الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية أصناف ونحن لا نستوعب حتى أسوأ أنواعها

عماد الطائي
فنان تشكيلي

2005 / 2 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لا ادري لماذا لا نستبدل مصطلح الديمقراطية بمصطلح العدالة؟ ربما لان العدالة واحدة من الاحلام التي لم ولن يستطيع الانسان تحقيقها على العكس من المثل الانسانية البسيطة الاخرى مثل الكرم, الوفاء او المروءة حيث استطاع الانسان أن يتعايش مع بعض أشكالها غير انها ما لبثت وتلاشت ولم تعد قابلة للتطبيق. وعلى سبيل المثال لا الحصر لو حاولت ومن باب الكرم ان تعرض ما في بيتك للمحتاجين واهل السبيل لوجدت امامك بعد دقائق كتل من النمل البشري تنظف بيتك من كل شيء, تستولي على كل صغيرة وكبيرة حتى وان لم تكن محتاجة لها وكخطوة ثانية لاختبار مدى كرمك تنتزع هذه الجموع ملابسك من على جسمك ثم تأخذك وأفراد عائلتك لعرضك اما للبيع أو المتاجرة بك كأي خروف او شاة مسكينة!! وبذلك تكون قدوة لمن لا يريد تصديق فكرة إننا نعيش اليوم بمحيط ينقرض فيه كل شيء اسمه مثل وقيم او أخلاق بسبب تربية سيئة لأجيال بكاملها سحق فيها كل ما هو جميل واصيل وبالأخص ما لا ينسجم وقيم القيادة والقائد فأصبح من المستحيل اليوم تحقيق هذه الصور الخارجة عن المثل الاجتماعية. الحديث عن الديمقراطية بين عامة الناس والسياسيون منهم خاصة اصبح في العراق هذه الايام كقميص عثمان الكل يتبجح و يتكلم بها ولكن يندر جدا ان يكون هناك من سأل نفسه اين انا من هذه الديمقراطية؟ وان صح ووجد مثل هؤلاء فحدّث ولا حرج كم من المشاكل والعوائق واجهتهم وتواجههم يوميا فالسياسيون الذين وجدوا في اللقاء والحوار ضالتهم رفضت مشاريعهم او استهين برغباتهم, دعك عن تحول التعامل الايجابي معهم لدى البعض الى حيطة وحذر وذلك من مغبة احتمال احتوائهم او استغلالهم او محاولة إشراكهم بمؤامرة! ويعرف الكثير منا كم هم كثرة الديمقراطيون الذين تأثروا بالاخبار الكاذبة بدلا من اللقاء والتمحيص والأخذ والرد بعيدا عن الاتهامات الباطلة والخروج عن الهدف المرجو أو نحو كشف الحقائق وتقديم مصلحة الوطن على كل شيء؟ وكم سياسي تعرض للاستفزاز أثناء الحوار لكي يخرج عن الموضوع ويصبح فريسة لهواة التخريب وخلق الفتن, فناني تدمير الاجتماعات والندوات وتشويه المواقف التي أصبحت تسلية للعديد من ضعفاء النفوس وسماسرة الساسة الوسخين! كم سياسي يتحدث عن الديمقراطية وهو دكتاتور مع أفراد عائلته واقرب الناس إليه؟ وكم من المتعلمين وذوي الشهادات العالية الذين يعتبرون انفسهم قدوة للمجتمع الديمقراطي وهم من اشد المحرضين على سياسة الثأر والانتقام والرد على الصاع بالصاعين بدلا من اللجوء الى حكم العدالة والقانون؟ ماذا ننتظر من الديمقراطيين الذين يريدون اقتلاع البعث من خلال سياسة التصفية للملايين من العراقيين وبنفس الطرق الفاشية السابقة؟ او الذين يعتبرون مدينة الفلوجة خالية من الابطال الذين عارضوا النظام الفاشي السابق وقدموا الضحايا للتخلص منه. هؤلاء الديمقراطيون الذين يجتثون الاساليب الفاشية من الحياة السياسية عند العراقيين بأساليب مشابهة وبذلك يقيمون بديلا جديداً بالاسم فقط! هؤلاء الديمقراطيون الجدد الذين حاول بعضهم تزوير الانتخابات الاخيرة! أدعياء الديمقراطية والحوار البنّاء, كيف يبرهنون حقيقة ايمانهم؟ هل ينسون نعتهم بالانتهازية او(المصلحية) لمن يتحاور مع خصومهم أو يستمع الى رأي غيرهم؟ لقد اصبح من المألوف جدا ان تتحول الاختلافات بالرأي الى مواقف شخصية عدائية وبالنتيجة الى جفاء وقطيعة غالبا ما تنتهي بعداوات شخصية وتشويه للمواقف بدون أي مسؤولية او التزام أخلاقي؟ فأي ديمقراطية نتحدث عنها؟ كم هم الذين يختلفون في الرأي و محافظون على علاقاتهم الشخصية وصداقتهم؟ وكم عائلة تضررت من اختلاف العقائد السياسية بين افرادها؟ كم من الناس تعرضوا ويتعرضون الى المقاطعة لمجرد انهم يطرحون آراء مخالفة؟ الم يحن الوقت لان نعترف باننا جميعا خالفنا الديمقراطية وخرقنا عمدا ابسط مسلماتها ويجب ان نقدم أنفسنا للمحاسبة قبل ان نوقع اللوم على غيرنا وان نعترف باننا كنا ولازلنا حطب هذه المأساة! الم يحن الوقت لان نعترف كون الاجيال السابقة كانت عن جدارة قدوة بالتسامح وفهم المقابل ومنحه الفرصة لكي يتوصل الى الحقائق بنفسه بعيدا عن التهديد والوعيد والجفاء؟ كانوا ديمقراطيين أكثر منا بدليل انهم رضوا بنا على علاتنا وأحلامنا الخيالية. وتثبت الاحداث اليومية المتلاحقة كون سلوك البعض منا يؤكد إننا ما زلنا نماذج سيئة لتراث التسامح وتقبل المقابل والديمقراطية وإذا كان الحال يبدو على هذه الشاكلة والمسألة تتعلق بآلاف المثقفين العراقيين ذوي الباع الطويل بالتجارب السياسية فكيف الحال بالنسبة للناس الاميّين الذين تربوا على يد عصابات الجريمة والفتن المقبورة. لماذا نعاتب غيرنا وننسى أنفسنا؟ فمن منا دخل مقرات من يعارضنا بالاهداف السياسية او التنظيرات؟ ومن منا زار ولو لمرة على الاقل تجمع اجتماعي مخالف في الرأي او حضر ندوة ليتعرف على الناس الذين يخالفوه. نحن نصدق الاخبار والشائعات دون ان نسأل عن مصادرها ومدى صدق من ينقلها مع ان الغلبة تدعي النزاهة والخبرة الطويلة وتطالب بالديمقراطية أو تدّعي بتقديم مصلحة الوطن فوق كل المصالح الذاتية؟
انتشر خبر( رجل دين) جاز الى الشبيبة المسلمة في اوربا السرقة من المحلات التجارية التي يكون مالكها من غير المسلمين وما لبثت هذه الاسطورة حتى انتشرت في ارجاء كل المعمورة, هذه الكذبة التي تخمرت لتخرج منها فقاعة اكبر تجيز السرقة, التزوير والغش والتحايل والاختلاس من أي جهة او مؤسسة حكومية تقع على ارض غير مسلمة!
اقول الى الذين يريدون بناء عراق متحضر او على الاقل يطمحون باعادة أمجاده السابقة ويدعون المصداقية في نواياهم ان يأتوا على أنفسهم قليلاً ويتحققوا من وجود رجل الدين هذا, من هو واين ومتى؟ وذلك قبل ان نتعامل مع هذه المسرحيات وكأنها حقيقة وواقع؟ لقد آن الأوان لان يكون لدينا من الجرأة والحكمة والصبر لأن لا نعتاش على الاوهام التي تتحول في غالب الاحيان الى اخبار يتناقلها الكثير من السياسيين أوشائعات لا حدود لها ولا نهاية. وعلى سبيل المثال جذب انتباهي تناقل خبر حول تعليمات صدرت عن احد الاحزاب اليسارية في العراق ثبت فيها نص كوميدي مفاده ان للمرأة العراقية حق الخروج وهي عارية! أي تعليمات هذه التي جرى التطبيل لها والتزمير؟ وفي أي صفحة ثبتت وكيف؟ اما تفرض علينا ضمائرنا والسمعة التي يتبجح بها بعضنا لان نترفع عن هذه السفاسف في الامور وان نضع هدف يجمعنا بدلا من ان يجعلنا نضحك على بعضنا وبهذه الطرق الرخيصة؟ اجتماعات سياسية متفرقة يجري تشويهها او تلفيق أهدافها مع ان احدا لم يطلع أصلا على ما جرى داخل اروقتها.وليس من الغريب ان جرى الحديث أحيانا حول اجتماعات لم تعقد أصلا او انه تمت إضافة اسماء على قائمة المشاركين فيها لدرجة انه أضيف اسم شخص متوفى على قائمة حضور واحد من الاجتماعات التي عقدت في اوربا ؟ وأخرها خبر مفاده ان احد الاحزاب الوطنية في بغداد عمم نشرة داخلية دعا فيها الى طرد الاعضاء الذين يعارضون الاحتلال! وهلم جرا من هذه الاخبار الملفقة والتي للأسف تخرج أحيانا من أناس يدعون انهم افضل من غيرهم أو ينتمون وللاسف الشديد لمنظمات واحزاب عانت هي نفسها ولا تزال من الاندساس أوالتخريب ويعول عليها في بناء اسس الديمقراطية في بلادنا وأظن ان الامر اختلف تماما لو ان هذه الاخبار تناولتها جهات سياسية اخرى معروفة ولديها خبرة طويلة في هذه الممارسات.
يكفي ان نكذب على انفسنا وان نصدق ما نحن اختلقناه من أساطير وتلفيقات يكفي ان نزايد على بعضنا فالكلام شيء والفعل شيء آخر.... التنظيرات شيء والتطبيق شيء.... كتابة مقالة شيء وتنظيم الناس وانقاذهم من هذه المحنة شيء. ومن يريد الديمقراطية لبلده عليه ان يجربها ولو لشهر واحد في بيته ليتأكد من مدى الأضرار التي ستلحق به من جراء تطبيقها وان تكون تصريحات السياسيين عن الديمقراطية مصادق عليها من قبل كاتب العدل وبشهود عيان قبل ان تصبح لديهم سلطة فالمحك هذا يختبر مصداقية اكبر السياسيين واكثر الديمقراطيين صراخا فالسلطة تحرق أعظم القادة و تفرز المخلصين لمصلحة تقدم الوطن عن غيرهم, هؤلاء الذين يتحملون تبعات إخلاصهم للديمقراطية وكما قال عالم النفس الشهير بيير داكو " تربية الآخرين تبدأ بتربية الذات... انها قانون لا يعرف الرحمة,قاسِ كقسوة الماس... انها كالطبيب الذي يداوي الناس وهو لا يعرف شيئا عن جسمه!".
عماد الطائي 11 شباط 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي