الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكنداكة والنظام العام

اسامة على عبد الحليم

2012 / 7 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الكنداكة هو لقب اطلق على ملكات النوبة فى الحضارة المروية القديمة, وهى من اولى الحضارات فى العالم, وهى حضارة التقت مع الحضارة الفرعونية فى مرحلة من التاريخ قبل الميلاد وتلاقحت معها وامتزجت, بل ان بعض ملوكها حكموا مصر كفراعين , حيث يعتبر كل ملوك الاسره السادسة عشر الفرعونية سودانيين, مايكشف ان الفرعونية هى فى الاصل حضارة مشتركة , وان مصر القديمة تدين بالكثير الى الخضارة المروية فى تطورها

وهذا الجانب من التاريخ تواطأ على اخفائه جمع من الجهات, لاسباب غامضة , وهناك اتهامات للمخابرات المصرية فى زمن مبارك على تورطها فى اغتيال الباحثين الذين اوشكوا على حل لغز اللغة المروية وهى اللغة النوبية الاولى وكان هذا من شأنه ان يكشف الكثير من الاسرار التاريخية عن ممالك وادي النيل القديمة ولأحدث هذا نقلة نوعية ضخمة قد تؤدي لاعادة كتابة تاريخ حضارة وادي النيل بصورة مختلفة تماما عما هو معروف عليه الان ,والثورة السودانية بل والانسانية كلها سيكون عليها ان تكشف عمن قتل العلماء وسرق ابحاثهم حول اللغة المروية

وقد حملت لقب الكنداكة مجموعة من الملكات فى نبته لكن ,الكنداكة امانى ريناس هى اول من حمل هذا اللقب بعد ان خلفت زوجها على الحكم بعد وفاته, وهى التى فتحت اسوان , واجبرت الدولة الرومانية عبر المفاوضات التى تلت هزيمتها لهم والتى انتهت الى اتفاق على ترسيم الحدود بين السودان ومصر القديمتين, وقد ثبت انها وضعت رأس تمثال الامبراطور اغسطس فى مدخل احد المعابد بحيث يخطو عليه برجله كل من يرغب فى الدخول, وهذا التمثال الرأس موجود الآن بالمتحف البريطانى

فى جمعة الكنداكة هذه 20يوليو2012 اختار السودانيون هذا الاسم لجمعتهم الرابعة فى الانتفاض على نظام الانقاذ / البشير ,تكريما لذكرى ملكات النوبة العظيمات, وتكريما للمرأة السودانية التى استهدفها هذا النظام بشكل خاص , وبلغ عدد الذين عوقبن بالجلد فى ظل مايسمى بقانون النظام العام مايجاوز الاربعين الف امرأة سودانية, وقانون النظام العام هو مجموعة من مواد القانون الجنائى لسنة 1991 م والذى يعتبر تطورا طبيعيا لقوانين المخلوع نميرى المسماة بقوانين الشريعة الاسلامية لسنة1983م, والتى ثار بسبها الشعب السودانى على نظام نميرى والقى به فى مزبلة التاريخ

وقانون النظام العام والذى يستلهم المفهوم الاكثر عمومية بين المطلحات القانونية وهومفهوم النظام العام , والذى يشمل( العادات والتقاليد والفكر والثقافة والدين والعرف والاخلاق وووالخ) يتيح براحا كبيرا للشرطى و للقاضى فى استنباط تكييفات للوقائع المعروضة , اذا يعتبر مستوجبا للعقاب كل من فعل فعلا مخلاً بالآداب العامة,( إذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.)
وهذه صياغة معيبة , اذ انها عامة وتفتقر الى تعريفات محكمة يتطلبها القانون الحديث اذا كان الغرض هو تحقيق العدالة, لم يرد فى القانون اى تعريف للزى الفاضح أو السلوك الفاضح ولا الآداب حيث تخضع الواقعة المعنية لتقديرات شرطى النظام العامة الذاتية, وقد كان هذا هو المدخل الذى جعل منه القانون الاكثر عدائية للنساء فى السودان, بحجة ارتداء البنطلون او الملابس الضيقة وو...الخ

لقد تعرضت المرأة السودانية المعارضة لنظام الانقاذ الى حملة مدروسة فى التكيل بها , فقد سمعنا لاول مرة عن حوادث اغتصاب تحدث للنساء , داخل المعتقلات, وهى ممارسة مستهجنة وغريبة على اخلاق شعوبنا , وهى تدل على رغبة النظام فى كسر همة وازلال شعبنا فى مسه فى اهم مقومات كرامته والتى هى من كرامة المرأة, ناهيك عن احتجاز مئات الناشطات من السياسيات والإعلاميات فى اماكن مجهولة , بحيث تصبح من تحاكم بمحاكمة ايجازية معيبة تنتهى بجلدها هى الاكثر حظا لكونها لم تقتل او تغتصب
ان اختيار اسم الكنداكة يدل على عبقرية الثورة السودانية , فى استلهام التاريخ واشراقاته التى تبعث الامل فى حق الشعب السودانى فى الحياة الكريمة والحرية والديمقراطية, وفى تجاوز مسالة التعامل برد الفعل مع تصريحات النظام الاستفزازية , ويبدو ان النظام الذى لاحظ ان تسمية الجمعة قبل الفائتة ( جمعة شذاذ الآفاق) وهو المصلح النخبوى الذى استخدمه البشير فى وصف المظاهرات . زان تسمية الجمعة التى تلتلها كان هو جمعة ( لحس الكوع) التى جاءت ردا على تصريخات مستشاره البغيض , ماجعله يسارع الى اضافة وصف مضحك آخر هو ( الشماشة) والذى يعنى المتشردين ظنا منه ان الثورة ستختار هذا الاسم الذى لا يدل الا على سخرية من فئة هى بكل المقاييس ضحية لسيسات هذا النظام الفاشلة

المطلوب الآن من الثورة ان تخافظ على سلميتها , والاستمرار فى استخدام هذا الشعار دائما لتفويت الفرصة على من يرغب فى ضرب الثورة ووصمها بانها تحرك لمجموعة من المخربين, والمطلوب من الاحزاب ان تصبح اكثر ثورية فى الانضمام الى حراك الشباب بشكل اكثر فاعلية وان تتصور ان بامكانها ان تقدم بدائلا فى الحكم الرشيد تتجاوز مفاهيم الليبرالية الجديدة فى بيع القطاع العام وتقليل الانفاق الحكومى فى مجال الخدمات, والجبايات ,واستدعاء الاستثمار الاجنبى. والطلوب من الشرطة والامن والجيش ان يتذكروا ان المتظاهرين هم اهلهم ابناء الشعب من اخوة واخوات وأباء وامهات , ان هذه التظاهرات تستهدف اول ما تستهدف النهوض بالإنسان السودانى وتثبيت حق فى الحياة الكريمة فى ظل الحرية والديمقراطية من اجل الجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه