الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطنون في عزلة/ صورة عن أوضاع فلسطينيي 48

حنان بكير

2012 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


عندما فجّرت القضية الفلسطينية الوعي لدى الأمة العربية على واقع جديد العام 1948، لم يحظ فلسطينيو ال 48 بأي اهتمام. ومن المؤكد صعوبة تصور مرارة السنوات الاولى التي عاشها هؤلاء الفلسطينيون الذين ثبتوا في أرضهم، ووجدوا أنفسهم قلّة معزولة عن محيطها العربي، ووسط نظام غريب ثقافيا وفكريا، مع انقطاع علاقاتهم مع اخوانهم العرب. حيث لم يكن هناك سوى المذياع مصدرهم الرئيسي للحصول على الأنباء، وسماع أخبار ذويهم. كيف عاش أهلنا المتشبثون بأرضهم تلك التجربة، منذ العام 1948 وحتى اليوم؟ هذا ما يجيب عنه الكتاب الشيّق" مواطنون في عزلة".
" حان الوقت لأولئك الذين يرغبون في أن يعيشوا بسلام، ان يكفوا عن تعصبهم العنصري ولو قليلا، وأن يمارسوا العدالة ولو بعض الشيء". هذا المقتطف من بيان ل "جمعية عرب يافا" تصدّر احد فصول كتاب أمينة مينس ونادية حجاب " مواطنون في عزلة، صورة عن أوضاع الفلسطينيين داخل"اسرائيل". والكتاب الواقع 279 صفحة من القطع الكبير هو واحد من أهم الكتب التي صدرت عن فلسطينيي الاراضي المحتلة العام 1948، لكونه اعتمد البحث الميداني، حيث ان المؤلفتين أقامتا كتابهما الصادر في الاصل باللغة الانكليزية على سلسلة واسعة ومتشعبة من المقابلات الشخصية والمشاهدات العيانية، الأمر الذي يجعل من الكتاب صورة صادقة لأوضاع فلسطينيي ال 48 على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعي.
وقد رصد الكتاب في فصله الأول تحت عنوان" البقاء"، الاوضاع التي عاشها فلسطينيو ال 48 بعد النكبة مباشرة، حيث كان عليهم ان يصمدوا في مواجهة عسف اجراءات الحكم العسكري الذي فرضه الاسرائيليون عقب النكبة واستمر حتى العام 1965. وفي هذا الفصل رصد للاتجاهات السياسية الفاعلة بينهم، ما قبل العام 1967، حيث نشط الشيوعيون والقوميون العرب. وكذلك رصد للاتجاهات السياسية بعد العام 1967، حيث بدأت حركة أبناء البلد في "ام الفحم"، بالتركيز على الهوية الفلسطينية. وهو اتجاه تعزز مع ازدياد تأثير الحركة الوطنية الفلسطينية، ونمت بشكل مطّرد صلات قوية بين الفعاليات السياسية والاجتماعية من فلسطينيي ال 48 واخوانهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وترى الكاتبتان ان نقطة التحول الرئيسية في التطور السياسي لقضية فلسطينيي ال 48، قد حدثت ما بين عامي 1975و 1976، إذ أتى يوم الارض بعد وقت قصير من نجاح راكام برئاسة الشاعر توفيق زياد في الحصول على المجلس البلدي في الناصرة.
وتؤكد الكاتبتان ان حصيلة النضال السياسي لفلسطينيي ال 48 أكدت على ان هؤلاء يعتبرون انفسهم "جزءا مكملا" للشعب الفلسطيني، اي انهم نجحوا في معركة البقاء والحفاظ على الهوية، وبناء على ذلك فقد أيدوا بشكل محدود الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشاركوا في بعض محطاتها ومراحلها.
الفصل الثاني وهو بعنوان " المحافظة على الوجود" يعرض لنضال الفلسطينيين في مأسسة عملهم وكفاحهم في الحفاظ على وجودهم، وعلى ما بين ايديهم من الارض التي حاول "الاسرائيليون" باستمرار نزعها منهم، وفي هذا الفصل عرض موسع ودقيق لقضية القرى غير المعترف بها وهي عشرات من التجمعات والقرى الفلسطينية التي ترفض" السلطات الاسرائيلية" الاعتراف بوجودها. وهي بالتالي محرومة من اي نوع من انواع الخدمات. وكذلك عرض لأنشطة لجنة الاربعين التي تكافح من اجل حقوق هذه القرى وسكانها.
خصصت الكاتبتان، الفصل الثالث من كتابهما عن الجهد الذي بذله فلسطينيو ال 48 لتعزيز التطور الاقتصادي والاجتماعي لهم، الى جانب المحافظة على مصدر رزقهم، وهم لذلك شكلوا عشرات الجمعيات المتطوعة، خلال الخمسة عشر عاما الاخيرة لخدمة الجماعة في شتى المجالات كالثقافة والشباب والصحة، وقد بلغ عدد هذه الجمعيات في نهاية الثمانينات، ثمانين جمعية رئيسية لها الكثير من الفروع، وهي تعتمد على نفسها، ولا تتلقى اي مساعدة من "السلطات الحكومية الاسرائيلية". وتبذل هذه الجمعيات دورا كبيرا في مقاومة التمييز العنصري، والمطالبة بالمساواة. كما تقوم بدور بالغ الاهمية على صعيد التعليم والثقافة، وحل مشكلات الشباب، وتغطية العجز في الخدمات لدى المجالس المحلية التي تحرمها" السلطات الاسرائيلية" من الموازنات الكافية للقيام بعملها على الوجه المطلوب.
وقد جاء الفصل الرابع من الكتاب، بمثابة تقييم لهذه الأنشطة، بالاستنتاج ان النضال الذي خاضه فلسطينيو ال 48، ضد سلب الاملاك والتمييز، حقق تقدما هائلا في السنوات الخمس عشرة الاخيرة، وتقول الكاتبتان:" في تصميم دافع فلسطينيو ال48 لتنظيم صفوفهم حول القضايا الاجتماعية، كان هناك تصميم على البقاء وحماية هويتهم العربية الفلسطينية المتميزة، واذا قامت منظمة خاصة بمعالجة اية مشكلة عادية كشبكات المجارير، على سبيل المثال، فإن الجهد المبذول لتنفيذ هذا الموضوع سيتخذ معان اضافية للهوية الثقافية"، وبدا واضحا ان فشل الدولة العبرية في توفير مثل تلك اللباقات كان اكثر من مجرد احتمال بسيط، بل انطوى على ممارسة الضغط النفسي على فلسطينيي ال48 لكي يرحلوا ويتخلوا عن اراضيهم وجذورهم، وليس من الغريب اذن، ان يشرّب فلسطينيو ال48 اجراءاتهم بجدول اعمال مضاد، وتصميم على البقاء والمحافظة على حضارتهم الخاصة" ص127، 128".
ويعرض الكتاب لمقارنة بين انشطة الجمعيات والمؤسسات التي جهدت للانتفاضة في الضفة وغزة، وانشطة الجمعيات والمؤسسات في ال48 التي تكرس جهودها لحماية الوجود الفلسطيني، ومن اجل حقوق الفلسطينيين. وقد خصصت الكاتبتان القسم الثاني من بحثهما القيّم لإعطاء نماذج" بناة المؤسسات" مثل سهام التي ساهمت مع اتحاد نساء عكا العربيات في تأسيس وادارة "دار الطفل العربي" في عكا، وعدنان من يركا في الجليل، عضو لجنة المبادرة الدرزية، والكاتب المسرحي مروان من مجد الكروم، الذي يعمل مع جماعة مسرح الحكواتي، والعامل الاجتماعي اديب من يافا وعضو جمعية عرب يافا وغيرهم.
هذه النماذج تظهر حجم الجهد الذي قام به هؤلاء الرواد، وتعطي صورة دقيقة عن طبيعة الظروف التي يعملون في ظلها والنجاحات الكبرى التي سجلوها.
تبقى الاشارة الى ان الكتاب الذي يعتبر وثيقة هامة بكل المقاييس جاء في ترجمة ضعيفة بعض الشيء، ولم يجر التدقيق في اسماء القرى فنقلت عن اللفظ الانكليزي كما هي، مع ان جهدا صغيرا كان كافيا لتلافي هذه الثغرة، وذلك عبر التدقيق في اسماء القرى من خلال مصدر توثيق فلسطيني.
حنان بكير/مجلة الشاهد أيلول 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منا وفينا
فلسطيني ضفاوي ( 2012 / 7 / 15 - 21:46 )
عرب 48 جزء لا يتجزء من من الشعب الفلسطيني شاء من شاء وابى من ابى


2 - رد للفلسطيني الضفاوي
حنان بكير ( 2012 / 7 / 16 - 06:09 )
أكيد أكيد... لم يستطع الشتات والتبعثر في انحاء العالم من، نزع الفلسطنة من قلوبنا

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب