الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزيرة وبحاجة وصي لتتزوج!

نايف جفال

2012 / 7 / 17
القضية الفلسطينية



في فلسطين وفي كثير من الدول العربية تتبوأ المرأة أعلى المناصب، وتحوز الدرجات العلمية، وترشح نفسها لتشغل رأس الهرم السياسي، أو تتولى حقيبة وزارية تمكنها من لعب دور فاعل ونشط في سن القوانين، وتطبيقها، وإدارة شؤون الدولة وحدها من دون ولي، لكن من المضحك المحزن عدم تمكنها من اختيار شريك حياتها دون موافقة وليها الشرعي وتوقيعه على عقد الزواج، حتى وإن لم يتوفر الولي المقرب فالقاضي الذكر وليها.
نهج حياتي، وتقاليد اجتماعية، وإجراءات رسمية تخضع لها المرأة الفلسطينية فتقود إلى التقليل من قيمتها الإنسانية، وحضورها وشانها وتعيدها للتصنيف القديم المستجد في كل يوم الذي يضعها في أنماط اجتماعية وادوار محددة مستوحاة من العرف والعادات القبلية التي تكرس هيمنة الرجل وتضعه في المقدمة في كافة المجالات، والتعامل مع المرأة كعنصر يلزمه إثبات الجدارة والتفاني بالعطاء لتأخذ جزءا بسيطا من مكانتها في المجتمع كحق مكتسب وغير مثبت ولا يعمم على باقي النساء، على عكس ما هو متبع مع الرجل.
ادوار مدعومة من المجتمع ومرسخة بالأذهان بفعل الأمثال التي أنتجها المجتمع والتي تصر على ثبات دور المرأة في بيتها والتعاطي مع مكانتها بنوع من "الخجل" بصفتها أنثى.
ضغط وقهر بشتى الطرق والأساليب هدفه الأساسي يصوغه المجتمع بعاداته البالية لإشعار المرأة نفسها بقلة حيلها ووعيها والتقليل من قدرتها بالعطاء والعمل، دون الالتفات للانجازات والأدوار القيمة التي تلعبها المرأة، مما اوجد الكثير من النساء اللواتي يرفضن البحث عن حقوقهن الاجتماعية والوظيفية والقانونية وحتى الأسرية، مما يعود عليهن بالضرر، والغرق في وحل الضياع وعدم المساواة وانعدام التكافؤ الإنساني الذي نصبو إليه.

فلو نظرنا لقانون الأحوال الشخصية المطبق في أراضي الضفة الغربية الموروث من الحكم الأردني، وشبيهه قانون العائلة المطبق في غزة والصادر عن الحاكم العام المصري!، نلاحظ التشريعات القانونية باختلاف مسمياتها والتي تحرم المرأة "البكر" من حقها في إبرام عقد الزواج بنفسها دون تدخل من احد، وتفرض عليها توكيل وليها الشرعي بوكالة شفوية مهما كان وضعه وسنه، وحتى حضورها لإجراءات عقد الزواج يكون صورياً لا أكثر ولا أقل وان حالفها الحظ يمنحها القاضي بعض الاهتمام، أما إذا كان المأذون الشرعي مقربا من العائلة وحضر للبيت ففي الأغلب لا يرى العروس، وعلى النقيض من هذا التشريع تستطيع المرأة الثيّب "المطلقة أو الأرملة" اختيار شريكها وعقد قرانها من دون ولي كائنا من كان، بغض النظر عن عمرها أو الفترة التي أمضتها مع طليقها!!!.
مفارقة عجيبة تظهر مدى الاستخفاف والتمييز في التعامل مع قضايا المرأة، بفعل هذا التناقض الذي يمنح المرأة حقها في بعض الأحيان، ليؤكد من جديد أن التشريعات ليست بعيدة عن النظرة الدونية للمرأة المستمدة من المجتمع السلطوي الذكوري المحصن ببعض التشريعات والدلالات التي تتعارض مع احتياجات وظروف الإنسانية في الوقت الحاضر.
اضطهاد يطفو على السطح في كثير من الأحيان ويظهر عدم امتلاك المرأة لقرارها في قبول زواجها بفعل الضغوط التي تمارس بحقها وتجعلها تخضع للقبول الإجباري، ما يتسبب في العديد من المشاكل التي تعود على الشريكين في المستقبل.
قوانين وتشريعات تتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني الذي يؤكد أن الفلسطينيين أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة، عدا عن مخالفته للكثير من الاتفاقيات الدولية المختصة بشؤون المرأة وعلى رأسها اتفاقية (سيداو) التي تعطي المرأة والرجل الحق بالتساوي في اختيار الشريك وإبرام عقد الزواج بحرية مطلقة.
وهنا تبرز التساؤلات المتعددة حول أهلية المرأة ومكانتها بالمجتمع وصوابية فعلها وقرارها، والى أي مدى يؤثر الموروث القبلي البالي على صياغة القوانين التي تنظم علاقة الفرد بالمجتمع ذكراً كان أم أنثى؟ وما هي الفائدة من التنكر لإقرار قانون الأحوال الشخصية الذي يجمع الكل الفلسطيني؟ والى أي حد يمكن أن نصل في ظل مجتمع ينكر مصالح نصفه الأصيل ويتجاهل رغباته ومصالحه؟
فالحال الفلسطيني في ظل ما يعانيه من قمع وتنكيل إحتلالي مبرمج، يفرض علينا ضرورة تحصين قواعد المجتمع الفلسطيني والتي لا تصح من دون تحرر المرأة من أغلالها وتمكينها من حقوقها مساواةً بالرجل بصفتها حقوقا إنسانية قبل كل شيء، فالمرأة وكما الكل يردد تعد نصف المجتمع ولكي يكون المجتمع صحياً معافى، لا بد من تمكينه من كافة حقوقه ليأخذ دوره في كافة الميادين الحياتية وأهمها في حال شعبنا الفلسطيني، مهمة النضال الوطني لدحر الاحتلال وإنجاز الحرية والاستقلال، التي سجلت خلالها المرأة الفلسطينية إنجازات مجيدة تثبت أهليتها وجدارتها وصلابتها وصبرها وصمودها كما الرجال، فالي أين نتجه؟والى أي مجتمع نصبو؟ وأي نصف مجتمع نريد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب