الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي حيرة!!

مزهر بن مدلول

2012 / 7 / 16
الادب والفن


هي حيرة!!


هي حيرة..
وحيرةُ العاشقِ في جنونه، وخفقان قلبه، وصورة الحبيب تحت عينيه نقية وتهمسُ له بالأرق المزمن..
هي حيرة.. وحيرتي مثل احلامي.. قصائدُ اوجاعٍ، تترددُ في المواويل والأغنيات والشائعات!،
حاولتُ هذه الليلة، ان أرشي الفرح لكي يكون مرتعي، بعد ان اصابني الملل من مشاهدة الطريقة التي احترقتْ فيها جماهيرية القذافي المضحكة!، فأخذني الى ازقة المدينة، التي فاح منها عبير اللحنِ والكلمات، تلك المدينة التي خُلقت لتغني، والتي مهما سافرتُ في مداها لم اصل ابدا..
جلستُ في المقهى المقابل لحديقة الطيور!، ورأيتُ في الزاوية الفلاح الاندلسي (لوركا)، معصوب العينين ويعزف البيانو، وكان محاطا بجمهور الغجر والزنوج والارامل وضباط القصر ووزراء الدولة وجميع الورثة الجاحدين!، فرقصنا يداً بيد على انغام اغنية (روسيتا)، التي ايقظتْ في دواخلنا فيضا من المتع الساحرة، وأنستنا الانشغال بالرواتب السمينة ومحنة البلاد وزمن التعاويذ!، وجعلتنا نحلقُ في السماء بحثا عن النجمة الخضراء!..
وبعد ان تعبتْ اصابع لوركا، وتوقف العزف في المقهى:
ذهبتُ الى (البهو)!، حيث الناس زرافات، واكثرهم من سائقي عربات الخضار ومن اصحاب الجزم البلاستيكية والملابس الخشنة!، كانوا يملئون الكراسي، وعلى وجوههم امارات السرور بانتظار (تاجر البندقية)، وكان شكسبير يقف متأهباً خلف الكواليس، وفي قبضته الكثير من الحنين والحزن والقصائد، التي ولَّدتْ فينا الاحاسيس النبيلة، بأننا ليست كائنات بلا مغزى، وانما نستطيع ان نميز بين قلب التاجر اللئيم (شيلوك) وبين طيبة وكرم (انطونيو)! الذي استطاع باخلاص نادر ان يجمع بين (بوريشا) الجميلة و(بسانيو) العاشق..
لقد غمرني احساسٌ بالسعادة بعد انتهاء العرض المسرحي، وامتلأتْ روحي بالفرح بعد ان كنتُ افتشُ في الفقاعات الصغيرة عن نسمة العواطف!، وكان الاطفال يلتهمون (عرانيس الذرة المسلوقة)! ووجوههم مرتوية بالضحك، مما زاد من حماستي في البحث عن المزيد:
فذهبتُ الى سينما (البطحاء)!، وتمكنتُ من ان ابتاع آخر التذاكر، حيث فلم (التاتينك) الذي سيعرض بعد قليل، والذي اثارتْ دعايته في النفوس الرغبة في مشاهدة السفينة التي اصطدمت بجبل الجليد، فكنتُ وجها لوجه مع لحظة الصراع المثيرة، لحظة ملاحقة الموت ل (كيت وليوناردو)!، حتى اني حين خرجت من السينما، شعرتُ بأن الحياة جميلة وممتعة وتشدو للانسان كشدو الكنارى!:
كان ليل المدينة مضاءا بأكتمال القمر، وملونا بحسن النساء اللواتي يرتدين (التنورات والشورتات)! القصيرة ويتنزهن على كورنيش نهر الفرات، الذي تنتشر على جرفيه البساتين ونوادي الالعاب واللهو والغناء، فتتقهقر جدران عنف الحياة وجفافها امام هذه الالوان المبهجة والنسائم الباردة!،
دخلتُ في حانة هادئة وخافتة النور، وكان فيها عدد من الادباء والشعراء والفنانين ، يقرأون شعرا ل(غوتة)، ويتحدثون عن غرفة (بلزاك) الخالية الاّ منهُ ومن بعض احلامه، وعن العشق وظنون ابي العلاء المعري بالمرأة!،
ثم انتقل بنا الكلام الى فقر (تشيخوف) وتواضعه ومسؤوليته في الحياة، حيث صنع من فقرهِ (غناً في كلّ شيء)، ومن اصابعه السحرية تدفق الجمال المختبئ، فوصل بنا الحوار الى ان نرى بأنّ الذي يحمل في قلبه موهبة الفن الانساني، يحمل في الوقت ذاته، موهبة الشعور بالمسؤولية العظيمة في حب الحياة وكائناتها المتنوعة وفي اكتشاف اعماقها وروعتها،
ومازال الليل طويلا، لكي استقل (المشحوف)، في طريق روحاني! ينحدر نحو الجنوب الدافئ، فقد اشتقتُ الى مدينة (الشيوخ) وقهوتها ورائحة الهيل.. اشتقتُ الى البردي وعطر الحضارة وسمفونية الهور.. اشتقتُ لفتنةِ عينيكِ، وسحر الكلام وللأشياء التي لانستطيع ان نقولها!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش