الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة

نصيف الناصري

2012 / 7 / 17
الادب والفن



صيف يرّصعه النحول





أرص طوال الليل حجارة صوّان فوق قبري .
وأترقب دفء نجمة ، يلقي بثقله على الارهاق
المتعسّف للحاضر . في تلقيحي لشجرة حياتي
المحطمة ، والتي تحاصرها الرهون ، تعصف
بي دوّامات هائلة ، سمها لا يطاق . متحرّراً
من أغلال الماضي وتشظياته المُنهكة ، أشدُّ
على الساعات التي تنفصل عن نوم المرضى .
لا بهاء في المراكب التي تمتلىء بها الشواطىء
المسمّمة للحلم ، ولا أغنية تشملنا بضياء سهامها
العاشقة . العظمة المتبقية للنقيض الذي نراوغ
للافلات من لحظته القائظة ، هي أن نواصل
السير تحت الازهارات الدائمة لثمار صيفنا الذي
يرّصعه النحول ، ونرتقي السلم المائل للهاوية .




قبر ابيقور



نتحسّسُ تحت الندى المحيق بالنهار ، السقوف المطمئنة
لقبور الشيوخ الذين ماتوا خريف العام الماضي .
اصطفينا لابيقور أجمل مكان يزهر فيه الغيظ البشري .
أرض ترهقها تفرعاتها في الرائحة الزكية للفردوس ،
تهتز قناديلها المعرفية وتباعد بين الأمل والألم ، وفقيدنا
العزيز يخبىء في فضاء مخاوفنا ، غيومه الصادحة على
حقول يأسنا التي نتعثر بين أشواكها دائماً . كان يريد أن
نتخلص من الجلادين ، وقال لنا ونحن نشيّعه الى الحديقة
: { ينبغي أن تترجّلوا من موتكم ، لا يأتي الطوفان إلاّ حين
تخربون أنتم المناجم الدافئة للحياة } ، لكن الهدف المشترك
الذي سعينا الى الامساك بجوهره الحاني على لحظات الرغبة
والسرور ، تدمّره سقطاتنا المترنّحة في البئر اللزج لفزعنا من
الفناء . شعاع أخير يبزغ فوق الكرامة الانسانية ، يطوي
الحشرة التي تسير بمحاذاة نومنا ، ويخلصنا من الضنك .




دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة




دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة ، أضاءوا شُعلاً كثيرة في الأبواب
التي يهزّها الغيظ العطوف للزمن . تنقصف الكينونة فقاعة ،
فقاعة ، وهم يتدّربون على على موتهم ، مخاطرين بالنحلة
المرضوضة للموت . صلاتهم مع الوقاوق في نسيم الحديقة المنطفئة للنهار ،
تهدمت من دون طاعة ، والالوهية القت برماح تسلطاتها المهزومة
والمفلولة ، على الصدى المطقطق للروح العفيفة للانسان . في
كلّ بوصلة ، تتلاشى فراشات السجن التي تخاط لها لهفتهم القصوى
للانعتاق . يريدون في اتحادهم بالثابت والمتنقل ، وجوداً أكثر
صفاء من المرايا المتفحصة لحجارة أمراضهم الصلدة . اشارات
يسترجعون في وميضها ، البراثن المشغوفة بالدندنة مع جروحهم
المتثائبة . هائمون في إذلالات دائمة ، يتعفّنون بين نفاية السنوات ،
والساعة القنّاصة للبركان ، تدنو في كل حين من نومهم الكوني .




ما يتهدّدنا



تثب في نومنا إبر أيّام ، تلألأت في مرايا الماضي ، وخمدت تتلّمس
اللحظة الثابتة . نفايات كثيرة تتحرّك صوب النرجس المحظور لحلمنا ،
وتخيّم فوق تنفساتنا التي نتهشّم تحت نعومة شيخوختها . سهم الفضيلة
مضاء بمحاذاة المراكب التي تنّقب عن سأم الغرقى . يتوّجب الآن أن
نطرد الزمن المتلاف لرصائع الأثرياء المتوهجة في حظائر راهننا
المغلق ، ونحنو على سخاء المعرفة . لكلّ ما يتهدّدنا ، حدبات يخفي
فيها قبضته المضرّجة بنرجس حيواتنا . الطلقة المتحّفزة ، تتفاوت في
خياراتها العاطفية ، نسلّم لها العلامة ، ونتمزّق بلا حماسة .




أعداء




يحيط بنا في اخلادنا الى الراحة تحت النسيم القاسي للحلم ،
أعداء تؤازرهم قوانينهم المتنبهة الى عظمتهم . يطلقون صوبنا
خيانتهم وأدناسهم ، فنتآلف معهم ومع خيولهم التي لها حوافر
شبيهة بنوائبنا . أصوات ممزقة في التجربة المريعة ، كنايات ،
نقارعها في حطام النذالات الحيوانية ، والأعداء يستلبون مِنّا
حتى متاع الغرقى ، ولا تفّاحة هرمة تنجو من غضباتهم التي
يرصدها حرّاس المدارس في البراكين . كواكب كثيرة صليّناها
لهم من أجل أن تنهض ضمائرهم من نفاية اجرامها ، لكن خنوعنا
لم يثري توحشاتهم إلاّ السخرية بجثثنا المتساوية في الوداعات .





17 / 7 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر