حتماً ستفيدك في الأعمال التالية لكِ ، وصدقيني كلنا يخطأ يومياً ، والوحيد الذي لا يخطأ هو الذي لا يعمل ولا يُنتج ، ولكن ... جميلٌ جداً أن نتساعد في دراسة الأخطاء وتلافيها ثم التصدي لغيرها

طققة الدومنة ، هناك خطأ طباعي في ( طققة) وصحيحها ( طقطقة ) ، كذلك ( الدومنة ) إستعمال شعبي للكلمة ، وفصيحها : الدامِنو أو الدامينو
جملة ( لم يتغير به شيئ ) صحيحها : لم يتغير فيه شيئ
من ذراق الذباب ، صحيحها : من ذرق الذباب
بادي الملل : كنتُ أفضل لو إستعلمتِ : يبدو عليه الملل
حشر رأسه الضخم فيه عنوة ، صحيحها : حشر رأسه الضخم فيها عنوة ، يعني : ( فيها وليس فيه ) لأننا نتكلم عن ( الكنزة الصوفية ) والتي هي مؤنث وليست مُذكر
يتبع رجاءً


4 - قصة قصيرة معبرة رغم بعض الأخطاء الصغيرة # 2
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 14 - 22:24 )
يتدفقون بحيوة إلى مقهى البغدادي (بحيوة) خطأ طباعي صحيحه : بحيوية
تقولين : (سوى كوب بلاستيكي .. الخ) ، كلمة (كوب) أجنبية ، والأصح إستعمال (قدح) مثلاً ، أما (بلاستيكي) فهي أجنبية أيضاً ، ولكن مجمع اللغة العربية لم يُعطينا بديلاً عربياً لها حسب ما أعتقد ، لِذا لا بأس من إستعمالها
تقولين (الذي ترسبت على حوافاه) ، والصحيح : على حوافيهِ ، أو على حافتهِ
لا تستعملي في كتاباتك هذه الفارزة ( , ) ، بل هذه ( ، ) وتجدينها حين تضغطين الحرف الإنكليزي
معاً مع ( شِفت ) ، فتحصلي على الفارزة الصحيحة k
كذلك قللي من إستعمالاتك للفارزة في غير محلها ، وكمثال قولك : ( حدق في قعره ، الذي ترسبت .. الخ) هنا الفارزة لا داعي لها ، لأن الجملة لا زالت متصلة ، وفي قصتك الكثير من الفوارز الزائدة عن اللزوم
تقولين ( وقد إقترب أولى خطوات الليل ) والصحيح : ( لقد إقتربت أولى خطوات الليل ) لأن الخطوات مؤنث وليست مُذكر
وأخيراً ... لم أفهم المعنى أو الدلالة والمغزى لآخر كلمة في المقال ( - ونعم بالله ) !؟ وأكون شاكراً لو شرحتِ لي : ماذا قصدتِِ بها ؟
مرة أخرى أوصيك بتنمية قابلياتك المتبرعمة عن طريق القراءة والدراسة
تحيات


5 - قصة قصيرة معبرة رغم بعض الأخطاء الصغيرة # 2
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 15 - 07:11 )
أرسلتُ تعليقي الثاني منذ ساعات طويلة لكنه لم يظهر ، لِذا أعيد إرساله
كلمة : يتدفقون بحيوة ، صحيحها : يتدفقون بحيوية
جملة : سوى كوب بلاستيكي ..الخ ، كوب كلمة غير عربية ومرادفها ( قدح ) ، أما بلاستيكي فهي أيضاً غير عربية لكن مجمع اللغة لم يعطينا بديلاً لها ، لهذا ممكن إستعمالها
تقولين : الذي ترسبت على حوافاه ، والصحيح : على حافتهِ
لا تستعملي هذه الفارزة ( , ) بل إستعملي هذه الفارزة ( ، ) وذلك بأن تضغطي معاً ( شِفت ) مع الحرف الإنكليزي : كَي أو الكاف الإنكليزية
كذلك أنتِ تستعملين الفارزة في غير محلها بكثرة ، مثال : ( حدق في قعره ، الذي ترسبت .. الخ ) وهنا نجد أن الفارزة غير ضرورية ، لأن الجملة متصلة وليس من داعٍ لتقطيعها
تقولين : وقد إقترب أولى خطوات الليل ، والصحيح : وقد إقتربت أولى خطوات الليل
في نهاية مقالك تقولين : ( - ونعم بالله ) ، لكني لم أفهم المعنى أو المغزى أو الدلالة لهاتين الكلمتين ، فهل من تفسير ؟
مرة أخرى أشد على يدك وأشجعك بعد إحساسي أنك ممكن أن تكوني كاتبة ناجحة للقصة القصيرة لو درستِ وبحثتِ وتمرنت ، والمسألة برمتها : موهبة + إجتهاد شخصي
تحياتي وسأقرأ لك دائماً


6 - سيدي الحكيم
رغد عبد الزهرة ( 2012 / 7 / 15 - 15:09 )
شكري وتقديري لما تبذله من جهد؛
أعترف أني بسبب عجلتي لم أنتبه إلى بعض الاخطاء المطبعية التي أشرت لها مشكوراً.
وملاحظاتك الباقية أفادتني كثيراً.
ممتنة لك جداً..
وشكراً مجدداً.

اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول