الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شقشقة في الديمقراطية

جمال الهنداوي

2012 / 7 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في ممارسات الدول التي سبقتنا طويلا في ممارسة الفعل الديمقراطي..كان الادراك الاولي لاهمية التعددية وادارة الاختلاف هو الخطوة الاولى في مسيرة ارساء المجتمع التداولي التعددي الحر..وكانت الشرارة دائما في الاحساس بقيمتها وقيمة رأي المواطن الفرد والاقرار باهمية ازالة الفوارق بين المواطن العادي والبسيط وبين المسؤول الكبير أمام القانون. لذلك نجد أن الديمقراطية قد ساهمت في احترام الحقوق الإنسانية لكافة الأفراد، ومن خلالها اصبح بإمكان أي فرد أن يعترض ويرفض ويعبر عن رأيه بحرية ويختار معتقده بدون خوف أو تردد من القمع أو التصفية.
فعلى الرغم من الاقرار المسبق باولية الديمقراطية في تحقيق الممارسة السياسية والوطنية السليمة و في الديمقراطية,ولكن يجب التسليم باهميتها من حيث كونها حاجة مجتمعية قبل ان تكون ممارسة سياسية,والاكثر اهمية هو انها تستمد شرعيتها ومبررات قيامها من مدى الالتزام الأدبي الذي يفرض على المواطن ووعيه التام بمشاركته في القرارات التي تسعى للتعبير عن الإرادة العامة والتي تستهدف الصالح العام. وتفتح المجال للمنافسة الشريفة بين الأفراد والأحزاب في العمل السياسي.
وهذه الذهنية الديمقراطية لم تنتعش الا بفضل جميع الذين أصرّوا على ممارسة حقهم الواعي بالحياة إصراراً في وجه سلطات مفرطة الوثوقية برسالتها الالهية التي تدعوها للاستئثار بمفاصل الحكم.وكان اصرارهؤلاء الرواد هو النبع الذي اغترفت منه الجماهير المقهورة والتابعة القدرة على الجدال والاحتجاج بحقوقهم السياسية والانسانية مع الذين يقبضون على زمام الموارد الاقتصادية والسياسية والثقافية ومن باب التساوي معهم في مبدأ الحقوق والواجبات..وعلى هذا الأساس فأن الديمقراطية لا تقتصر على مجموعة من الضمانات الدستورية، بل إنها نضال تخوضه ذوات فاعلة،في ثقافتها وبحريتها،ضد هيمنة سلطة النظام.بغض النظر عن انتماءاتها الفئوية والايديولوجية,ومن منطلق الاحساس بالمواطنة الحرة المتساوية..
وهذا الفرد الواعي بمصادر قوته الذاتية,يستند في نضاله من اجل الديمقراطية على حقه الاصيل في التعبير عن ثقافته وذاته الحرة ضمن التعددية المشكلة للمشهد السياسي والاجتماعي للفضاء الوطني الاعم والاشمل.وعدم الوعي بهذه الذات هو المنزلق الاول الذي تتوحل فيه اقدام المجتمع تجاه مهاوي التفرد والاستبداد..
فالمهمة الكبرى للديمقراطية هي مسألة الدفاع عن التنوع ضمن الثقافة الوطنية الجامعة والعمل على تحقيق المناخات المنتجة والمديمة لهذا التنوع.والسعي المستمر الى حماية التعددية الفكرية والثقافية لافراد المجتمع ضمن مظلة الوعي الجمعي بالانتماء الى الاطار الوطني الشامل والجامع,والتفهم المعترف بالخصوصيات الثقافية والمعتنقات الفلسفية لافراد المجتمع,لأن الديمقراطية ستصبح مفهوم فارغ في حالة عدم الاعتراف بتنوع المعتقدات والأصول والآراء والمشاريع وتنكر وخيانة لمبداها الاساس في الجمع بين الوحدة والتنوع، بين الحرية والالتزام.
أن الأنظمة الشمولية والديكتاتورية وذات البعد الواحد، تمارس استبدادها ضد طبقات المجتمع من خلال تغييّب الحريات الشخصية والسياسية،واستهداف التعددية من خلال الترويج لهوية وطنية ملتبسة تمثل متبنيات النظام وتعميمها على كافة اطياف الشعب بحجة الوحدة القومية والوطنية,والتموضع مع هذه الشعارات في مواقع اعلى بكثير من الفضاءات التي تتتح للفرد التمتع بحقه الاصيل في ممارسته الواعية للذات ,وبنفس القدر الذي تمنعه من النقد والتصويب,وادارة الحوار العام حول السياسات والتفضيلات.ويكون المواطن ضمن هذا الاطار من موارد السلطة وممتلكاتها,ومن المكملات لفكرة النظام النقي الموحد..ومن أجل ذلك كان العمل الديمقراطي هو تحرير للأفراد وللجماعات الذين يتحكم بهم منطق السلطة،ولذلك كانت الديمقراطية في الطرف الآخر الاقصى عن سياسات الاقصاء والتفرد ورفض التنوع وقبول الآخر ..وهي النقيض لشعارات التقديس والتمجيد وعبادة الذات الزائفة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيع دراجة استخدمها الرئيس الفرنسي السابق لزيارة عشيقته


.. المتحدث باسم الصليب الأحمر للجزيرة: نظام الرعاية الصحية بغزة




.. قصف إسرائيلي يشعل النيران بمخيم في رفح ويصيب الأهالي بحروق


.. بالخريطة التفاعلية.. توضيح لمنطقة مجزرة رفح التي ادعى جيش ال




.. هيئة البث الإسرائيلية: المنظومة الأمنية قد تتعامل مع طلب حما