الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقلية في مواجهة الأغلبية - اللعبة المفضلة لأنظمة الاستبداد

أحمد مولود الطيار

2005 / 2 / 13
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


(1)
اقترحت مرارا على أصدقاء كورد و تحت ضغط الحاجة إلى افتتاح حلقات أو مايشبه القاعات الدرسية لتعليمنا من يرغب نحن العرب اللغة الكردية . لا أخفيكم كنت أعاني جدا و أمثالي كثر من جهلنا باللغة الكردية خاصة اذا كان لديك معارف و صداقات كثيرة في الوسط الكردي .هذا هو الواقع .فالمجتمع السوري نسيج معقد و فسيفساء تتداخل فيه كل الاثنيات و القوميات .
أذكر مرة أنني كنت في زيارة إلى دمشق , استضافني أحد الأصدقاء الكورد في منزله و عند المساء كنت العربي الوحيد في السهرة . أحسست بالحرج فالحديث يجري باللغة الكردية و من حين إلى أخر يفطن الأخوة الأكراد أنني موجود بينهم فيتبادلون بضع كلمات باللغة العربية معتذرين مني و أنا أبتسم مجاملا , أن لا مشكلة و بعد لحظات و بشكل آلي ينسون أنفسهم و يعاودون الحديث ثانية و باللغة الكردية , انقضى أغلب الوقت على هذا المنوال , حديث باللغة الكردية , ثم اعتذار , ثم ابتسام مني و تكاد تنقضي السهرة و أنا أحاول مداراة حرجي بابتسامات بلهاء تارة و التحديق بالسقف تارة و التفرج على مسلسل تافه يعرض على الفضائية السورية تارة أخرى , بعدها استأذنت مضيفي بحجة أنني مرهق من السفر و أود النوم .

(2)
يحدث بين الحين و الأخر أن يسافر أحدهم إلى تركيا و في أثناء تجواله و خاصة في مناطق التواجد العربي,كنت أبادرهم بأسئلة من مثل : ماذا يتحدث القوم عندما يجتمعون ببعضهم , هل يتحدثون اللغة التركية أم اللغة العربية ؟ كذلك, هل يحنون إلى وطنهم الأم سوريا أم أنهم اندمجوا في مجتمعاتهم ؟ما هي انطباعاتهم عن سوريا ؟ و أسئلة كثيرة أخرى ..

(3)
بحدود معرفتي أن الأقليات و بحكم الظروف التاريخية و السياسية تعيش حالة قلق و خوف على مصيرها و مستقبلها , لذلك فهي في حالة رهاب دائم تزداد طردا مع القمع و البطش في ظل أنظمة استبدادية تضرب بعرض الحائط مبادئ و قيم حقوق الإنسان و الأنكى و الأشد خطرا عندما يحاول نظام الاستبداد توظيف الأقلية بمواجهة الأغلبية (و أنا أتحدث هنا عن الأقلية و ألأغلبية بمفومهما الاثني و الطائفي و القومي) .
في سوريا الأربعينيات و الخمسينيات كانت هناك حكومات وطنية و لم يكن هناك تفتت و تذرر يجري في جسم المجتمع , كذلك لم يكن هناك مشكلة عقيدة وطنية , أيضا مفهوم الأغلبية و الأقلية كان حاضرا و بقوة كمفهوم سياسي و أيديولوجي , لا قومي ولا اثني ولا طائفي و لا عشائري .
النظام الاستبدادي و هو في عملية استفراده بالجميع , يضع الجزء مقابل الكل , مقسما الكل إلى أجزاء و الأجزاء إلى جزيئات صغيرة لكي يسهل عليه في النهاية تذريرها و تفتيتها . التشيؤ هذا نتيجة منطقية للاستلاب و الاغتراب اللذان يعيشهما " إنسان " النظام الاستبدادي . المطمح الذي يتشهاه نظام الاستبداد في عملية القسمة تلك يصل اليه و هو ضرب الوحدة الوطنية , من ثم تفكيك و هدم و عملية قسمة أخرى للولاء .
الولاء في ظل أنظمة وطنية ديموقراطية تحترم الإنسان يكون للوطن , و الوطن الذي أقصده هو الذي يعلي من شأن مواطنه , و تاليا أكوام و أكداس الحجر . في نظام الاستبداد عملية الضرب و القسمة ديدنه , يضرب بالإنسان كقيمة عليا عرض الحائط , يوضع القانون على الرف و يسود قانون الغاب و يقسم ولاءات الناس عنوة إلى ولاءات ماقبل وطنية إلى ولاء للعشيرة أو الطائفة أو المذهب حتى يفقد الوطن مضمونه والمجتمع تلاحمه مرتدا به في ظل غياب كلي للقانون إلى مجاهل القرون الوسطى .

(4)
لا يتحدث عرب تركيا إن جازت التسمية بالعربية فيما بينهم و لا يتداولونها إلا لماما و لا نغفل و لن يغيب عن أذهاننا أبدا أن الديموقراطية التركية هي ديموقراطية ناقصة و مثلومة و تحتاج إلا أشياء كثيرة . كذلك يجمع كل من التقاهم و حاورهم و ناقشهم من زائريهم السوريين العرب أنهم لا يرغبون بالعودة إلى سوريا , هكذا يعلنونها و بكل صراحة و بأنهم لا يستطيعون العيش في ظل الفقر و الجوع و القمع و سوء الأحوال على كافة الصعد و المستويات و لن يفرطوا بما حققوه و يستطيعون حسب زعمهم رمي تورغوت أوزال بالحذاء إذا مارس خداعا أو كذب .(أوزال كان يرأس الحكومة التركية عندما تحدث اليّ أحدهم) .
قد يرميهم مزاود أو شوفيني متعصب أو قومجي لا زال يبصم عن ظهر قلب الدروس المدرسية في القومية و حب الأوطان بنقص في عروبتهم و ربما سينعتهم بالخيانة و العمالة . هي ربما ظاهرة تستحق الدراسة من متخصصين , و لكن الأكيد أنها الديموقراطية و العدالة و حكم القانون و التنمية المتوازنة لكافة المناطق التركية , هي التي جعلت مواطني اللواء السليب و كيليكيا يندمجون في مجتمعهم , أضف إلى ذلك المقارنة الغير متكافئة بينهم و بين أخوتهم السوريين على طرف الحدود الأخر.
ليتهما, النظام التركي ينظر بنفس تلك النظرة إلى مواطنيه الأكراد رغم أنه يحاول حاليا تحت ضغط المجموعة الأوربية و استماتته للحاق بركبها . و النظام السوري أن يزيل الحيف و القمع و التمييز عن الكورد خاصة و باقي السوريين بشكل عام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل